عاجل : بشرى للتونسيين المقيمين بالخارج    شركة نقل تونس: خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    مواجهة صعبة لأنس جابر اليوم في بطولة مدريد    تقلبات جوية في الساعات القادمة ..التفاصيل    مفزع: 17 حالة وفاة خلال 24 ساعة في حوادث مختلفة..    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    سان جيرمان يحرز لقب البطولة للمرة 12 بعد هزيمة موناكو في ليون    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    قرار جديد من العاهل السعودي يخص زي الموظفين الحكوميين    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    السعودية: انحراف طائرة عن المدرج الرئيسي ولا وجود لإصابات    سينعقد بالرياض: وزيرة الأسرة تشارك في أشغال الدورة 24 لمجلس أمناء مركز'كوثر'    دولة الاحتلال تلوح بإمكانية الانسحاب من الأمم المتحدة    السعودية: تحذير من طقس اليوم    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    الرابطة الثانية (ج 7 ايابا)    العروض الأجنبية بين الحقيقة والخيال...هل يحمي الترجي نجومه من لعبة «السماسرة»؟    أسير الفلسطيني يفوز بالجائزة العالمية للرواية العربية    غار الدماء: قتيلان في انقلاب دراجة نارية في المنحدرات الجبلية    أولا وأخيرا: لا تقرأ لا تكتب    افتتاح الدورة السابعة للأيام الرومانية بالجم تيسدروس    إيران تحظر بث مسلسل 'الحشاشين' المصري.. السبب    بين قصر هلال وبنّان: براكاج ورشق سيارات بالحجارة والحرس يُحدّد هوية المنحرفين    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    نابل: إقبال هام على خدمات قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمركز الصحة الأساسية بالشريفات[فيديو]    2024 اريانة: الدورة الرابعة لمهرجان المناهل التراثية بالمنيهلة من 1 إلى 4 ماي    عميد المحامين يدعو وزارة العدل إلى تفعيل إجراءات التقاضي الإلكتروني    بودربالة يجدد التأكيد على موقف تونس الثابث من القضية الفلسطينية    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    تسجيل طلب كبير على الوجهة التونسية من السائح الأوروبي    جمعية "ياسين" تنظم برنامجا ترفيهيا خلال العطلة الصيفية لفائدة 20 شابا من المصابين بطيف التوحد    الدورة الثانية من "معرض بنزرت للفلاحة" تستقطب اكثر من 5 الاف زائر    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الأهلي يتقدم بطلب إلى السلطات المصرية بخصوص مباراة الترجي    اليوم.. انقطاع الكهرباء بهذه المناطق من البلاد    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    السيناتورة الإيطالية ستيفانيا كراكسي تزور تونس الأسبوع القادم    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نائب رئيس «النهضة» في حديث شامل ل «الشروق» : أداء الأمن في أحداث السفارة الأمريكية يطرح أكثر من تساؤل
نشر في الشروق يوم 18 - 09 - 2012

كيف تنظر حركة النهضة إلى التطورات الجارية اليوم في تونس، ومنها حادثة اقتحام السفارة الأمريكيّة؟ وماهي برامجها في علاقة بالترويكا والمبادرات السياسيّة المطروحة واستعداداتها للمواعيد السياسيّة المنتظرة؟...السيد عبد الحميد الجلاصي يجيب عن هذه الأسئلة.


حجم الأسئلة التي يُمكن أن ترفع إلى أحد قيادات النهضة كبير جدّا وقد لا ينتهي، وهي متّصلة بالوضع العام في البلاد أمنيا وسياسيّا ومجتمعيّا وهي كذلك تسعى إلى البحث في المسائل والعلاقات داخل الحركة نفسها الّتي هي بصدد إعادة وضع هياكلها القياديّة الجديدة بعد مؤتمرها التاسع الّذي انعقد أواسط شهر جويلية المنقضي.
إذ تبقى حركة النهضة اللاعب الرئيس في المشهد السياسي وفي الحياة الوطنيّة ، فهي الحركة الماسكة بالجزء الأكبر من دواليب الدولة وهي الطرف المعني بدرجة أولى بإنجاح هذه المرحلة الانتقاليّة الثانية.
ما حدث في منطقة البحيرة يوم الجمعة من حرق وعنف وتخريب إضافة إلى ما نشهده في الكثير من جهات البلاد يؤكد وجود خلل في قدرة الأحزاب السياسية على تأطير الشباب ؟

