الزيادة في أسعار المحروقات التي ستطبق ابتداء من اليوم، والتي تهدف الى التخفيض من حجم تدخلات صندوق الدعم التي فاقت تقديرات الميزانية ،تأتي في غير وقتها اذ تلي زيادة في أسعار السجائر وتسبق زيادتين متوقعتين في معاليم التنقل وربما الكهرباء و الغاز المرتبطين بالضرورة بالمحروقات، في حين يعاني الأجراء من تدهور في مقدرتهم الشرائية وتتالي مواسم الانفاق وتأخر موعد الزيادة في الأجور. هذه الزيادة التي تقرها الحكومة ، في موعد تعود به التونسيون خلال العهد السابق، كان وزير المالية المستقيل حسين الديماسي متمسكا بها ويستعجل تطبيقها أمام رفض الحكومة لهذا الاجراء الذي كان يخشى من انعكاساته السلبية، قبل أن تعود الى تطبيق ما كانت ترفضه ، وهي مرغمة على ذلك لأسباب عديدة.
فالميزانية تعاني من عجز تجاري واضح وميزان الطاقة يعرف بدوره عجزا متزايدا نتيجة تراجع الانتاج الوطني وارتفاع سعر المحروقات في السوق العالمية وهو ارتفاع يزيد وقعه على توازن الميزانية وعلى تدخلات صندوق الدعم في علاقة بتراجع سعر الدينار مقارنة بالدولار والأورو.
ويبدو هذا الترفيع في سعر المحروقات الآن قرارا غير شعبي يزيد في صعوبات المستهلك الذي دفع لوحده تقريبا فاتورة الأوضاع غير المستقرة اجتماعيا واقتصاديا في البلاد وفي الخارج، وأساسا في الاتحاد الأوروبي الشريك الأساسي لتونس، وهو مجبر اليوم على تحمل هذه الزيادة التي لن تكون حتما الأخيرة قبل نهاية العام أو قبل وصول انعكاسات الزيادة المرتقبة في الأجور.
لكن لا يمكن للدولة، في المقابل مزيد تحمل الضغوطات المالية والزيادة في ميزانية التعويض، وهو أمر برز من خلال رفضها لكل المطالب النقابية ذات الانعكاس المالي دون الزيادة في الأجور المتفق عليها.
فهل يقبل المواطنون هذه الزيادة الجديدة في الأسعار التي قد تتلوها زيادات أخرى في أسعار الحليب والطماطم وغيرهما من المواد الاستهلاكية للمساهمة في تقليص الأعباء المتزايدة على الميزانية ؟