تبدو المهدية مدينة شبه معزولة وقليلة الاندماج مع باقي الفضاء الترابي الساحلي، واعتبارا لضعف النشاط الاقتصادي بها لم تستطع مدينة المهدية أن تؤطر كليا المراكز العمرانية التابعة لها مثل السواسي وأولاد الشامخ وشربان وغيرها.
وبيّن تحليل المنظومة العمرانية بالجهة أن المهدية خاضعة لاستقطاب مزدوج من طرف سوسةوالمنستير شمالا وصفاقس جنوبا وتبرز مظاهر هذا الاستقطاب من خلال كثرة اليد العاملة بالمنستير وبدرجة أقل سوسة من أصيلي جهة المهدية وخصوصا مدينة المهدية ومنطقة «شيبة» و«بومرداس» و«قصور الساف»، كما يبرز هذا الاستقطاب أيضا عبر الارتباط الوثيق لمدن الجم والشابة مع صفاقس.
ومن ناحية أخرى فإن مدينة المهدية تلقى صعوبة كبرى في الاستجابة إلى حاجيات سكان المعتمديات الداخلية واستقطابهم خاصة إذا تعلق الأمر بالخدمات الخصوصية الراقية فإن المدينة تغيب بشكل يتنافى تماما مع صفتها كمركز ولاية.
ونظرا لهذه الاعتبارات يبدو من الضروري دفعا لتحقيق تنمية جهوية عادلة تهيئة الجهة اقتصاديا وإدماجها مع المناطق المجاورة وفك عزلتها وتحسين قدرتها التنافسية لجذب الاستثمار وتوفير مواطن شغل خاصة لأصحاب الشهادات العليا التي بلغت نسبة بطالتهم 30,2 بالمائة وهو ما يعكس تدني نسبة الاستثمار بالجهة مما يفرض مراجعة تصنيف الولاية المحسوبة على الشريط الساحلي، وضبط خطة محكمة على المدى المتوسط والبعيد لتطوير المعتمديات الداخلية بالقسم الجنوبي من الولاية، وكذلك لحفز الدور الوظيفي الموكول لمدينة المهدية حتى تكون فعلا حاضرة إقليمية من خلال تدعيم البنية التحتية والتجهيزات وشبكة النقل.
إن دفع نسق التنمية بالجهة يحتاج خاصة إلى ربط المدينة بالطريق السيارة مساكنصفاقس (46 كم)، وربط المنطقة السياحية بالمهدية بمطار المنستير(حوالي 40 كيلومترا)، ولربط مدينة المهدية بغرب البلاد من الضروري مراجعة مسار السكة الحديدية وتوجيهها عبر الطريق الجهوية رقم 96 في اتجاه داخل تراب الولاية عبر مدينة كركر مرورا بمدينة الجم وصفاقس، وإحكام نجاعته ومردوديته سواء في مجال نقل المسافرين أو البضائع مع إلغاء الجزء الموجود داخل المدينة والذي يمثل عبئا ثقيلا على الحركة المرورية زيادة على مساهمته في تجزئة المدينة، حيث يستعصي توفير التناسق والتكامل في النسيج العمراني المشكّل لعاصمة الفاطميين.