لا شك أن الشباب التونسي قد تعرض طيلة أكثر من عقدين إلى سياسة ممنهجة لقتل الاهتمامات الكبيرة لديه وتنفيره من السياسة والشأن العام هذا الشباب انتفض وكان المفجر الأساسي للثورة ولكن دفعه إلى الاهتمام بالسياسة والالتزام والصبر على العمل الجماعي يتطلب توفير أطر جاذبة وخطاب مناسب واهتمامات مغرية.
شباب اليوم يرفض الوصاية في منظومة حزبية يسيرها في الغالب شيوخ حركتنا سعت وتسعى إلى توفير الإطار والخطاب والمناشط والاهتمامات التي تسمح بصياغة قيادات الغد ونحن نتقدم في هذا الاتجاه وقد شارك في مؤتمرنا نسبة لا بأس بها من الشباب كما تضم مؤسساتنا القيادية في المستويات المحلية والجهوية ومجلس الشورى نسبة كبيرة من الشباب ونطمح أن يزداد الاهتمام بالشباب والطلبة إعدادا لقادة المستقبل وتجنبا لصراع الأجيال وتجنبا أيضا للتصدعات والانفجارات الاجتماعية.
للأسف لا نخال أنّ بعض الهيئات الحزبية التي تكلست وتضع على رأسها رموزا قديمة يمكنها أن توجه رسالة تشجع الشباب على الالتزام والانتظام.
ما حدث أول أمس يضع نقطة تساؤل حول تماسك منظومتنا الأمنية وحول نجاعة منظومتنا التربوية وحول مسؤولية ودور أطرنا الحزبية والجمعياتية وحول سلامة الخطاب السياسي للكثير من النخب التي قد تؤدي بخفة استشعارها للمسؤولية إلى تهديد السلم الأهلي والاستقرار الاجتماعي.
أصابع الاتهام توجه في غالبية الأحيان إلى الشاب المتدين ومنها حادثة السفارة الأمريكيّة ، ألا تخشى النهضة والحكومة من مواجهة مع التيارات السلفية وخاصة منها الجهادية؟

ظاهرة العنف التي تحدث في الشارع ظاهرة مؤكدة ومعقدة أحد مكوناتها لا شك شباب ينطلق من فهم ساذج ومبسط ومغال للدين ولكن ينخرط في الظاهرة أيضا ويوظفها أوساط الجريمة المنظمة ورأس المال الفاسد وربما ايضا بعض الجهات السياسية.
حركة النهضة تبذل كل جهدها لترشيد الساحة الدينية آخذة في الاعتبار الموروق الديني الوسطي والتجديدي وترى ان من مسؤولية الدولة ومن مسؤولية العلماء والمجتمع المدني والأسرة ان تملأ الفراغ الذي حدث في البلاد طيلة عقود من التجهيل ومن التنفير ومن التبخيس للمكون الديني البعد الأساسي في هويتنا الوطنية.
إنّ حركة النهضة لا تنوي المواجهة مع الظاهرة الدينية حتى وإن كانت متشددة ان الأفكار والعقائد يجب ان تتفاعل وتتدافع وتتحاور بطريقة سلمية ، ان ما يجب أن تواجهه الدولة هم الأفراد الذين يخرجون عن القانون ويملون على المجتمع خياراتهم وأذواقهم.
إن الدولة تواجه الأفراد لا الجماعات والأفعال لا النوايا آو العقائد أو الأفكار.

