إن القرآن الكريم يعد أهم مصدر لتفسير كلام الله ومن تفسير القرآن بالقرآن: حمل المجمل على المبين فيه ليفسر به كقوله تعالى:{فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (البقرة:37) فسر الكلمات بقوله تعالى: {قالا ربنا ظلمنا أنفسنا إن لم تغفر لنا و ترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف:23) حمل العام على الخاص:{ليس بأمانيكم و لا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا}. (النساء:123) خصص بقوله تعالى:{و ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم و يعفو عن كثير} (الشورى:30) حمل المطلق على المقيد، كآية التيمم، فقد وردت و لم تعين مقدار ما يمسح من اليدين: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}(المائدة:6) وعند بعض الشافعية حملت هذه الآية على آية الوضوء التي عينت ما يغسل من اليدين:{فاغسلوا وجوهكم و أيديكم إلى المرافق} (المائدة:6) شرح ما جاء مسهبا في موضع لما جاء موجزا في موضع آخر، كقصة موسى و فرعون في سورتي الذاريات و يونس:{وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَاهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ وَهُوَ مُلِيمٌ (40)} (الذاريات: ) ، «ثم بعثنا من بعدهم موسى، و هارون إلى فرعون و ملأه بآياتنا فاستكبروا و كانوا قوما مجرمين75 »(انظر بقية الآيات من 76 إلى 92 من سورة يونس) وتفسير القرآن بالقرآن يستدعي أن يكون المفسر ملما بالقرآن كله في نظرة شاملة حتى يتسنى له جمع ما تكرر منه في موضوع واحد و محور واحد، لمقابلة الآيات بعضها ببعض، و استنباط عادات القرآن من كلمه و نظمه. وبعض السلف تعرض لشيء من ذلك. فعن ابن عباس:« كل كأس في القرآن يراد بها الخمر» ونجد في صحيح البخاري، في تفسير سورة الأنفال: ما سمى الله مطرا في القرآن إلا عذابا. و تسمية العرب الغيث، قال الله تعالى:{و هو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا و ينشر رحمته و هو الولي الحميد}(الشورى: 28) و عن ابن عباس أن كل ما جاء من:«يا أيها الناس» فالمقصود به أهل مكة المشركون. وورد في الكشاف عند تفسير قوله تعالى:{فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون. قال قائل منهم إني كان لي قرين} (الصافات:50و51) .جيء به ماضيا على عادة الله في إخباره. و قد استقرأ فضيلة الشيخ الطاهر بن عاشور عادات كثيرة في اصطلاح القرآن: منها: أن كلمة «هؤلاء» إذا لم يرد عتق بيان يبين المشار اليهم، فإنما يراد بها المشركون من أهل مكة، كقوله تعالى:{أولئك الذين أتيناهم الكتاب و الحكم و النبوءة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين} (الأنعام:89) وقد استوعب أبو البقاء الكفوي في كتاب الكليات ما ورد في القرآن من معاني الكلمات. أما في «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي، فنجد الكثير من ذلك!! وتدخل في هذا النطاق أيضا معرفة الوجوه والنظائر في القرآن. و هذا موضوع حديثنا في لقائنا القادم.