من مميزات المذهب المالكي القول بالاجتهاد في تخريج الأحكام والاستنباط على الأصول، يقول الشاطبي في «الموافقات»: «سئل مالك: ما الذي نصنع؟ فقال: تحفظون وتفهمون حتى تستنير قلوبكم ثم لا تحتاجون الى الكتاب». ويقول مالك: «يقع في قلبي إن الحكمة هي الفقه في دين اللّه، وأمر يدخله اللّه في القلوب من رحمته وفضله». وعلى هذا القول سار فقهاء المالكية، وطوروا المذهب بأن خرجوا الأحكام وأفتوا حسب تطور الزمن وظروف الأحداث ووسعوا أفق المذهب، وإن فتاوى علمائنا من أمثال الطاهر بن عاشور وابراهيم الرياحي وغيرهما لتنبثق من اجتهاد يعتمد على ما ذكره الامام المازري الذي يشترط على المفتي أن «يكون قد استبحر في الاطلاع على روايات المذهب، وتأويل الشيوخ لها، وتوجيههم لما وقع فيها من اختلاف ظواهر واختلاف مذاهب وتشبيههم مسائل بمسائل قد يسبق الى النفس تباعدها وتفريقهم بين مسائل ومسائل قد يسبق الى النفس تقاربها وتشابهها».
ويستنتج الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه «مالك، حياته وعصره، آراؤه وفقهه» أن «مذهب مالك رضي اللّه عنه اتصل بالحياة اتصالا وثيقا لأن مخرجيه اجتهدوا في أن يفهموا خصائص الأمور التي يطالبون بها، ومقدار المصلحة في ما يفتون، أو دفع المضرّة فيه وربط ذلك بالأصول العامة فكان مذهبا حيّا يسدّ حاجة الأحياء، وليس مذهبا جامدا يقف عند نصوص السابقين لا يتحرّك عنها قيد أنملة، بل إنه لا يطبق الفقيه نصّا من نصوص المذهب إلا بعد أن يعرف أن الحال التي يطبق النص فيها مشابهة تمام التشابه للحال التي عالجها الفقهاء من قبل (ص 450) أي أن ما يميّز المذهب المالكي حركيته وتجاوبه مع الواقع وتطور العصر ومراعاته للظروف الاجتماعية والزمانية مراعاة الاسلام لها مراعاة تامة.