شهران بعد مؤتمركم التاسع، بماذا تفسرون طول مدة تركيز الهياكل؟ هل يعود ذلك إلى اختلافات أو نزاع داخل مجلس الشورى وبين قيادات النهضة؟
لقد تم استكمال مجلس الشورى وانتخاب رئاسة مجلس الشورى كما تمت المصادقة على تركيبة المكتب التنفيذي ونحن الآن بصدد استكمال تركيبة المكاتب واللجان التنفيذية وأيضا المصادقة قريبا على تركيبة مكتب مجلس الشورى وبعض اللجان الوظيفية الأخرى وعسى أن يكون ذلك في الدورة القادمة للمجلس أواخر هذا الشهر.
نحن حركة شورية ونحن بصدد ترتيب الأوضاع الهيكلية اثر مؤتمر ومن الطبيعي أن تكون الهيكلة الجديدة استجابة لتوصيات وقرارات المؤتمر والأوليات التي حددها للحركة خلال المرحلة المقبلة وكذلك القطاعات والفئات والمجالات التي تتطلب تركيزا أكثر من غيرها وكل هذا يتطلب شيئا من الوقت إضافة إلى أنّ حركة النهضة تزخر برصيد بشري ثري ولله الحمد بما يوفر ترشحات عديدة لكل وظيفة من الوظائف والتمحيص بين هذه الترشيحات لاختيار الأفضل والأمين يتطلب شيئا من الوقت وفي كل الحالات نأمل ونسعى إلى أن تنطلق الحركة بداية اكتوبر بوضوح كاف على المستوى الهيكلي والتنظيمي وكذلك أيضاً على مستوى الخيارات والتوجهات العامة وأوليات العمل بالنسبة إلى السنة القادمة، أما من حيث الحديث عن الاختلافات فلا شك أنّ حركتنا تزخر بمقاربات متنوعة وهي تعترف بالاختلاف ولا تضيق به ذرعا بل تنظمه لتجعل منه عامل إثراء وما حرصنا في تربتنا يوما على القولبة أو التنميط وسنحرص على استمرار هذه الخاصية أي الإقرار بل الاعتزاز بالاختلاف وإيجاد الأطر المناسبة لحسن إدارته للاستفادة من كل طاقة خيرة ومن كل إرادة طيبة ومن كل رأي حصيف.

ما هي أبرز أولويات النهضة مع بداية الموسم السياسي الجديد؟
إنّ ما يشغلنا حقيقة هو كيف تنجح الثورة التونسية وكيف تساهم في إنجاح الربيع العربي وكيف نساهم في صياغة عالم جديد أكثر توازنا واعتدالا؟ ومن ثم فإنّ الفرز داخل بلادنا يجب أن يتم على أساس القوى الحريصة على الثورة الخادمة لأهدافها مهما تعددت بينها المرجعيات والقوى المناهضة للثورة أو التي تحن إلى العودة إلى النظام القديم وهنا تبدو الانتخابات القادمة محطة مفصلية وسنسعى إلى أن تكسبها قوى الثورة للتقدم ببلادنا نحو تجسيد الدولة الديمقراطية المدنية التعددية الراعية للحريات الفردية والجماعية الحريصة على العدالة الاجتماعية الضامنة للفصل بين السلطات الراسخة في ثقافة البلاد وتاريخها المنفتحة على العصر والعالم وعلى كل خبرة إنسانية ظهر نفعها.

وسنسعى في الفترة القادمة إلى إعداد الحركة الإعداد الجيد لخوض الانتخابات والفوز فيها مع الحرص على مناخات التنافس السياسي فيها كما سنسعى إلى إنجاح تجربة الحكم وذلك من خلال الحرص على استمرار العقلية التوافقية والتحالف الثلاثي ومن خلال تعدية الثورة من الشارع إلى المؤسسات ومن خلال ضرب الفساد والإصلاح الشامل وخلال إجراءات تنموية مباشرة يلمسها المواطن العادي في معاشه اليومي كما تلمسها الفئات والجهات المحرومة.
إنّ إنجاح تجربة الحكم هو سياسات وإجراءات وهو كذلك ترسيخ لنمط جديد في الحكم يرتكز على نظافة اليد وقرب المسؤول من المواطن والشفافية في التوظيف والتعيين واعتماد قاعدة المحاسبة والنقد ونأمل ان تحقق بلادنا في أفق الانتخابات القادمة قفزات نوعية في هذه المجالات.
حركتكم متهمة بالتغوّل والسعي إلى الهيمنة على أجهزة الدولة لتحقيق أهدافها في مواصلة التواجد بالحكم ؟
أولا حركة النهضة لم تصل إلى الحكم عن طريق دبابة أو انقلاب عسكري وإنما وصلته عبر انتخابات نزيهة وشفافة وتعددية كما أنّها تدير شؤون البلاد ضمن تحالف ثلاثي وهي حريصة رغم الصعوبات ورغم الأزمات أحيانا على استمراره ونجاحه.

