رغم الاحتجاجات ودعوات المقاطعة والطرد من القيروان، كان لطفي بوشناق أول أمس على ركح المركب الثقافي بالقيروان وقدم عرضه فأنشد وأطرب وسط حضور جماهيري لم يسبق ان شهده الفضاء في عروض أخرى. المناسبة كانت حفل اختتام مهرجان الأغنية الصوفية والروحية في دورته الاولى بعاصمة الأغالبة القيروان. حيث تمت برمجة عرض ايراني «محراب» يليه عرض لطفي بوشناق. وقد دعت مجموعات محسوبة على التيار السلفي الى مقاطعة عرض بوشناق وطرده لاعتبارات سياسية بدعوى انه «مناشد» ومنع الفرقة الايرانية من تقديم عرضها بدعوى الترويج للصفوية والاعتداء على المقدسات.
وكان من المنتظر ان يتم تقديم العرض الايراني ثم عرض لطفي بوشناق، وكان يخشى ان يمنع بوشناق من اعتلاء الركح والغناء، ولكنه صعد الركح رغم حالة الاضطراب التي بدت عليه وعلى اعضاء هيئة المهرجان وسط حضور امني كبير لمختلف الفرق الامنية التابعة لمنطقة الشرطة بالقيروان وكذلك وسط حضور جماهيري غير مسبوق مكون من العائلات والشبان والكهول ووسط حضور اعلامي ملفت ووسط ديكور ملفت.
بوشناق صعد ركح الهواء الطلق في حفل الاختتام في لباس ابيض. جلس على الكرسي قدم التحية الى الجمهور الذي رد باحسن منها ثم ردد بوشناق ابتهالاته واناشيده فغنى واطرب وامتع واقنع رغم حالة الاضطراب التي بدت على صوته بسبب ما بلغه من احتجاج. ولكنه في الاخير ثبت.
الذين عارضوا قدوم لطفي بوشناق لم يحضروا لطرده ولم يدخل منهم أحد. حيث تم قبيل العرض نشر عريضة ممضاة من جمعيات دينية منها جمعية عبد الله بن ابي زيد القيروان تدعو الى مقاطعة لطفي بوشناق وطرده من القيروان لانه «مناشد» حسب قولهم. ولكنهم لم يحضروا لتنفيذ ما توعدوا به. وسط حضور امني شديد. بينما حضر المحتجون على الوجود الايراني داعين المنظمين والجهات الامنية الى إلغاء العرض بدعوى انه مشبوه ويروج للصفوية ويعتدي على المقدسات.
وقال عبد اللطيف الرمضاني مدير المهرجان انه تعذر على الفرقة الايرانية الحضور للتمارين وتقديم العرض مؤكدا ان السلط الجهوية كانت متمسكة بتنفيذ العرض ولكن الايرانيين لم يحضروا.
ارادة الفن رغم التهديد
واكد عضو الجمعية التي نظمت المسيرة ضد الايرانيين ان احتجاجهم ليس ضد حضور لطفي بوشناق. وقد نظموا بالتوازي مع عرض بوشناق خيمة دعوية في ساحة الشهداء على مقربة عشرات الامتار من المركب الثقافي الذي حاصرته معروضات سوق العيد بينما كان مئات المواطنين يتجولون في السوق خاليي الذهن مما يحدث في المركب الثقافي وفي ساحة الشهداء همهم اقتناء كسوة العيد للاطفال والعيش بسلام.
قدم بوشناق وصلاته الموسيقية وامتع الجمهور بصوته الذي زين الابتهالات الدينية التي لم يسمعها من رغب في طرده رغم انتسابهم الى جمعيات دينية. وانتصرت إرادة الابداع وإرادة هيئة المهرجان والفنان وقدموا للقيروان حفل ختام زاد مهرجان الأغنية الصوفية رصيدا في النجاح على جميع المستويات التنظيمية والفنية ومن حيث التجوال بين الفضاءات. وذلك رغم ضيق الوقت. حيث امتد المهرجان لمدة 6 أيام فقط كانت كافية لترفع اسهم القيروان ولتحسن الصورة التي يريد دعاة العنف الى تمريرها.
لا للفتنة، نعم للابداع
والملفت للانتباه ان عناصر الجمعية الذين احتجوا على الفرقة الإيرانية وهم محسوبون على التيار السلفي لم يدعوا الى العنف وشددوا على ضرورة وأد الفتنة. وبينوا أن رسالتهم ليست ضد الإبداع حسب قولهم وانما ضد فرقة ايرانية قالوا ان أعضاءها من المسؤولون في النظام الايراني ومنهم نائب وزير الفلاحة ومسؤول في وزارة التربية حسب قولهم. ولم يتسن لنا التواصل مع أعضاء الفرقة الإيرانية لمحاورتهم. علما وانه تم إدراج العرض الإيراني في اطار التعاون الثقافي بين وزارة الثقافة التونسية المنظمة للمهرجان وايران.
الذين حضروا حفل الاختتام قالوا ان بوشناق حضر وانشد رغم نعيق الغربان.