في بادرة جديرة بالاحترام وتمنينا تكرارها خلال الحملة الانتخابية، نظّمت القائمة المستقلّة "تونس الغد" المترشحة لانتخابات المجلس التأسيسي عن دائرة تونس 2 مائدة حوار مع السيد منصور معلّى حول بعض المفاهيم السياسية وأبرز التحديات التي ستطرح على المجلس التأسيسي المنتخب. منصور معلّى تحدث بلغة السياسي المحنّك والخبير الاقتصادي عن تصوراته لما ينتظر تونس وينتظره التونسيون من المجلس التأسيسي والدستور الذي سيفرزه.
أربع سنوات للتأسيسي قال معلّى في بداية محاضرته أن انتخابات 23 أكتوبر ستعلن نهاية المرحلة الانتقالية التي عاشتها تونس منذ شهر جانفي 2011 تاريخ دخول البلاد في مرحلة شبيهة بتلك التي عاشتها بعد الاستقلال ولتفادي الأخطاء التي وقعنا فيها في السابق، يرى معلّى "ضرورة سن دستور يحدث تغيير جذريا". وفي معرض حديثه عن مهام المجلس التأسيسي وخصوصا مدته التي اختلف حولها التونسيون، كشف معلّى عن تفضيله لتأسيسي بأطول مدة ممكنة والأفضل بأربع سنوات لأن ذلك يعطيه "المصداقية اللازمة لمواجهة المشاكل المطروحة وهي مشاكل وتحديات تتطلب وقتا طويلا لمعالجتها" وأكّد أن سنة واحدة "لا تكفي" الحكومة القادمة، والتي ستكون الحكومة الرابعة في أقل من عام واحد، لتحقيق أهداف المجلس التأسيسي. ويقول منصور معلّى أن مسؤولية جسيمة تقع على عاتق المجلس التأسيسي الذي سينتخب يوم الأحد القادم، فهو سيسن دستورا جديدا ويختار حكومة ويعد البلاد لثلاث انتخابات قادمة (تشريعية ورئاسية، إن تم الاختيار على نظام رئاسي، بلدية) وهو ليس بالأمر الهين بل يتطلّب جهدا كبيرا ووقتا كافيا يتجاوز السنة الواحدة وشدد معلّى على أهمية استقرار مؤسّسات الدولة وأولها المجلس التأسيسي وقال أن الاستقرار مهم حتى لشركاء تونس وأصدقائها. أي نظام حكم أنسب لتونس إذا كان الإجماع حاصل تقريبا حول المبادئ العامّة للدستور (الحريات، هوية الدولة...)، فإن نظام الحكم هو الذي لا يزال محل خلاف بين الأحزاب والسياسيين. في هذا الإطار، وجّه منصور معلّى نقدا واضحا للنظام الرئاسي ومن جملة ما قاله عنه أنه "لم يوفر الاستقرار أبدا" و"لم يبرز أية إيجابيات تستحق الذكر" وأن الوزراء فيه "مجرد موظفين عند رئيس الدولة ولا يحاسبهم الشعب" وأنه "يغري الرئيس فسيستبد بالسلطة". لذلك بدا واضحا ميل معلّى إلى النظام البرلماني كنظام حكم أنسب لتونس الغد. أمّا عن الاستفتاء، فيرى منصور معلّى أن إجراءه مرتبط بمدى انسجام المجلس التأسيسي. ففي حال عدم حصول إجماع واضح على الدستور داخل المجلس، يستحسن إجراء استفتاء للشعب حوله وإلاّ فلا فائدة من الاستفتاء من أجل الاستفتاء.
المال السياسي لوّث السياسة ندد منصور معلّى بظاهرة شراء ذمم الناخبين وأصواتهم بطرق مختلفة وقال أنها "لوثت سمعة الأحزاب والسياسيين" ولمحاربة المال السياسي، دعا إلى اقتصار تمويل الأحزاب على الدولة فقط حسب معطيات وضوابط معينة كأهمية الحزب وإشعاعه وعدد أنصاره وتدرج هذه الضوابط وطرق التمويل في قانون الأحزاب. وقال أن تحديد عدد الأحزاب، عوضا عن تضخمه كما هو الحال الآن، يساعد الدولة على عدم دفع أموال طائلة عند التمويل. وفي نفس السياق، اعتبر منصور معلّى أن العدد الضخم من الأحزاب في تونس (أكثر من مائة) هو نتيجة لنظام الاقتراع الذي أقرته الحكومة (النظام النسبي) وقال انه كان من الأفضل لتونس وضع قانون للأحزاب قبل وضع قانون الانتخاب. يذكر أن "تونس الغد" هي قائمة مستقلة عن تونس 2 يرأسها السيد فؤاد بوسلامة.