مساعدة جرحى الثورة لا تقتصر على الجانب الرسمي الحكومي بل تتعداه الى أطراف تنشط في الحقل الجمعياتي... «الشروق» التقت كاتب عام جمعية التونسيين ببوردو للحديث عما قدمته لمجموعة من الجرحى خلال الأشهر القليلة الماضية. ينطلق خالد بن دخان المكلف بملف جرحى الثورة صلب الجمعية من الحديث عن بدايات تفكيرهم في مساعدة جرحى الثورة «هذه الجمعية فرنسية التكوين وتعمل مع الجالية التونسية وحاولنا بعد الثورة النزول الى تونس لتقديم يد المساعدة والاضافة فتوجهنا يوم 14 فيفري 2011 الى المناطق الداخلية وتحديدا حي الزهور بالقصرين والرقاب بسيدي بوزيد فاكتشفنا وضعا كارثيا نوعا ما بالنسبة الى جرحى الثورة فأردنا التدخل والمساعدة لتلافي مضاعفات تعفن الجروح».
«ولدى عودتنا الى بوردو قررنا القيام بتظاهرة لمساعدتهم فسعينا الى ايجاد قنوات اتصال وتعاون مع حكومة الباجي قايد السبسي حول ملف الجرحى ولكنها صدت الابواب في وجوهنا ورفضت التعامل معنا فواصلنا العمل بصفة فردية بالتعاون مع بعض المستقلين».
«وبعد ان اصبح لنا نواب يمثلوننا في المجلس التأسيسي اتصلنا بالنائبة كريمة سويد عن التكتل والنائب ناجي الجمل عن حزب حركة النهضة وبفضلهما فتحنا قنوات اتصال مع الحكومة وخاصة مع كتابة الدولة للهجرة ووزارة حقوق الانسان ووزارة الصحة وتم استقبالنا في أكثر من مناسبة للتنسيق معهم وغربلة حالات الجرحى بحكم ان بعض الحالات لا تستدعي مغادرة البلاد».
«وقد سعت الجمعية الى مساعدة بعض الجرحى على مغادرة البلاد لتلقي العلاج في بوردو وسط تشكيك وتثبيط من بعض الاحزاب اليسارية المتطرفة التي حذرتنا من العمل في هذا المجال مخيرين ان نتركه للحكومة لتتحمل مسؤوليتها كاملة وهو ما رفضناه جملة وتفصيلا والغريب ان هذه الاحزاب نفسها أصبحت تحاول استغلال نجاح عملنا سياسيا وماديا وقد تمكنا خلال الأشهر الأخيرة من اخراج كل من شكري الرياحي (28 سنة أصيل زغوان) كانت ساقه مبتورة بما استوجب عملية جراحية دقيقة وفؤاد العجيلي (27 سنة أصيل المسعدين بسوسة) بترت ساقه بما استوجب ساقا اصطناعية وزياد قفراشي (23 سنة اصيل قابس) وعم علي المداحي (68 سنة اصيل جرزونة ببنزرت) بترت ساقه بما استوجب رجلا اصطناعية ذكية تساعده على السير بصورة شبه طبيعية ووليد الكسراوي (23 سنة اصيل الكرم الغربي) استوجب عملية جراحية على مستوى القصبة بعد تلفها والصحبي شوك (27 سنة أصيل المهدية) استوجبت حالته تركيب آلة لتقويم الساق ومع أواخر شهر سبتمبر سنقوم بمساعدة 3 جرحى آخرين أحدهم من الرقاب والاخر من المهدية والثالث من تونس العاصمة».
«مختلف الهبات تأتينا من اشخاص تربطنا بهم علاقات اجتماعية جيدة من مصالح اجتماعية فرنسية وكل من يعمل في الحقل الانساني ومع ذلك فالجانب المادي ليس اهم شيء في تحركاتنا ففي اقصى الحالات لا تتجاوز ميزانية الجمعية 40 الف أورو (حوالي 80 ألف دينار تونسي) وليس كما تم التصريح به في احدى الصحف التونسية من مبالغ خيالية وتتأتى هذه التمويلات من المجلس العام ببوردو (3 آلاف أورو) وتبرعات مختلفة (10 الاف أورو) ومساعدات من تونسيين في دبي على غرار زهرة العبيدي (حوالي 10 الاف و700 أورو) والمحامية نجاة هدريش من باريس (10 آلاف أورو) ومساهمات اعضاء الجمعية».
ويواصل خالد بن دخان حديثه معرجا على علاقة الجمعية بالحكومة «علاقتنا بالحكومة الحالية جيدة جدا ويغلب عليها التنسيق التام مع دعم مادي ومعنوي فقد تكفلت رئاسة الحكومة بكافة المصاريف اللوجستية ودعم العمليات الجراحية داخل تونس كما تبنت وزارة حقوق الانسان جريحا وتكفلت بكامل مصاريف علاجه وتحصلنا من وزارة الصحة العمومية على كل الأدوية التي احتجناها وخاصة مع حالة الجريح وليد الكسراوي فتم دعمنا بالمضادات الحيوية التي تصل قيمتها الى حوالي 5 الاف دينار دون تعقيدات إدارية».
وينهي المكلف بملف جرحى الثورة صلب الجمعية حديثه مؤكدا انه «في الوقت الحالي يجري الاعداد لاتفاقية بين وزارة الصحة والجمعية للتكفل بعدد من الجرحى في المستقبل معولين كثيرا على شبكة علاقاتنا في النسيج الاجتماعي الفرنسي بما مكننا من الحصول على مقر لاقامتهم هدية من بلدية مدينة «بأقل» على بعد 5 كيلومترات من بوردو وهي عبارة عن فيلا مجهزة بكافة التجهيزات الطبية وغيرها كما تم استقبال الجرحى من طرف اغلبية التونسيين واصدقائنا الفرنسيين والطاقم الديبلوماسي التونسي فقد زارهم قنصل تولوز مرتين بصفة رسمية فضلا عن زيارة الملحق الاجتماعي لمدينة بوردو بصفة مستمرة كل اسبوع بالاضافة الى التنسيق اليومي مع الجهات الرسمية المكلفة بملف الجرحى وقد عاد الجرحى مؤخرا الى ديارهم بصحة جيدة ونواصل متابعتهم في مشاريعهم الخاصة».
«وجدنا كل الدعم والمساعدة من طرف اصدقائنا الفرنسيين فقد رفض الصديق «جيروم لامورار» أخذ ثمن أربعة أرجل اصطناعية وتبرع بثمنها للجرحى مبديا اعجابه بشجاعة شباب الثورة كما ان أطباءهم المباشرين رفضوا أخذ ثمن اتعابهم ولم يتحصلوا الا على أثمان الآلات الطبية المستعملة في العمليات الجراحية وهي مبادرات تعطي النموذج لكل من يسعى للعمل الخيري الاجتماعي».