دعا الوزير الأسبق والسياسي المخضرم منصور معلّى، في مبادرة سياسيّة للخروج من الأزمة التي تشهدها تونس، إلى إعلاء مبدإ التوافق والوحدة الوطنية ليكونا سبيلا إلى إدارة شؤون البلاد في هذه الفترة الحساسة. وجاء في مبادرة معلى مقترحات بإنشاء مجلس للجمهورية يضم ممثلّي القوى الفاعلة وتكوين حكومة وحدة وطنية تعتمد على الكفاءات وإقرار هدنة انتخابية لمدّة ثلاث سنوات وبتغليب الحوار لأنّ «هذه الجرعة بات من الواضح أن مفعولها المؤقت بدأ يزول ليعوض «الحوار» بلغة «العنف السياسي» من مختلف الأطراف.» وبيّن منصور معلّى في تحليل نشرته مجلة «ليدرز» في عددها لشهر سبتمبر الجاري «أنّ هذا التصوّر المبني على مبدإ وحدة وطنية والتوافق بين الأطراف المعنية يجب أن يكون محور استفتاء عام قبل موفى السنة الحالية ليبدأ عمل حكومة الوحدة الوطنية مع بداية سنة 2013 على امتداد ثلاث سنوات تكون بمثابة هدنة انتخابية من شأنها أن تجنب البلاد حالة عدم الاستقرار وانخرام الأمن التي تشهدها منذ موفى 2010.
وأشار معلى إلى ضرورة «إدراج عنصرين هامين هما التمديد في مدّة عمل المجلس التأسيسي إلى سنة 2016 وإقرار مبدإ التصويت بأغلبية 4/5 على جميع قراراته حفاظا على ديمومة الوحدة الوطنية، ومع الاتفاق الضمني على عدم إجراء أي استحقاق عام أو تشريعي أو رئاسي قبل سنة 2016».
وأضاف الأستاذ منصور معلّى أنّه يجب على كافة الأطراف، من أحزاب سياسيّة وهياكل مجتمع مدني، أن تلتزم خلال الهدنة بالحيادية السياسية كما لا يمكن إنشاء مثل هذه الوحدة إلا حول حكومة ومجلس للجمهورية بتشريك الكفاءات الشابة في كافة المجالات، حيث بإمكان مثل هذه الحكومة تسيير مختلف مصالح البلاد بالتوافق مع رئاسة الجمهورية.
كما من شأن هذه الفترة، حسب مبادرة معلّى، أن «تعيد التوازن داخل المشهد السياسي الذي لا محيد عنه إذا أردنا إرساء قواعد الديمقراطية الصحيحة.» وأضاف أنّ « هذه الفترة تعتبر كافية للتفكير مليّا في قانون خاص بالأحزاب السياسية وقانون انتخابي اللذين يعتبران مكملين للدستور وعلى نفس القدر من الأهمية». وحثّ معلّى جميع مكونات الساحة السياسية على إعلاء المصلحة العليا للبلاد والارتقاء بها فوق مصلحة الأحزاب.
وقال الوزير السابق ل «الشروق» إنّ ما يدعو إلى إطلاق مثل هذه المبادرة الآن هو الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي المتردي والمصالح العمومية المعطلة مضيفا «أمضينا قرابة العامين ولم ننجز مبدأ للخروج من الأزمة سواء من ناحية الدستور أو القوانين اللازمة لإدارة المرحلة».
وتابع معلّى قوله إنّ أربع حكومات تشكلت في تونس في أقل من عامين (3 حكومات قبل الانتخابات: حكومتا الغنوشي وحكومة الباجي قائد السبسي، وحكومة بعد الانتخابات أي الحكومة الحالية) وما يجمعها هو صفة المؤقتة وبالتالي فإنه لا يمكن لأي حكومة أن تعمل وتحقق إنجازات دون ان يكون لديها القدر الكافي من الوقت لأن صفة المؤقت التي يجب القطع معها تجعل كل طرف يفكر في الاستحقاق الانتخابي القادم دون تقديم إضافة في الفترة الحالية».
وأكّد معلّى ضرورة ان يقف الجميع وقفة تأمل وأن يتم التطرق إلى المشاكل الأساسية التي تهم الأمة، من اقتصاد وتشغيل وتنمية جهوية وأن نشتغل على 3 سنوات حتى نحصل على النتائج المرجوة، مشيرا إلى ضرورة تجاوز حالة التشتت الحزبي ووضع قانون جديد للأحزاب وقانون انتخابي جديد لأن القوانين القديمة «غير صالحة» حسب تعبيره.