نظّمت شبكة دستورنا مؤخرا ندوة فكرية بعنوان «قراءة في مسودّة الدّستور نقاط القوّة ومواطن الضّعف» قام بتنشيطها رجل القانون محمّد القاسمي وجوهر بن مبارك أستاذ القانون الدّستوري. وبين رجل القانون محمد القاسمي أنّ صياغة التّوطئة لم تحترم الشّكل المعمول به في سائر دساتير العالم إذ يجب أن تأخذ في الاعتبار ثلاث محاور وهي مرجعيّة التوطئة وقيمها وأهدافها وأشار كذلك إلى طغيان الأسلوب الأدبي على التوطئة ,وتساءل عن غياب منظومة حقوق الإنسان صلب هذه التّوطئة وتنزيل الحقوق والحريات ضمن المبادئ العامّة وكذلك الحقوق السياسية والمدنية .أمّا حريّة الصّحافة والإعلام فقد بيّن المحاضر أنّ التوطئة لم تتحدّث عن هذا الجانب الهامّ مضيفا أنّه لا يمكن الحديث عن مثل هذه الحريات إلاّ بقانون وعبر عن استغرابه من عدم التنصيص على الاتّفاقيات الدولية بخصوص الحقوق كحقّ الشغل ضمن مسودّة الدّستور وهو ما يحيل آليّا إلى تغييب دور الدّولة في هذا المجال وطالب بمراجعة هذه الفصول ملخّصا قوله أنّ هذه المسودّة لا تمثّل دستورا للشعب التونسي بل هي دستور أريد من ورائه تمرير أشياء تستند إلى خلفيات سياسية وحزبيّة. مداخلة جوهر بن مبارك تركّزت بالأساس على قراءة المقاصد والنّوايا للفصول حيث بيّن أنّ مشروع النّظام السياسي الوارد بالمسودّة لا يرتقي نصّه إلى مستوى مسودّة وهو أمر قابل للإصلاح وتجاوز الثّغرات مضيفا أنّ عديد الفصول قد غابت عنها الرّوح الإبداعيّة الخلاّقة حتّى أنّ بعضها كان مجرّد استنساخ لفصول دستور 1959. وخصّص جزءا كبيرا من مداخلته لتفرّد رئيس الحكومة بالسّلطات ضمن مسودّة الدّستور ومساندة الأغلبية النيابية للنظام البرلماني في حين أنّ اليوم تستدعي الضّرورة أن تكون السلطة متوازنة وموزّعة بكيفيّة أشمل تضمن عدم التفرّد بالسّلطة.
وبيّن أنّ نفس اللّجنة الّتي انتخبت المجلس الوطني التأسيسي هي الّتي ستنتخب المحكمة الدّستورية والمجلس الأعلى للقضاء ولجنة مكافحة الفساد والهيئة المستقلّة للانتخابات الّتي حذفت منها كلمة «العليا» حتى لا تتجاوز سلطة رئيس الحكومة وهي انتخابات خاضعة دائمة إلى قانون الأغلبية النيابية والاستثناء الوحيد الّذي بقي يتعلّق بانتخاب المجلس الإسلامي الأعلى .
وعن رؤية شبكة «دستورنا» لمسودّة الدّستور قال جوهر بن مبارك إننا ندافع عن نظام برلماني معدّل تكون فيه السلطة التنفيذية بيد رئيس الحكومة وينتخب الشعب رئيس الجمهورية الّذي يمارس السّلطة التّعديليّة .