احتضن فضاء الهواء الطلق بالحصن الاسباني بمدينة بنزرت ليلة الاثنين مسامرة رمضانية جاءت بدعوة من المكتب الجهوي لحزب حركة النهضة اثثها كل من الشيخ راشد الغنوشي رئيس الحركة ونائبه الشيخ عبد الفتاح مورو. استغل هذه السهرة الرمضانية المتدخلان الشيخان الجليلان التي تمت بحضور نجم الدين الحمروني مستشار رئيس الحكومة والسادة اعضاء المجلس التأسيسي وتابعها عدد غفير من النهضويين قدموا من كل معتمديات الولاية وبعض ممثلي الجمعيات والاحزاب, لتمرير رسائل متنوعة كل بأسلوبه تقاسما فيها الادوار.الشيخ عبد الفتاح مورو ذكر في بداية تدخله بطريقته بأن تونس عاشت نصف قرن من العهدين البائدين بدون حرية ولا كرامة, فالشعب التونسي بعد وخروج المستعمر عاش مكبلا ومقيدا وهو بالمناسبة يهنئه باسترجاع ما سلب منه من إرادة وحرية بفضل ثورة الكرامة ثم تطرق الشيخ مباشرة الى موضوع الساعة بمناسبة احتفال المرأة بعيدها الوطني حيث اكد انه اقترح على صديقته بشرى بلحاج حميدة ان تسارع بحل جمعية النساء الديمقراطيات لأن المعركة في تونس اليوم ليست بين المرأة والرجل بل بين المجتمع الذي ينشد الحرية والديمقراطية ككل وبين اعداء الديمقراطية ودعاة الرجعية بمختلف انواعهم التي تريد ان ترجعنا الى الوراء اما المساواة المرجوة فيه بين الجميع حسب الاستاذ مورو الذي قال ننشد لبناء مجتمع الجميع فيه سواسية كأسنان المشط لا فرق على حد تعبيره بين الراقصة والمهندس وبين الفلاح والطبيبة, من جهة اخرى توجه الى انصار الحركة وطلب منهم بمزيد التواضع والعمل والاقتراب اكثر من شرائح المجتمع وبالخصوص المتردية أوضاعهم كما كان في السابق دون التعالي لان المجال مجال انجاز وفعل وطالب الشيخ مورو ايضا من ابناء الحركة بفتح الحوار مع ابناء شعبنا مهما عاملونا علينا ان نرد عليهم بالمحبة والاخوة وهو انجع سلاح لمواجهة الاخرين. في هذا الباب أكد ان الاطراف الاخرى لم تهضم بالفعل تواجد حركة النهضة في الحكم وقال «يلزمهم طبيخة قرع باش يهضموا الامر». وفي ختام حديثه تمنى الشيخ مورو لتونس ولأبنائها جميعا المستقبل الطيب. اما من جانبه فقد تطرق الاستاذ راشد الغنوشي في تدخله الى عدة نقاط برؤية اسلامية سياسية ذكر فيها بأن الاسلام هو دين رحمة ورسالة خير الى الانسانية وشهر رمضان المعظم هو شهر العبادة والرحمة والبركة والتقوى وهو شهر مغفرة يوحدنا جميعا وبرنامج النهضة يهدف الى تحقيق مقاصد الاسلام ولا احد يشكك في تديننا والاسلام مرجعيتنا العليا. وركز مرة اخرى على ان الاسلام قائم على الوحدة والتوحيد منا جميعا, خاصة وان الشعب التونسي يمر بمرحلة انتقالية حساسة. واضاف الشيخ راشد الغنوشي بأن الشعب التونسي كان موحدا تحت القمع في السابق كأنه في ثكنة يحكمه ضابط دكتاتوري, لكن بفضل الثورة المباركة اصبحنا احرار ننعم بالحرية والكرامة . لكن من المؤسف ان هذه الحرية تحولت الى فوضى لدى البعض واصبح خطر الفوضى مضر بتونس وبالتنمية بها. مبينا ان البلاد تريد ان تستعيد وحدتها القائمة على التراضي واعتراف الجميع بالجميع مبرزا بأن حركة النهضة جاءت الى الحكم بعد نجاحها في صناديق الاقتراع لكن هناك اصوات في المقابل تريد التشويش عليها .ومن جهة اخرى اكد الشيخ راشد الغنوشي بأن الوحدة لا تتناقض مع التعددية, وحركة النهضة لا يضيق صدرها بالتعدد كما كان يحدث في السابق وذكر مرة اخرى في هذا الشأن بأن تونس لكل ابنائها بكل ألوانهم واطيافهم وتاريخ الاسلام امتاز بهذا التصور التعددي.
بعد هذه الرسائل تطرق الشيخ راشد الغنوشي الى موضوع البطالة والشغل حيث اعتبر بأن ثورتنا وبلادنا تحتاج الى العمل الجاد والفاعل لكن في هذا الشان بدات تطل علينا ظواهر غريبة وسلبية اليوم. فنحن نقر بأن البطالة موجودة. لكن نلاحظ في المقابل غياب اليد العاملة في العديد من القطاعات كالفلاحة, فالفلاح لا يجد من يجمع له الطماطم والزيتون والقمح, خاصة وان بعض المؤسسات الصناعية على غرار النسيج والتي تقدمت الى الحكومة بطلب قصد جلب اليد العاملة من المغرب وساحل العاج وبلدان اخرى, وبذلك تبقى مشكلة البطالة متمثلة في الزهد في العمل,في نفس السياق قال نحن نحتاج لعمل نقابي وطني يشجع على العمل ولا يعطي ذرائع للبطالة ونحتاج لأئمة مساجد يدعون للعمل ويشجعون عليه في هذا الاطار وجه الشيخ راشد الغنوشي نقده الى من يروج بأن النهضة شبيهة بالتجمع مبرزا بأن حركة النهضة قوية ولا تخشى احدا, وهي لم تستغل الحكم ولم تسيطر على الاعلام والتعليم والثقافة كما فعل المخلوع في السابق وحركة النهضة كسبت قلوب الناس والانصار على عكس التجمع بتضحياتها وتضحيات رجالها ونسائها واعتبر ان مقارنة الحركة بالتجمع لا تجوز وغير منطقية لأن الحركة قوية بأنصارها وتعلقهم بها عكس التجمع الذي كان اوهن من بيت العنكبوت وفي هذا الصدد قال ان النهضة حزب قوي وكبير والمطلوب اليوم هو ان توجد كتلة معارضة قوية تنافس النهضة بالبرامج والحجج قبل ان يختم بقوله لسنا خائفين من التجمع الذي لن يعود .بعد الرسائل السابقة تطرق الاستاذ راشد الغنوشي في الختام الى التأكيد على ان النظام البرلماني هو الانسب لتونس مبينا ان النظام البرلماني الموجود في جميع دول اروبا الا في فرنسا. وهنا نتساءل وهل مكتوب علينا ان نتبع فرنسا مضيفا بأن النظام الرئاسي هو مدخل للدكتاتورية مستشهدا في ذات الوقت بنجاح الانظمة البرلمانية في العالم وتكريسها للديمقراطية وسلطة الشعب.