بمناسبة انعقاد المؤتمر الوطني الأخير للمنظمة الوطنية للطفولة التونسية، حصل ما لم يكن في الحسبان حيث لم تقع المصادقة على التقرير المالي.. شبهات حول وجود سوء تصرف بالمنظمة خلال السنوات الاخيرة، بشهادة أحد أعضائها. لم تتم المصادقة على التقرير المالي للمنظمة الوطنية للطفولة التونسية المصائف والجولات بمناسبة انعقاد مؤتمرها السنوي الثالث والعشرين يوم 2 سبتمبر الجاري بالمنستير، وفق ما ذكره ل«الشروق» السيد فيصل المهبولي، عضوالمجلس الوطني للمنظمة ورئيس لجنة الهياكل والقوانين والعلاقات الخارجية وعضو لجنة مراقبة وترشيد التصرف الإداري والمالي (بالمنظمة). وذكر المتحدث أن تململا واضحا حصل لدى المشاركين حول التقرير الادبي أيضا .
مؤتمر باطل
حول ظروف انعقاد المؤتمر الوطني الأخير في المنستير، قال محدثنا إن عدم المصادقة على التقرير المالي تعني أن المؤتمر، الذي ترأسه الكاتب العام الجهوي لمكتب المنظمة بتونس، أصبح باطلا قانونيا وكان من المفروض أن يقع تعليقه (تجميده) إلى حين تقديم المؤيدات اللازمة للأرقام المضمنة بالتقرير والمحاسبة القضائية لكل من يقع اثبات تورطه في بعض الاخلالات إن وُجدت .
يُذكر ان المؤتمر المذكور أسفر عن انتخاب السيد التيجاني بن ضو (رئيس مساعد سابقا) رئيسا للمنظمة والسيد الشاذلي الصرارفي (رئيس المنظمة سابقا) رئيسا للمجلس الوطني.
سابقة خطيرة... وشكوك
أكد المهبولي ان ما حصل يُعد سابقة خطيرة في تاريخ منظمة الطفولة التونسية باعتباره يحيل إلى وجود شبهات فساد مالي من الوزن الثقيل داخل المنظمة خلال الفترة النيابية الاخيرة. وأضاف أن التقرير المقدم للحضور في المؤتمر كان عبارة عن مجرد كراس أوراق تحتوي جداول وأرقاما دون ان تكون مستندة إلى أية اثباتات أو وثائق محاسبية. والأخطر من ذلك والكلام للأستاذ المهبولي أن هذا التقرير المالي لم يقع عرضه بصفة مسبقة (من المفروض قبل شهرين أو ثلاثة) على أنظار المجلس الوطني وعلى أنظار لجنة المراقبة المالية والإدارية وعلى خبراء في ميدان المحاسبة للاطلاع مثلما جرت عليه العادة، بل وقعت «مفاجأة» الحضور به يوم المؤتمر وهو ما يزيد من حالة الغموض والشكوك حوله .
بلا هاتف ولا انترنات
أكد فيصل المهبولي من جهة أخرى أنه إلى حدود سنة 2003، كانت الامور داخل المنظمة تسير على أحسن ما يرام من حيث التصرف المالي والإداري. إلا أنه بداية من تلك السنة بدأت عدة أشياء تسير نحو الأسوإ إلى حد العجز المالي التام بعد أن كانت أرقام المعاملات داخل المنظمة بمئات الملايين. وليس أدل على ذلك من عجز المنظمة عن خلاص معاليم الهاتف والانترنات في الأشهر الاخيرة مع وجود صعوبات كبرى في خلاص أجور العاملين بها وفي خلاص مساهمات صندوق الضمان الاجتماعي وكذلك في خلاص معاليم الكهرباء وغيرها من النفقات اليومية الأخرى، إضافة إلى العجز عن توفير التجهيزات الضرورية للعمل سواء في المقر المركزي أوفي المقرات الجهوية وعن توفير وسائل النقل (الحافلات مثلا). وبالتوازي مع ذلك تدهورت حالة مقر المنظمة بنهج روما إلى درجة ان ظهرت به بعض علامات الإهمال مثل تشقق الجدران والسقف والمدارج بسبب انعدام الصيانة .
أصبحت المنظمة في السنتين الأخيرتين عاجزة عن الإيفاء بتعهداتها في ما يتعلق ب«المعاملة بالمثل» تجاه منظمات الطفولة الأجنبية التي تربطها بها علاقات شراكة وتبادل زيارات. حيث لم تعد المنظمة قادرة على استقبال الوفود الاجنبية وتوفير الظروف الملائمة المماثلة لتلك التي تتوفر للوفود التونسية عندما تسافر إلى الخارج. وهذا ما ترتب عنه حسب المتحدث تقلص كبير في أنشطة الشراكة مع المنظمات الأجنبية المعنية بالطفولة وأساء إلى صورة تونس في الخارج .
سوء تصرف
عن أسباب هذا التدهور في الوضعية المالية للمنظمة قال فيصل المهبولي إن ذلك يعود إلى سوء التصرف وليس إلى قلة الموارد المالية. فالمنظمة لها عديد الموارد المالية وهذه الموارد قادرة على تغطية كل النفقات وزيادة وتمكن من توفير كل الظروف الملائمة للعمل داخلها ومن الإيفاء بمختلف التعهدات في تونس وفي الخارج. لكن للأسف وقع توظيف هذه الموارد على حد قول المتحدث لغايات أخرى غلبت فيها المصالح الشخصية على مصلحة المنظمة وعلى مصلحة الأطفال.
100 مراسلة
أشار الاستاذ المهبولي، إلى أنه، بوصفه رئيس لجنة المراقبة المالية والإدارية بالمنظمة، ومن منطلق المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقه، بعث منذ نوفمبر 2008 إلى حد 28 أوت 2012 إلى رئيس المنظمة ما لا يقل عن 100 مراسلة ينبهه فيها من وجود إخلالات مالية خطيرة داخل المنظمة ويطلب منه التدخل بما يراه صالحا لوقف النزيف، لكن على حد قوله لم يقع اتخاذ أي اجراء في الغرض. وطالب في المراسلة الأخيرة بضرورة الاطلاع على التقرير المالي بوصفه خبيرا وعضوا بالمنظمة لكن لم تقع الاستجابة لطلبه .
ومباشرة بعد انعقاد المؤتمر توجه إلى رئيس المنظمة الشاذلي الصرارفي بمراسلة من 20 صفحة تضمنت جردا كاملا لمختلف الإخلالات التي شهدها المؤتمر الأخير بالمنستير ودعاه فيها الى ضرورة اتخاذ ما يلزم لإنقاذ ما يمكن انقاذه.
انقاذ
للخروج من هذه الوضعية اقترح الاستاذ فيصل المهبولي إعادة تنظيم المؤتمر الأخير بتدخل من سلطة الاشراف لانتخاب هيئة جديدة تتوفر في أعضائها شروط الكفاءة والنزاهة والخبرة. إضافة إلى ضرورة محاسبة كل من سيثبت تورطه في سوء التصرف والفساد داخل المنظمة في السنوات الاخيرة .