نشرت المجلة الفرنسية الأسبوعية الساخرة «شرلي ابدو» أمس رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، في خُطوة قد تُؤدي إلى اندلاع مزيد من الاحتجاجات من جانب المسلمين الغاضبين أصلا من فيلم «براءة المسلمين» الذي أضرم النار بالمعنى الحرفي في العديد من البلدان العربية والإسلامية. وحمل غلاف عدد الأمس من المجلة المُثيرة للجدل صورة رسم كاريكاتوري مُوقّع باسم مدير تحرير المجلة، ستيفان شاربونييه، الشهير ب«شارب» تمثل رجلا مسلما جالسا على كرسي نقال يجره رجل يهودي. وحمل الرسم عبارة «ذي انتوشابل2» (الذين لا يمكن انتقادهم )والتعبير يعني أيضا «أدنى الطبقات المنبوذة في الهند».
البنزين على النار
ونشرت المجلة في الصفحات الداخلية رسوما كاريكاتورية، بعنوان «محمد يمارس السينما» والعبارة تعني « الذي يمثل أوالذي يستعمل طُرقا مُلتوية لتحقيق أهوائه ورغباته أوالذي يعقّد الأمور».
وأقرّ شاربونييه، بتهكّم، في تصريحات صحفية بأن هذه الرسوم «قد تصدم الذين يريدون أن يصدموا عبر قراءة صحيفة لا يقرؤونها على الإطلاق». وأضاف قائلا إن الرسوم «ليست مستفزة أكثر من العادة» ومُتسائلا «هل حرية الصحافة استفزاز؟». وجادل شاربونييه بأن له الحق في نشر الرسوم الكاريكاتورية. وقال «إننا ننشر رسوما كاريكاتورية لأي إنسان في كل أسبوع، وحينما نفعل ذلك مع النبي يوصف الأمر بأنه استفزاز».
وأضاف «إذا توقفت شارلي إبدوعن نشر أعمال كاريكاتورية بسبب الضغط أوخوفا من الهجوم فسوف ينتهي الحال بها إلى بيع 16 صفحة خالية كل أسبوع». واختتم قائلا أن قرار النشر يهدف إلى «الدفاع عن حرية الصحافة». استنفار في فرنسا
وما أن علمت الحكومة الفرنسية أول أمس بأن المجلة تعتزم نشر الرسوم الكاريكاتورية حتى حثّت على التحلي بضبط النفس. وعلّق رئيس الوزراء الفرنسي، جان مارك آيرولت، على خطة «شارلي إبدو» نشر الرسوم بالقول في بيان انه «في المناخ الحالي، يودّ رئيس أن يشدّد على استهجانه أي مغالاة ويدعو الجميع إلى التصرف على نحو رشيد والتحلي بروح المسؤولية».
أما وزير الخارجية، لوران فابيوس، فقال «أي استفزاز الآن لا بد من إدانته». وردا على سؤال اثناء وجوده في القاهرة حول امكانية نشر رسوم للنبي انه «ضد اي استفزاز»، مذكّرا بوجود حرية تعبير في فرنسا.
وأفادت عدة محطّات إذاعية فرنسية دون الخوض في التفاصيل بأن الرئيس فرانسوا هولاند عبر أمس الأول عن « عن انزعاجه خلال افتتاحه بحضور الملياردير السعودي الأمير الوليد بن طلال وعدد من قيادات وممثلي دول العالم العربي والإسلامي «جناح الفن الاسلامي» بمتحف «اللوفر» بباريس.
وأقر الرئيس هولاند بأن «فخر الحضارات الإسلامية ينبع من أنها الأقدم والأكثر حيوية والأكثر تسامحاً من بعض الذين يدعون تعسفا أنهم يتحدثون باسمها اليوم». كما أفادت الإذاعية بأن مكاتب مجلة «شارلي إبدو» قد أحيطت بطوق أمني تحسّبا لأي طارئ، وأن «الإسلاميين يهدّدون على الانترنيت بالتّظاهر من جديد» بعد غد السبت..
وكانت هذه المكاتب قد تعرضت لهجوم بقنبلة حارقة في نوفمبر الماضي بعد ان نشرت المجلة، «احتفالا بفوز» حزب النهضة الاسلامي في الانتخابات التونسية عنوانه «شريعة ابدو» كان فيه النبي محمد «رئيس تحرير» وشب حريق متعمد في مقر المجلة بعد القاء زجاجة المولوتوف التي لم توقع اصابات. وفي عام 2005 فجرت رسوم كاريكاتورية دنماركية للنبي موجة من الاحتجاجات في أنحاء العالم الإسلامي قتل فيها ما لا يقل عن 50 شخصا. وسجّلت المجلة آنذاك رقما قياسيا في المبيعات التي تخطّت المئة ألف نسخة في يوم واحد.
مظاهرات مرتقبة
وقد أعرب محمد موسوي، رئيس «المجلس الفرنسي للديانة الاسلامية» الهيئة التي تمثل الدين الاسلامي أمام السلطات العامة في فرنسا أول أمس عن «عميق صدمته» ازاء قرار المجلة نشر «رسوم مهينة» للنبي محمد، والذي نعته ب«تصرّف جديد مُعادٍ للاسلام».
وحثّ موسوي مُسلمي فرنسا في بيان على «التعبير عن سُخطهم بهدوء وبطريقة مشروعة»، مُناشدا إياهم في الوقت نفسه ب«عدم الانجرار وراء الاستفزاز». وأعلنت وزارة الخارجية الفرنسية، أمس، أن جميع السفارات والقنصليات والمدارس الفرنسية والمراكز الثقافية، ستغلق غدا الجمعة في حوالي 20 بلداً كإجراء «احترازي» إثر نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد في مجلة فرنسية.
وقال مسؤول في الوزارة إنه «ليس هناك أي خطر مؤكد على أي من المصالح الفرنسية في هذه الدول، ولكن الخطوة احترازية» بحسب ما نقلت وكالة فرانس برس. وأعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس في تصريح إذاعي أن فرنسا اتخذت «احتياطات أمنية خاصة» لحماية سفاراتها في العالم بعد نشر رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في مجلة فرنسية ساخرة وهو ما يعني أن السلطات الفرنسية تتوقع خروج مظاهرات احتجاج على الرسوم الجديدة ليس في فرنسا فقط بل عبر العالم أيضا.
وقال فابيوس: «أرسلت تعليمات لاتخاذ احتياطات أمنية خاصة في كل البلدان التي يمكن أن تحصل فيها مشاكل». واعتبر أن نشر مجلة شارلي أيبدو الأسبوعية الساخرة رسومًا كاريكاتورية مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم في «الوضع الراهن» يصب «الزيت على النار». وأضاف: «في فرنسا، المبدأ هو حرية التعبير ويجب عدم المس به، ونظرًا إلى الوضع الآن وهذا الفيلم السخيف، وشريط الفيديو العبثي الذي تم بثه، ثمة غضب في كثير من البلدان الإسلامية، هل من الملائم صب الزيت على النار؟