قد لا يجد الكسكسي وزيت الزيتون طريقا لهما إلى السوق الأمريكية ما بعد أحداث البحيرة عشيّة الجمعة الماضي فالأمريكيون غاضبون من إهانة محتجين تونسيين لدبلوماسييهم وحرق سياراتهم في عقر السفارة. وكان دايفيد حمود رئيس الغرفة التجارية الامريكية العربية قد اعلن في شهر جوان الماضي خلال ندوة صحفية حضرها بصفاقس مرفوقا بالسفير الامريكي السابق غوردن غراي ووفد تجاري أمريكي أنّ «الفرصة سانحة ومتاحة للشركات التونسية ومنها القطاع الخاص لاقتحام السوق الامريكية عن طريق المواد الغذائية وبالأساس تصدير الكسكسي وزيت الزيتون» مستخدما المثل الشعبي العربي القائل أن تكسب ود رجل فابتدئ بمعدته.
كما قال حمود خلال الندوة المذكورة إنّ اتفاق التجارة الحرة بين تونسوالولاياتالمتحدة هو من أصعب الاتفاقيات التي وقعتها الحكومة الامريكية وهو يرفع من مستوى تونس كوجهة للاستثمار وهو اتفاق ذهبي على حد وصفه. جاكوب في مزاج سيء قبل اقتحام السوق الامريكية دفع الغضب بتونسيين ينسبون الى التيّار السلفي عقب صلاة الجمعة عشية 14 سبتمبر الجاري الى اقتحام مقر السفارة الامريكية واستباحة ساحتها لحرق العلم الامريكي وحرق 94 سيارة لدبلوماسيين وموظفين الأمر الذي دفع بالسفير الأمريكي الجديد جاكوب والس بعد لقاء جمعه بوزير الخارجية رفيق عبد السلام الى التصريح بالقول «ما اقترفه المتطرفون ستكون تأثيراته وخيمة على حياتكم واقتصادكم فمن الصعب جدّا على الأمريكيين الاستثمار في دولة غير آمنة واعتقد أن وضع تونس وصورتها العالمية غير جيدين» وفقا لما تناقلته وسائل إعلام وطنية يوم أمس. وعلى عكس ما صرّح به السفير الأمريكي الذي طالب الحكومة التونسية بالتعويض للبعثة الامريكية على الخسائر التي لحقت بالسفارة وبالمدرسة الأمريكية اعتبر عدد من المسؤولين التونسيين أن العلاقات بين البلدين أكبر وأوثق من أن تفسدها حماسة المتظاهرين وردّة فعلهم غير المتوقعة.
كانت تونس ستستقبل خلال شهر أكتوبر المقبل عددا من المتطوعين الجدد، لتنمية قدرات الشباب التونسي في اللغة الانقليزية بالتعاون مع وزارات التربية والشباب والرياضة والتكوين المهني والتشغيل، بعد إعلان عودة فيلق السلام الى تونس من خلال زيارة أدّاها أرون وليامز مدير البرنامج إلى تونس خلال شهر أفريل الماضي مؤكدا في لقائه بالرئيس المنصف المرزوقي أنّ مجموعة أولى من المتطوعين ستصل تونس خلال خريف العام الجاري.
كما حظي التونسيون بالدعم الأمريكي أثناء احتجاجهم ضدّ سياسة التهميش التي توخاها الرئيس السابق بن علي ووقف أعضاء الكونغرس لتحيّة الشعب التونسي. وقد استغرب حينها الكثيرون من تخلّي الولاياتالمتحدة عن دعمها لحليفها بن علي وفسّر المحللون السياسيون ذلك بتغيّر الاستراتيجيّة الامريكية لكسب أعداء أمريكا وذلك من خلال القبول بمشهد سياسي بديل في المنطقة (الشرق الاوسط وشمال افريقيا) يتزعمه الاسلاميون.
أمّا على المستوى الاقتصادي فيقول مسؤولون أمريكيون إنّ تونس ليست لها ديون كبيرة من جانب الولاياتالمتحدةالامريكية وإن العلاقات بين البلدين لا تحمل تبعيّة تونس للولايات المتحدة وانما هي شراكة اقتصادية. واعلن السفير السابق غراي أن بلاده لها «ثقة كبرى في تونس رغم التصنيف الائتماني لها وأنّ من ملامح الثقة توقيع اتفاق الضمان البنكي بين البلدين في جوان الماضي وهو ما يمكن تونس من الحصول على قروض من البنوك الدولية بضمانة الولاياتالمتحدة وهذا الى جانب اتفاق التحويل النقدي لمبلغ 100 مليون دولار كمساندة مالية إلى تونس على المدى القصير وهو اتفاق تم امضاؤه في 17 ماي الماضي بين وزيرة الخارجية كلينتون والسفير التونسي محمد صالح تقيّة بقاعة المعاهدات بالعاصمة الامريكية وسيتم تقديم القسط الاول من هذا المبلغ وهو بقيمة 45 مليون دولار الى البنك الدولي لسداد ديون لتونس فيما ستخصص تونس القسط الثاني لسداد ديون لدى البنك الافريقي للتنمية وهو ما سيتيح لها استعمال المبلغ في البرامج ذات الاولوية والتسريع في نسق النمو الاقتصادي وخلق مواطن شغل».
وتتبادل بعض المواقع الالكترونية معطى حول نيّة الولاياتالمتحدة إلغاء اتفاق الضمان البنكي احتجاجا على اقتحام السفارة والاعتداء على سيارات الدبلوماسيين على خلفية احتجاجات الجمعة الماضي ضدّ الفيلم الامريكي المسيء إلى مقدسات المسلمين. ما تزال تداعيات ما حصل عشيّة الجمعة في البحيرة غير واضحة إلى حد الآن ويكفي القول إنّ الأمريكيين غاضبون والدليل سحب موظفيهم من السفارة.