ثانيا حركة النهضة تحكم البلد وفقا للتعاقد بينها وبين شريكيها وبينها وبين عامة التونسيين ألا وهو برنامجها الانتخابي وهي لا تتمسك بالسلطة بل هي قد التزمت بتنظيم الانتخابات في أسرع وقت ونقولها ونجددها نحن عازمون على الانتخابات بمجرد انتهاء المجلس الوطني التأسيسي من وظيفته السياسية أي إعداد الدستور وقد وجهت مؤسسات الحركة الكتلة النيابية للإسراع في عمل اللجان الدستورية والإسراع في إعداد النسخة الأولى من الدستور.

ثالثا كل حزب من الأحزاب يسعى إلى الانتشار وإلى تقوية قاعدته الجماهيرية ونحن نسعى إلى أن نكون معبرين عن كل الفئات والجهات والتطلعات الوطنية المشروعة ونعتبر أنّ من حق أي حزب أن يسعى وفقا لقوانين البلاد ووفقا للأعراف السياسية ووفقا للأخلاق العامة إلى أن يوسّع قاعدته الجماهيرية بل نعتقد أن من واجب الأحزاب أن تسعى إلى تأطير الجماهير وإثرائها بالسياسة والاهتمام بالشأن العام لجعل الاهتمام بشؤون الناس مسألة جذابة ومغرية.
رابعا التعيينات تخضع لمعايير قانونية وحركتنا تسعى إلى مراجعتها ولئن كانت الأحزاب ملكا لمنخرطيها فإن الدولة ومؤسساتها وهياكلها ومرافقها ملك لجميع التونسيين لا يتفاضل بعضهم عن بعض إلا بمقياس الكفاءة .
خامسا من حق كل حزب من الأحزاب في أعرق الديمقراطيات أن يتولى مناصب سياسية تساعده على تنفيذ البرامج التي انتخب من اجلها ولنلق النظر إلى ما يحدث في فرنسا وأمريكا عقب كل انتخابات رئاسية وسنرى مصداقا لذلك ومهما كان الأمر ليس هناك حجر على نهضوي أن يتحمل مسؤوليات بسبب انتمائه هذا الحجر حدث في العهود السابقة ولكن الثورة أطاحت به كما أن بطاقة الانخراط في النهضة لا تخول التعيين في المسؤوليات في غياب الكفاءة.
والسؤال الذي يجب أن يطرح وتجنبه الكثيرون هو التالي: هل أنّ التعيينات تخضع لمعيار الكفاءة أم لا ؟ ونحن نجزم إنّ التعيينات تمت بحسب الكفاءة العالية ونظافة اليد والالتزام بمبادئ الثورة.
والسؤال الثاني هل يميز المسؤول حين مباشرته لمهامه بين تونسي وآخر على أساس الولاء الحزبي ؟ ، نحن لا نتصور ان يحصل ذلك وان حصل فهو إخلال مهني وأخلاقي يوجب العزل لصاحبه.

كيف تفسرون اتهام أطراف من المعارضة لحركتكم بالتضييق على حرية نشاطاتها خاصة في الجهات الداخلية؟
لقد فاجأت الثورة الجميع وفاجأت خاصة الأحزاب السياسية التي ظلت في حالة ارتباك وبحث عن التوازن في أوضاع جديدة كما فاجأت نتائج الانتخابات البعض وخلطت أوراقه فلم يستسغ الواقع الجديد ولا استطاع هضمه او التفاعل معه ، إنّ وضع ما بعد الثورة ووضع ما بعد الانتخابات يتطلب ثقافة جديدة من نخب سياسية سواء أكانت في الحكم أو في المعارضة.

إن ثقافة الاحتجاج يمكن أن تكون برنامجا سياسيا في أوضاع الاستبداد والتسلط ولكن الاحتجاج لا يمكن أن يكون برنامجا سياسيا في أوضاع الديمقراطية ، إننا في حركة النهضة لا نرى خطرا على الحريات العامة بل نحن الذين ذقنا أكثر من غيرنا طعم الإرهاب والحرمان والحقوق بما جنبنا الوقوع في حبائل وإجراءات الاستبداد كما أن توازن القوى والمزاج الشعبي العام والإعلام والأوضاع الإقليمية والدولية تحصن بلادنا من كل منزلق نحو الاستبداد وللأسف نجد أطرافا تعمل في برامجها على التهويل والمبالغة والمغالطة بل وحتى الاختلاق ، لقد فشلت فقاعات بن علي بإلغاء النهضة واجتثاثها وزال بن علي وفزاعاته ونأمل أن يتخلى شركاء الوطن عن المبالغة والتهويل.
أجل هناك صعوبات تصحب إدارة شؤون البلاد الآن وهي الصعوبات الملاصقة لكل انتقال ديمقراطي بعد الثورات ولكن التيار الواسع من النخبة السياسية يلتقي على مشروع وسطي جامع فيه الحريات والديمقراطية وفيه العدالة الاجتماعية وفيه الاعتزاز بالهوية الوطنية وفيه الحرص على الاستقلال الوطني والتفاعل مع الحضارات والثقافات والشعوب ، وللأسف لا تثمّن نخبنا هذا المشترك العام بل تضخم بعض المختلف فيه وقد يكون قليلا بل قد تفتعل قضايا وتسلط عليها الأضواء والإيهام بأنها قضايا خلافية في حين أنها محل وفاق.

