يمضي بعضنا أشهرا طويلة في توفير بعض المال حالما بقضاء عطلة صيفية بأحد نزل البلاد تنسيه معاناة سنة كاملة من العمل والتعب والضغوطات النفسية... يكابد لأجل التمتع بنزل بلادنا كغيرنا من الأجانب الذين يجدون أنفسهم معززين مكرمين. هؤلاء الأجانب نكاد نرفعهم على رؤوسنا من شدّة فرحتنا بهم لكن أليس من حقّنا أن نتمتّع مثلهم؟
هكذا بدأ السيد عبد المجيد بن صالح حديثه بعد أن التقيناه أمام أحد النزل بالحمامات مؤكدا انه بمجرد أن ولج وعائلته أحد النزل في الحمامات لاحظ تمكينه من غرفتين بعيدتين عن منظر البحر والمسابح بالنزل فلم يعر للأمر اي اهتمام المهم انه الآن داخل النزل يتمتع كغيره بأحسن الخدمات. وفي وقت الغداء صعد الدرج الى المطعم وعائلته التي تتركب من 7 أنفار حيث وجد عونين في المدخل لاستقبال الزبائن مبتسمين ففرح بهذه الخدمة، لكن فرحته لم تعمّر طويلا حيث اقترب منه العون وطلب منه أن يلتحق بالرواق المقابل بالمطعم بعيدا عن السياح الأجانب فاندهش من هذا التصرف واستفسر عن السبب فأجابه العون بأنها الأوامر لا غير. انصاع محدثنا الى الأمر بكل ألم وانتقل الى الرواق المقابل بكل حسرة تتبعه عائلته وقد فقدوا الضحكة التي كانت مرسومة على وجوههم وفقدوا شهية الغداء، وتذكروا التمييز الذي كان يلاقيه التونسي في مثل هذه الفضاءات قبل سنوات. محدثنا أكد أنه عاين كيف يعامل السائح الأجنبي فينزل في أجمل الغرف وأحسنها موقعا ويتمتع بأحسن الخدمات وأرقاها وتحجز له موائد الفطور والغداء والعشاء مهما طال تأخره وتوضع البرامج التنشيطية بلغاته هو وموسيقاه هو بينما تغيب اللغة والموسيقى العربية تغييبا يكاد يكون كليا مما يزيد في غربة السائح التونسي أولا والسائح العربي ثانيا ويزيد في تعميق الهوة بين المواطنين والسياحة الفندقية,وأضاف هذا السائح التونسي انه لولا الحجز والدفع المسبق للاقامة بهذا النزل لما رضي ان يقيم فيه للحظة أخرى لكنه مجبر على قضاء أيامه المعدودة صابرا متجاوزا عن هذه التجاوزات حتى لا تذهب أمواله سدى، بالرغم من شعوره وعائلته بالغربة وفقدان الرغبة في مواصلة الاقامة بهذا النزل.