من الأصول السياسية المتعارف عليها في التمثيل النيابي أن يكون النائب صوت جهته.. وان يكون معبرا عن مشاغلها وأن يكون مبلغا لمطالبها الملحة. وحين انتخب التونسيون يوم 23 اكتوبر2011 نوابهم بالمجلس الوطني التأسيسي سواء من ضمن القائمات الحزبية أو المستقلة فقد كان بمثابة التعاقد الضمني أن يكون هؤلاء النواب ممثلين فعلا لنبض جهاتهم ومشاغلهم. وبعد فترة وإن كانت يسيرة من نشاط المجلس الوطني التأسيسي أصيبت عدة جهات بخيبة أمل في نوابها وخاصة منها الشمال الغربي الذي طالما عانى من التهميش والحرمان والنسيان خلال العهد البائد. فمعظم النواب الذين ينتمون إلى الأحزاب قد طغت لديهم النزعة الحزبية على تمثيل جهاتهم وقد تجلى ذلك في مناقشة قرار إعفاء محافظ البنك المركزي مصطفى كمال النابلي، فنواب «الترويكا» كادوا أن يجعلوا منه شيطانا يجب التخلص منه ونواب المعارضة رفعوه إلى درجة الملاك ووصفوه بأنه رجل الدولة الذي لم يجد الزمان بمثله إلى درجة أن مواطني جهات إقليم الشمال الغربي الذين تابعوا هذه الملفات لم يحسوا أن هؤلاء النواب يمثلونهم كما كان منتظرا. أما النواب المستقلون فمنهم من انخرط في لعبة التحالفات والكتل لإثبات وجودهم تحت قبة المجلس التأسيسي ومنهم من انساق وراء بعض الأحزاب والكتل لتحقيق مطامح سياسية شخصية كتولي بعض حقائب ومسؤوليات. ونتيجة لهذا ظل المواطن في جهته ينتظر عبثا نتائج ملموسة تفيد جهته وتساهم في تنميتها خاصة ان النقاشات خارج القبة وداخلها كانت مستفيضة وان الوعود الانتخابية والمشاريع التنموية المعلنة والميزانيات المرصودة كانت كبيرة خلال مناقشة الميزانية التكميلية لسنة 2011 وميزانية 2012. وهذا ما جعل ثقة سكان الجهات الداخلية بنوابهم تتضاءل وطاقاتهم على الصبر تنفدُ شيئا فشيئا مما يوجه رسالة تحذير قوية إلى النواب.. أيها النواب إن قوتكم الحقيقية في القواعد التي تمثلونها لا في السلطة التي تطمحون إليها.