لكن البعض يرى حركة النهضة قد تكون ارتكبت بعض الأخطاء في تقدير الأوضاع خاصة من ناحية التحالف الثلاثي مع طرفين بهما الكثير من الضعف وعدم التماسك وتحمل أعباء الحكم في ظرفية وطنية صعبة؟

لقد أعلمنا بعض المختصين والمؤرخين أنّ تسعين بالمائة من الحكومات التي تتولى السلطة بعد الثورات تفشل إدارة الحكم ونظرا لحجم التطلعات الشعبية كما كان واضحا عندنا أنّ مدة التعويض الشعبي قليلة وأنها متلبسة بين مهمة أساسية وهي صياغة دستور لتونس وبين القيام بإدارة شؤون الحكم في مدة سنة أو ما يقاربها.
إذن لم يكن غائبا عن أذهاننا كل ذلك ولكن تقديرا للمصلحة الوطنية فقد قررنا خوض التجربة إن لم نقل المجازفة وحرصنا على حكم تآلفي مع شريكين نلتقي معهما في البرنامج الاقتصادي والاجتماعي وفي فلسفة الحكم كما نشترك معهما في التاريخ النضالي رغم التباين في بعض القضايا الثقافية ونحن الآن نقر أنّ خيارنا كان صائبا ولازلنا مقتنعين بأهميته فأن نتحالف ونحاصر المشاكل والصعوبات أفضل بكثير من الاستفراد بالحكم وما قد يكون فيه من مؤلقات للعودة للاستبداد أو السقوط في الفوضى والمجهول.

يثير الجدل حول تاريخ 23 أكتوبر إمكانية تحقيق وفاق وطني جديد بعد استحالة الالتزام بمدة السنة المتفق عليها سابقا بين الأطراف السياسية ؟
من زاوية قانونية وسياسية بحتة لا نعتبر أنّ هناك قضية تسمى بقضية 23 أكتوبر فولاية المجلس الوطني التأسيسي تنتهي باستكمال مهامه أي صياغة الدستور وإفراز مؤسسات على مقتضاه...

....لكن هناك الأمر الذي دعا لانتخابات 23 أكتوبر الفارط وهناك أيضاً اتفاق 15 سبتمبر بين الأطراف السياسيّة؟
نعم لكن مع هذا يوجد القانون المنظم للسلط العمومية الذي يحدد صلاحيات ومدة عمل المجلس الوطني التأسيسي والمؤسسات المفرزة عنه ...قلت ليس هناك إشكاليات قانونيّة أو سياسيّة وان كان هناك من التزام فهو التزام أخلاقي توافقت عليه الأحزاب الممضية على وثيقة 15 سبتمبر 2011 ومازلنا متمسكين به بمعنى الحرص على إنهاء هذه المرحلة الانتقالية الثانية وأن تمضي البلاد إلى انتخابات في أسرع وقت وان نسرع المجلس الوطني التأسيسي في إقرار الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتركيبتها وصلاحياتها وإقرار الدستور وفي إقرار النظام الانتخابي ، وإننا حريصون على أن تكون الانتخابات في الموعد الذي صرح به السيد رئيس المجلس الوطني التأسيسي.
كيف تفسرون تباين الآراء بين قيادات من النهضة حول تقييم أداء الحركة والحكومة خلال الفترة الأخيرة بين النقد والمساندة؟
في كل الحالات لقد عبر مؤتمرنا في بيانه الختامي عن قدر من الانشغال ببطء اداء الحكومة في بعض المجالات وطالب بالتشريع ببسط ثقافة الثورة وأخلاقها في المؤسسات وإعادة هيكلة الادارة قانونيا وتنظيمها وتطهيرها من الفساد والمفسدين كما طالب بتوفير فرص العمل والإنتاج والسعي لتحقيق الرفاه الاجتماعي لجميع الفئات الاجتماعية من خلال تنمية الإنتاج والتوزيع العادل لثماره كما عبرت فئات من مناصري الحركة والمتعاطفين معها والمناضلين في صفوفها عن نفس الانشغال ونعتبر ان حكومة الثورة ستستجيب لهذه المطالب بالتشريع في الإجراءات التنموية ومزيد بذل الجهد لمقاومة الفساد والمفسدين هذا إحساس عام وتقييم مشترك ومع ذلك فان للأشخاص بصماتهم الذاتية تطبع تصريحاتهم ومواقفهم.

