الدكتور محمد بن خالد مختص في التاريخ وجامعي، مناضل حقوقي له دراية واسعة بالحقلين المعرفي الاكاديمي والسياسي الجمعوي بفرنسا. يرأس منذ مدة فرع بوردو لجمعية التونسيينبفرنسا، وبعد الثورة قام بعمل انساني جبار تمثل في قبول ستة مصابين من جرحى الثورة التونسية وتكفلت جمعيته بعلاجهم واجراء عمليات جراحية وعمليات زرع اعضاء وذلك في غياب تام لدعم وزارات الصحة، الشؤون الاجتماعية وخاصة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية بل لا يوجد مسؤول حكومي قد فكر في زيارة هؤلاء الجرحى ومتابعة العلاج الذي يتلقونه أو حتى رفع سماعة هاتفه الاداري للتخفيف عن هؤلاء الجرحى الذين اوصلوه الى دفة الحكم بدمائهم وآلامهم وجراحهم النازفة ابدا. أما عن اعضاء المجلس التأسيسي فحدث ولا حرج، فلا أحد منهم على اطلاع بما تقدمه هذه الجمعية من خدمات لهؤلاء الجرحى، بينما يقدم النواب الفرنسيون كل اشكال الدعم المالي والادبي لجرحى ثورة ربيع تونس! كيف ^جاءت فكرة معالجة جرحى الثورة بفرنسا ومن يتولى دعمكم ماديا وطبيا؟ لقد ولدت هذه الفكرة من البطء الذي رافق سياسة الرئاسات الثلاث المتتالية في معالجة هذه المسألة، حيث كان موضوع الجرحى لا يمثل أولوية بالنسبة اليها، وأقول هذا الكلام والتجأ الى استعمال هذا التوظيف السياسي لأنني اشعر بخيبة أمل كبيرة ازاء طريقة التعاطي مع دماء واطراف وجراح الثوار الذين غيروا مجرى التاريخ في تونس. وبالمحصلة، فقد اخذنا هذا الملف بأيادينا وتعاطينا معه بكل جدية وشرعنا في قطع الخطوات الاولى دون اية مساعدة لا من اي مواطن تونسي ولا من اي مواطن فرنسي بل ان كل المساعدات والتبرعات قد جاءت من قبل التونسيين المهاجرين سواء في أوروبا او في الشرق الاوسط. طيب، كم عدد الجرحى الذين تحولوا الى فرنسا للعلاج ومن اية جهات جاؤوا وما هي نوعية الاصابات التي يعانون منها؟ بلغ عدد الجملي للجرحى الى حد الآن ستة مواطنين جميعهم يعانون من اصابات بليغة ومن اضرار فادحة ومن مخلفات شديدة جراء اصابتهم بإعيرة نارية في أطرافهم السفلية وهناك اثنان منهم تعرضوا الى بتر على مستوى الفخذ واثنان اخران تم ايضا بتر ساقيهما تحت الفخذين، وهو ما سيتوجب زرع اعضاء اصطناعية، أما بقية الجرحى فهم في حاجة ماسة الى تدخلات وعمليات جراحية دقيقة. هل يمكن التعرف على اسماء الجرحى واعمارهم ومستويات دراساتهم وأمكنة ميلادهم؟ هم على التوالي: علي المداحي البالغ من العمر 68 سنة اصيل جرزونة من ولاية بنزرت، وليد الكسراوي البالغ من العمر 24 سنة من الكرم الغربي اي من الضاحية الشمالية للعاصمة، وشكري الرياحي البالغ من العمر 28 سنة واصيل ولاية زغوان، فؤاد العجيلي البالغ من العمر 26 سنة واصيل ولاية سوسة والصحبي الشوك البالغ من العمر 23 سنة واصيل ولاية المهدية، وزياد القفراشي البالغ من العمر 25 سنة اصيل ولاية قابس. اما عن مستوياتهم الدراسية فانها في الغالب لا تتجاوز الباكالوريا، فضلا عن كونهم جميعا ينحدرون من اوساط اجتماعية فقيرة ومتواضعة الدخل. ما هي ابرز الجهات التي تقدم اليكم المساعدات الضرورية لاجراء العمليات الجراحية ولتركيب الاعضاء الاصطناعية وكم بلغت الكلفة النهائية؟ أول المساعدات كانت من قبل الاطباء الفرنسيين بمدينة بوردو الذين قبلوا مبدأ معالجة الجرحى بكلفة غير باهضة وفي هذه المناسبة، اتوجه بالشكر الخالص والخاص الى المختصة في زرع الاعضاء prothèsiste jirome la morère التي قدمت الينا جزيل الخدمات وكذلك الى اصدقائنا من جميع انحاد العالم الذين منحونا الثقة بقبولهم تمويلنا من دون ان تكون لهم معرفة سابقة بأعضاء جمعيتنا، وقد برهنا على اننا في مستوى هذا الاختيار وهذه الثقة وقدمنا عنوانا بارزا لضرب من ضروب التضامن الرائع اما عن كلفة الفعلية للعملية الواحدة، فانها تتراوح بين 250 و 300 الف دينار تونسي. هل هناك صعوبات ادارية اعترضتكم من قبل السلطات الفرنسية على غرار مطالب التأشيرة او السماح بالعلاج على غرار مطالب التأشيرة او توفير الادوية الباهضة وبكميات كبيرة؟ في حقيقة الامر، لم تكن لدينا اية مشكلة من المشاكل في علاقة بالجانب الفرنسي، فسعادة سفير فرنسابتونس الذي اغتنم فرصة اجراء هذا الحوار لا توجه اليه بجزيل الشكر، كانت له ثقة كبيرة في جدوى ما نقدمه وما نقوم به لفائدة جرحانا وكذلك المجلس الجهوي للجيروند الذي ساعدنا بستة الاف دينار وقام بتنظيم حفل استقبال رائع على شرف وصول جرحانا للعلاج بفرنسا. ماذا قدمت وزارات حقوق الانسان والعدالة الانتقالية، الصحة العمومية، الشؤون الاجتماعية من مساعدات لفائدة جميتكم؟ حاليا، تجري بعض المفاوضات وتعقد بعض اللقاءات من اجل ابرام اتفاق بين جمعيتنا ووزارة الصحة يمكننا من مواصلة تقديم المساعدة والرعاية لجرحانا. وفي الحقيقة فانه لا شيء ملموس قد تحقق على هذا الصعيد منذ شهر افريل بينما تولت رئاسة الجمهورية خلاص تذاكر السفر والمعاليم السياحية للجرحى. هل قام بعض المسؤولين في الحكومة المؤقتة بزيارة الجرحى والتخفيف عنهم؟ لقد قمنا باستدعائهم جميعا لكن لا احد بادر بزيارة الجرحى. بماذا وعد كل من رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس الحكومة المؤقت ورئيس المجلس التأسيسي؟ لا يوجد اي وعد من اي كان، وانا أتساءل هل هم بالفعل ليسوا على بينة بما نقوم به. هل قام بعض اعضاء المجلس التأسيسي بتبرعات مالية لفائدة هؤلاء الجرحى؟ ... الادهى والأمرّ، ان نائبين من جنوبفرنسا هما الوحيدان اللذان تبرعا لفائدة الجرحى، بينما لم يتصل اي عضو من اعضاء مجلسنا التأسيسي بنا ولو هاتفيا. ومن جانبنا نواصل العمل والنضال من اجل القيام بالواجب الانساني والاخلاقي والحقوقي تجاه ثورتنا وتجاه جرحاها، متمنين من كل الاحزاب السياسية ومن كل اعضاء الحكومة تحمل كامل المسؤولية لتقديم كل المساعدة وترجمة الوعود الى أفعال.