بعد أزمة الماء الصالح للشراب والانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي وأجور عمال الحضائر وأزمة مستشفى الهادي شاكر تحول الصراع بين حركة النهضة بالخصوص ومعارضيها التقليديين خاصة حول مفهومي المساواة والتكامل المتعلقين بحقوق المرأة. الخطوات الأخيرة في عمل اللجان في ما يتعلق بكتابة الدستور حملت خلافا يتعلق بكيفية المحافظة على مكاسب وحقوق المراة في الدستور الجديد وكالعادة تفاعلت مكونات المجتمع المدني مع هذه القضية بين رافض ومؤيد سواء لمفهوم التكامل بين الرجل والمرأة الذي اقترحته كتلة حركة النهضة في المجلس التأسيسي أو مفهوم المساواة الكاملة الذي تدافع عنه بقية الكتل بمساندة قوية من الجمعيات النسائية والحقوقية وعدد من الأحزاب السياسية.
المساواة الكاملة
السيدة مية الجريبي الأمينة العامة للحزب الجمهوري صرحت خلال ندوة صحفية عقدها حزبها صباح أمس الأول الخميس أن حقوق المرأة مهددة من داخل المجلس التأسيسي ومن خارجه ودعت النساء إلى اليقظة والدفاع عن حقوقهن وخاصة منها المساواة الكاملة مع الرجل في الحقوق والواجبات قائلة «إن مستقبل المرأة ومصيرها في يدها وحدها وهي مدعوة للتحلي باليقظة والدفاع عن حقوقها ومكاسبها في هذه المرحلة الانتقالية».
وفي نفس السياق قالت السيدة آمنة منيف أن المساواة بين الرجل والمرأة لا تراجع عنها ودعت الترويكا وخاصة حزبي التكتل الديمقراطي من احل العمل والحريات والمؤتمر من اجل الجمهورية إلى تحمل مسؤوليتهما التاريخية في ضمان الحريات العامة والخاصة والتصدي لمشروع حركة النهضة التي ترى فيه تراجعا عن البرامج والوعود الانتخابية.
كما يبدو أن الخلاف حول هذه المفاهيم مس داخل الترويكا فقد شارك حزب التكتل في الوقفة الاحتجاجية صباح الخميس أمام المجلس التأسيسي والقى سليم عبد السلام عضو المجلس التأسيسي عن حزب التكتل كلمة نبه فيها إلى مزايدات حركة النهضة حول حقوق المراة والمقدسات من خلال مرجعيات غامضة وقابلة للتأويل مما يهدد حسب قوله مكاسب المرأة. وللإشارة فقد شارك في الوقفة الاحتجاجية المذكورة حزب العمال والحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي الديمقراطي إضافة إلى جمعيات نسائية وبعض ناشطي المجتمع المدني.
التكامل معنى إضافي للمساواة السيد راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة استغرب من المزايدات الحزبية الضيقة لهذا الموضوع مؤكدا أن النهضة لن تتراجع عن مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة وتعتبرهما متكاملين في الحقوق والواجبات والتكامل حسب الغنوشي مفهوما أصيلا بمعنى انه لا رجل بدون امرأة ولا امرأة بدون رجل وهو معنى إضافي لمعنى المساواة كما اعتبر افتعال الموضوع معركة سياسية واهية وتدخل في إطار الحسابات السياسية وتتناقض مع الموضوعية. ويرى كذلك أن أنواعا شتى من المواثيق التونسية تدعم مكاسب المرأة وتصونها.
غير أن بعض الملاحظين يرون في عدم وضوح مقترحات حركة النهضة في موضوع الحريات بأنواعها ما يثير الريبة والشك والخوف من التراجع عنها ويدعون بالتالي إلى أن تكون المفاهيم واضحة ولا تقبل التأويل كما حدث سابقا خاصة أنّ الخطاب واحد.
فلماذا لا تسوى هذه الخلافات داخل اللجان ومن خلال النقاش وتبادل وجهات النظر والبحث عن التوافق والتوجه نحو المشاغل اليومية والمصاعب المختلفة التي يعيشها المواطن ويمثل حلها نجاحا للمرحلة الانتقالية بحكومتها ومعارضتها خاصة أن المصادقة على الدستور النهائي لن تتم في القراءتين إلا بأغلبية الثلثين وهو نصاب لا تمتلكه حركة النهضة منفردة ولمصلحة من افتعال الخلافات حول مفاهيم يتفق حولها غالبية الشعب التونسي في مثل هذه الظروف الصعبة؟ .