كثيرا ما تسمع آذاننا هذه العبارة: «النصح ثقيل، فلا تجعلوه جبلا.» ولكن من منا يستطيع أن يعيش بهذه العبارة حين يربي وحين يوجه؟ من منا يمكنه أن يتعامل مع أخطاء من حوله برفق ورحمة؟ من منا يمكنه أن يحوز كل وسائل التربية السليمة، ووسائل النصح والإرشاد، ويتعامل بها مع من حوله بمنطق الرفق؟ نعم الرفق. فإذا أردت أن تأسر قلب من توجهه وترشده، فلن تجد طريقا أيسر من الحب والرفق. هذا الطريق الذي سلكه النبي محمد، وغرسه في قلوب أتباعه ومحبيه. الرفق، والرحمة، والحب، سمات تعامل بها النبي مع من كان يوجههم ويرشدهم، فاستطاع بأسلوبه المميز في التربية أن يخرج للعالم جيل الصحابة الذي لم تعرف البشرية جيلا مثله. كان النبي صلى الله عليه وسلم ألين ما يكون حين يوجه ويرشد، فلم يكن يجرح مشاعر من أمامه، ولو كان كافرا، أو مذنبا، أو جاهلا. بل كان يستخدم الأساليب التي تتوافق مع الشخصية التي يتعامل معها والموقف الذي هو فيه. وهذا ما أخبرنا به القرآن الكريم حين قال الله عز وجل: {هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين} [الجمعة:2]. نعم، إنه رسول بعث ليعلم الناس، فلابد وأن يعلمهم بأسلوب يتوافق مع طبيعة البشر. وقد كان النبي أعظم من استخدم أفضل الأساليب في تعليم من حوله. ومن الأساليب التي كان النبي يتعامل بها مع من حوله في التربية والتوجيه.