أول ما يثير الانتباه في سيرة وزير الدفاع المصري الجديد عبد الفتاح السيسي وأهمه هو أنه قد خضع سنة 2005 إلى دورة أركان مكثفة حول التحولات الديمقراطية في الشرق الأوسط وذلك في احدى ولايات الولاياتالمتحدةالأمريكية وهاهي بلاده تشهد تحولا ديمقراطيا عميقا وهي التي يعتبر الجيش عمودها الفقري وصمام أمانها والرجل المذكور هو رئيس جهاز المخابرات العسكرية الذي لا تفوته شاردة أو واردة حول حياة وأفكار وعلاقات كل ضباط الجيش وحول العلاقات والأسس التي انبنى عليها خلال العقود الفارطة الأمن القومي المصري كله. وعبد الفتاح السيسي هو أصغر أعضاء المجلس العسكري سنا وفي المجلس الذهبي the golden boy كما كان يطلق عليه وهو من رجلات المشير طنطاوي المقربين جدا وأحد أبرز معاونيه الكبار قبل وبعد «ثورة» مصر، وحتى خلالها حين كلفه بالذهاب الى ميدان التحرير لطمأنة الحشود بأن الجيش سوف يحميها ومنذ ذلك الحين أصبح إسمه يتردد وسط تلك الحشود كضابط وطني ونظيف اليد.
إن هذه السيرة لوزير الدفاع الجديد هي التي توضح ربما ما تم في مصر بشكل مفاجئ خلال الأيام القليلة الفارطة حيث تم تعويض المشير طنطاوي المثبت في منصبه بطريقة رافقتها إشاعات كبيرة وقرارات لا تعد وحسمتها الناطقة الرسمية باسم وزارة الخارجية الأمريكية حينما أكدت بأن التحضير لهذا القرار تم خلال زيارة السيدة هيلاري كلينتون الثانية الى مصر وبتنسيق تام مع المشير طنطاوي الذي بلغ سن التقاعد منذ مدة والذي أرهق جدا من أحداث إدارته لمرحلة ما بعد الثورة والذي يرى بأن الوقت حان للدفع بدماء جديدة داخل المؤسسة العسكرية المصرية.
إن هذا الذي جرى في مصر لا علاقة له البتة بأي انقلاب من الرئيس محمد مرسي على المشير القوي الذي قضى قرابة العشرين سنة على رأس الوزارة والجيش المسلح كله بالسلاح الأمريكي والذي يحصل كل سنة على هبة أمريكية خاصة في حدود1.2 مليار دولار أمريكي وعلى الرغم من أن مصر شهدت تحولا ديمقراطيا أو شكلا من أشكاله إلا أن دور المؤسسة العسكرية فيها سيظل محوريا جدا وما دعوة وزيرة الخارجية الأمريكية بعد تعيين السيسي كوزير للدفاع الحكومة والجيش للعمل معا الا تأكيد على الدور المحوري لمؤسسة عمرها أكثر من 200 سنة وقوتها خارقة فعلا.