يتردد البعض في اصطناع الأزمات وأحيانا إثارة الفتن ولتهويل اجندات لعل أهم أهدافها إثارة الشك في مؤسسات الدولة المؤدي الى فوضى وتعطيل عمل المسلطات . فبالأمس تحدث البعض على ان البلاد ستدخل في حائط إذا صوت الشعب سلبا على مشروع الدستور وها هو اليوم يثير البعض الآخر ازمة 23 اكتوبر المصطنعة وتجدون السلط التأسيسية والحكومة من أية شرعية رغم سبق انتخابهم من القاعدة الشعبية ولا ادري هل هذا يدخل في منطق الثورة والثورجية والدعوى الى فوضى خلاقة امريكية ام هو تجاهل كامل للقانون المنظم للسلط العمومية ام لا هذا ولا ذاك وانما اصل الداء يعود الى حملة انتخابية مبكرّة وحرب التموقع الدائرة بين المعارضة والسلطة السياسية حتى ولو كان ذلك على حساب استقرار الدولة والسير العادي للمؤسسات العمومية .
لذلك يجب على البعض التدقيق جيدا في الفصل الاول من القانون المنظم للسلط العمومية الذي جاء فيه تنظم السلط العمومية بالجمهورية التونسية تنظيما مؤقتا وفقا لأحكام هذا القانون الى حين وضع دستور جديد ودخوله حيز التنفيذ ومباشرة المؤسسات المنبثقة عنه لمهامها وهذا يعني ان المجلس الوطني التأسيسي والحكومة المنبثقة عنه لن تنتهي مهامهم ولن يفقدوا شرعيتهم الا بعد وضع دستور جديد للبلاد سواء قبل او بعد 23 اكتوبر القادم فالزمن ليس محددا .
كما ان ذات السلطات ملزمة بمواصلة عملها إلى حين وضع دستور للبلاد حتى ولو صوّت الشعب ضد مشروع الدستور الحالي وذلك بإدخال تنقيحات عليه حتى ولو بلغ الامر الى عرضه للاستفتاء مرة ثانية لان مهمة المجلس التأسيسي لا تنتهي الا بعد وضع دستور للبلاد حتى نستبعد مقولة دخول البلاد في حائط إذا صوت الشعب ضد مشروع الدستور .
واذا ما أخذنا جانب الزمن الذي يجب فيه على المجلس التأسيسي ان يخصصه لوضع الدستور تجده معيارا غير موضوعي لان المسالة خاضعة للنقاش والتصويت وليس للضغوطات والتهديدات وفي هذا الاطار تتحمل المعارضة الى جانب السلطة أسباب التاخير لان اسلوب التعطيل ولي الذراع والتحالفات وتصعيد المياه للمرتفعات لا يخدم البلاد ولا المؤسسات ويكفيك ان تستكشف ذلك من خلال تعطيل تمرير القانون المؤقت المنظم لهيئة القضاء العدلي والتأخير الذي سببه لإجراء حركة القضاة . لذلك اقول للبعض كفانا تصويبا فوق العارضة لان البلاد لم تعد تحتمل المزايدات ولا اثارة الفتن ولا المزايدات لان كلمة في الصباح وكلمة في المساء تثير عمودا من الغبار يربط الارض بالسماء ليتحول الى عاصفة هوجاء تجرف معها المنبطح على الارض والرّافع راسه للسماء لذلك على الجميع تغيير الخطّة التكتيكية حتى يتحمل كل طرف مسؤوليته التاريخية