رغم التواجد الأمني الكثيف بشارع الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس إلا أن هذا لم يثن نساء تونس عن الاحتفال بعيدهن حيث خرجت الآلاف منهن رافعات شعارات مختلفة للمطالبة بحقهن في المساواة مع الرجل بعد الجدل الذي اثاره الفصل 28 من مسودة الدستور. مسيرات حاشدة شهدتها العاصمة أمس للاحتفال بعيد المرأة التونسية كانت الأولى أمام وزارة الداخلية في إتجاه شارع الحبيب بورقيبة والثانية في شارع محمد الخامس أمام قصر المؤتمرات.
«المرأة التونسية ليست خليجية» «ياغنوشي سيب عليك المرأة التونسية صعيبة عليك» «لسنا بنات آل سعود نحن بنات الطاهر الحداد» «المرأة في الأرياف عزيمة وثبات» «لا للمس بحقوقنا» والمساواة واجب مش مزية» هذه الشعارات وغيرها رفعتها أمس ألاف النساء اللاتي خرجن للإحتفال بعيدهن مطالبات بحقهن في المساواة مع الرجل وإحترام الدستور الجديد لكرامة المرأة.
الرجل حاضر
مسيرات الاحتفال بعيد المرأة لم تكن بطلاتها النساء فقط بل شاركها الرجل حيث تواجد عدد كبير من الشخصيات السياسية وعدد من الأحزاب ومكونات المجتمع المدني نذكر منهم أعضاء من شبكة دستورنا والحزب الجمهوري وحركة نداء تونس وممثلين عن الاتحاد العام التونسي للشغل والجامعة العامة للشغل. الصوت الذكوري كان حاضرا بكثرة وتعالت أصواتهم مطالبين بحرية المرأة وإحترامها ككائن بشري متساو مع الرجل في الحقوق والواجبات رافعين بدورهم شعارات «أمي أحبك، أختي أحبك، زوجتي أحبك، إبنتي أحبك»
اللون الأحمر
لون علم تونس «الأحمر» كسا شارعي الحبيب بورقيبة ومحمد الخامس وإرتفعت البالونات الحمراء والبيضاء في السماء إضافة الى إرتداء عدد من النساء الحاضرات في المسيرات الاحتفالية بعيد المرأة هذا اللون في ملابسهن حتى الشعارات جلها كتبت بلوني العلم لتعبر عن مدى حب سيدات تونس لوطنهن.
شعارات سياسية
«dégage للنهضة» «لا للتعويضات» «لسنا جواري الغنوشي» «شعب تونس فد فد من الطرابلسية الجدد» هذه الشعارات وغيرها رفعت أمس أمام مقر وزارة الداخلية حيث بدأ الحاضرون بالهتاف عاليا «وزارة الداخلية وزارة إرهابية» أمام عدد كبير من قوات الأمن الذين حاولوا السيطرة على الموقف وعدم ردّ الفعل رغم وجود بعض الإستفزازات المباشرة لهم.
كما حاول بعض الحاضرين مواصلة مسيرتهم من أمام وزارة الداخلية نحو المركب التجاري البلمريوم ولكن قوات الأمن منعتهم من ذلك وكانت هناك بعض المشادات الكلامية بين الطرفين انتهت سلمية وللعلم فقد شهد شارع الحبيب بورقيبة تواجدا أمنيا غير مسبوق وكذلك إنتشرت قوات الأمن أمام نزل الهناء وأمام مركب «البالماريوم» وعلى مستوى كل مداخل الشارع.
أمام ساعة شارع الحبيب بورقيبة إمتزجت الأجواء الاحتفالية بالزغاريد والشعارات والغناء والرقص وإشعال الشموع والصراخ عاليا للمناداة بحقوق المرأة حيث صرخت إحدى الحاضرات قائلة «إشهد يا زمان ان المرأة التونسية خنجر في صدر الرجعية» ونفس الأجواء الاحتفالية بشارع محمد الخامس بعيد المرأة العالمي حيث رفعت النساء الحاضرات علىالأعناق إحتفاء بهن حيث قالت ليلى مدب إحدى المتواجدات «لتحيا المرأة التونسية التي أنجبت رجالا رفعوا علم الوطن» ومن جهتها قالت إحدى الناشطات «إن حرية المرأة اليوم أصبحت مهددة كثيرا في ظل حكم النهضة ولكن سيدات تونس لن تسمحن بذلك فهن اللاتي رفعن راية العلم عاليا وستواصلن النضال من أجل إسترجاع حقوقهن».
الفصل 28
«لسنا جواري» هكذا صرخت إحدى النساء الحاضرات في الاحتفال بعيد المرأة مضيفة في نفس السياق «إن حكومة الجبالي تريد إرجاعنا لعصر الظلمات والقهر فقد جئنا لنقول «لا» لدستور لا يحترم المرأة ويعتبرها مكملة للرجل واثر تصريحاتها تعالت الأصوات بأداء التشيد الوطني والصراخ وتكرار نفس الشعارات المنددة بهذا الفصل حيث أثار هذا النص إلتباسا ومخاوف لدى الشارع التونسي ونصه كالآتي «تضمن الدولة حماية حقوق المرأة ومكتسباتها على أساس مبدإ التكامل مع الرجل داخل الأسرة وبوصفها شريكا للرجل في التنمية والوطن».
نساء ونصف «كتبت كتبت فلم يبق حرف، وصفت وصفت فلم يبق وصف أقول إذا بإختصار وأمضى نساء بلادي نساء ونصف» هذا البيت الشعري للصغير أولاد أحمد كان حاضرا بكثافة في مسيرات للإحتفال بعيد المرأة بل ورددته الحاضرات بحب وتأثر كبيرين وهتفن به عاليا عديد المرات وكرره الرجال وراءهن وكأن هذا البيت الشعري إختزل جميع المشاعر ليعبر عن حالة الحاضرات والحاضرين.
سيدات الفقر
سيدات الفقر والكادحات كن حاضرات في هذه المسيرات ولكن ليس للهتاف بحرية المرأة أو الصراخ أو التنديد بحكومة الجبالي بل جئن للعمل فهناك عاملات نظافة إنتشرن في المكان لتنظيفه من الأوساخ وأخريات يبعن المشموم في مقاهي شارع الحبيب بورقيبة في حين تواجدت أيضا بعض المتسولات في المكان وكأنها رسالة أهم بكثير من باقي الرسائل لتقول للجميع «إننا نساء ونصف».