منطقة السراوات بمعتمدية الدهماني تتمتع بثروة مائية هائلة لكن تلك الكميات تضيع دون فائدة رغم انه وفي إطار تعبئة الموارد المائية أنجزت عديد المشاريع التي أسندت إليها تمويلات هامة . بشهادة عديد الأطراف فإن تلك المشاريع لم تستند إلى دراسات مجدية تأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المنطقة فكانت المأساة واضحة خاصة أن الانجازات لم تنعكس إيجابا على السكان ولم يستفد منها إلا القليل ممّن توفرت لهم الإمكانيات المادية .
خلال جولة أخذتنا الى منطقة السراوات لاحظنا تعدد المنشآت المائية وخاصة البحيرات الجبلية التي تمثلت وظيفتها في تجميع مياه المطر لاستغلالها خلال فترات الجفاف وخاصة تغذية المائدة المائية , وجملة البحيرات التي جمعت فيها موارد مائية قد لا تتوفر لعدة أماكن أخرى من البلاد التونسية ،لكن ما هي انعكاسات هذه الموارد على المسار التنموي بالمنطقة؟
حاولنا الاتصال ببعض القاطنين لاستجلاء آرائهم حول هذا الموضوع ،فكان هناك إجماع واضح حول تواضع الحصيلة فالمياه المجمّعة مهملة في «الخلاء» لا يستفيد منها الأهالي باعتبارالدراسات التقنية كما أشار محدثنا السيد مقداد الصويدي(أستاذ جغرافيا) الى ان الدراسة لم تأخذ بعين الاعتبار نوعية التربة بالمواقع المحيطة بالبحيرة حيث اتسمت بتربة رديئة وتظهر في بعض الحالات القشور الكلسيّة مثلما هووضع منطقة الصويدات ومن هنا لايمكن تركيز الزراعات السقوية حول البحيرة اضافة الى التقلص الهام في حجم المياه خلال فصل الصيف تحت مفعول التبخر الهام كما نشير الى قصر عمر البحيرات الذي لا يتعدى 5 أو6 سنوات ففي كثير من الحالات أدت عمليات ترسب المواد من أعالي الجبال الى قاع البحيرة الى طمر البحيرة التي تصبح عبارة عن خليط من الطمي ينتج عنه ردم واضمحلال البحيرة.
البعض الآخر من الذين التقيناهم اكدوا على النجاح النسبي لمربيي الأبقار الحلوب الذين دعموا نشاطهم بفضل زراعة العلف (الذرة السوداء) الذي لا يتأثر بظروف المنطقة وبملوحة المياه مثل ماهوالوضع بالنسبة الى بحيرة المالح. وفي الأخير نتبين أن الموارد المحلية لا يمكن التعويل عليها لضمان تنمية مستدامة إذا لم تكن مصحوبة بدراسات تقنية وفنية تأخذ بعين الاعتبار كل الظروف الطبيعية والبشرية حتى لا تبقى مشاريع تنمية الأرياف مجرد عملية نثر للأموال وإهدار لأموال المجموعة الوطنيّة.