كيف تردون إذن على المعطيات التي قدمها نجيب القروي والتي تؤكد وجود علاقات متوترة بين أعضاء في الحكومة وبرامج خفية لبعض قيادات النهضة؟
السيد نجيب القروي ليس عضوا الآن في الحركة ولا مسؤولا في أي مؤسسة من مؤسساتها وهو أيضاً ليس مسؤولا في الحكومة ...
...ولكنّه الطبيب الشخصي للامين العام للحركة ورئيس الحكومة السيد حمادي الجبالي؟
لست متأكدا من انه الطبيب الشخصي للسيّد رئيس الحكومة وحتى وان كان كذلك فهذا موقع فني وليس مسؤولية سياسية وما صرح به السيد نجيب القروي رأي يلزمه شخصيا ولكنه لا يعبر عن مواقف السيد رئيس الحكومة الذي لم يفوضه بذلك كما ان العلاقات التي تربط السيد رئيس الحكومة بفريقه من وزراء ومستشارين علاقة تاريخية متينة بدات في عهود مكافحة الاستبداد وهي الآن تستمر في وضع جديد وضع بناء تونس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ان العلاقات الأخوية داخل الفريق النهضوي الحاكم وكذلك العلاقات بين مسؤولي النهضة من كان منهم في دائرة الحكم ومن كان منهم في دوائر النضال الحزبي والمجتمعي علاقة أخوة وشراكة تحضر فيها أبعاد النجاعة كما تحضر فيها إبعاد المحبة والإيثار ولا يمكن ان تربك بتصريح من هنا او حوار من هناك ولقد جدد المكتب التنفيذي للحركة في دورته الأخيرة دعمه لقيادات الحركة التي تتعرض للاستهداف كما جددت مؤسسات الحركة ثقتها في الأخ رئيس الحكومة وفريقه.

ان الحركة متعودة على تقاليد التناصح والتقييم والنقد والمحاسبة ولكنها لم تتعود على أساليب النميمة والتفتين وستظل محصنة بإذن الله ضدها باعتماد الشفافية والمصارحة.
أعلن حزبا الجمهوري والمسار عن مبادرة سياسية قلتم أنكم تلقيتم إشاراتها...هل نرى تقاربا مع هذين الحزبين وهل سيتم توسيع مكونات الحكومة؟
نحن نرحب دائماً بالحوار ونسعى دائماً إلى تقريب وجهات النظر بين مختلف الشركاء ولكن لا نعتبر أن هناك مشكلة اسمها 23 أكتوبر ومع ذلك فيمكن ان تتم اتصالات ومشاجرات في داخل الترويكا ومع الجمهوري والمسار للنظر في مكونات المبادرة وجدول أعمالها والأطراف المعنية بها.

الحزبان المذكوران يؤكدان أنهما مدعومان من حركة نداء تونس، هل تقبلون بالجلوس مع نداء تونس على طاولة واحدة؟
نحن نقبل بالحوار والتفاعل والتشارك مع كل الأطراف المستجيبة للثورة وأهدافها ولا نقبل الجلوس أو الحوار مع الأطراف المتورطة مع نظام الفساد والاستبداد.
هل سنرى توسيعا لقاعدة الحكومة في حال نجاح مبادرة الجمهوري والمسار؟
على كل من الناحية المبدئية كل الاحتمالات واردة ولكن لا أعتقد أن الوقت مناسب لإجراء تغييرات جذرية في وقت لم يعد يفصلنا عن الانتخابات إلا أشهر معدودات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.