مرّ رمضان بحلوه ومرّه... بسهراته ومهرجاناته... بحرارة طقسة وتنوع طقوسه...فصام من صام وقام من قام... ولله الدوام. وانقضى عيد الفطر بملابسه ومزاميره وحلوياته وقيام ليله أكلا وتجوالا وليس صلاة... وحل صباح العيد بصلاة العيد التي خرجت عن المألوف والمعتاد لتقام في الشوارع والملاعب وسط أجواء احتفالية لولا بعض الشوائب هنا وهناك سجلها البعض فيما شباك الحكومة وما يسمى بالتيار السلفي والمتهم بريء حتى تثبت إدانته. في باجة وانطلاقا من النصف الثاني لشهر رمضان المعظم تضاعف عدد المنتصبين في قلب المدينة لبيع الملابس والحلويات ولعب العيد وانتشرت المطاعم المتحركة أو المتنقلة إن صحّ التعبير في كل أرجاء المدينة لبيع الأكلات السريعة وخاصة «السندويتش مرقاز» لذلك فإن الدخان الذي ملأ سماء المدينة خصوصا مع اقتراب ليلة العيد لا يقل كثافة عن الدخان المتصاعد من الحرائق الأخيرة التي زارت تقريبا كلّ غابات الولاية ووجه الاختلاف الوحيد رائحة «المرقاز المشوي»... ومرة أخرى نحمد الله ونشكره أننا لم نسجل أي حالة تسمم رغم الغياب الكلي للمراقبة الصحية عن هذه المطاعم ولعلّها بركات رمضان والعيد.
المشهد المذكور ليس وليد الثورة بل هو امتداد لما قبلها رغم الاختلاف على مستوى القمع و«الحريات». قبل الثورة كلّ المنتصبين في قلب المدينة يختفون مع اليوم الثاني للعيد لكن بعد الثورة وباسم الكرامة والحرية لا يختفي هؤلاء ليستمر مشهد الفوضى والاختناق بل يزداد يوما بعد يوم ولا ندري إلى متى ؟ ألحين كتابة الدستور أم بعد الانتخابات أم إلى حين تحرير القدس؟
رئيس النيابة الخصوصية الأسبق لبلدية باجة حاول القضاء على هذا الانتصاب الفوضوي فنجح ليومين فقط ومنذ شهر تقريبا شهدت ذات النيابة تجديدا على مستوى الرئاسة وبعض الأعضاء دون أن يشهد قلب مدينة باجة تجديدا على مستوى المشهد وإذا كانت القلوب تضخ دما في الأصل لتستمر الحياة فإن قلب مدينة باجة لا يزال يضخ الأوساخ وكل ألوان التلوث بما في ذلك الخلقي لتزيد سكان عاصمة السكر مرارة في العيش.