تتواصل احتجاجات أنصار زاوية سيدي عبد القادر الجيلاني بمنزل بوزلفة على الاعتداءات الأخيرة التي تعرّضت لها الزاوية من قبل جماعة محسوبة على التيار السلفي. وأصدر أنصار الزاوية بيانا يدعون فيه سلطات البلاد والمواطنين الى التدخل كما يدعون إلىحماية مزارات الطريقة القادرية بعد أن تعرّضت إحداها الى التخريب بأيدي سلفيين متشدّدين. كما أصدر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، صفحة يدعون فيها الى إعادة فتح الزاوية بعد إغلاقها من قبل السلفيين الذين قاموا، حسب أنصار الزاوية، بتهديد القائمين عليها إذا ما هم عاودوا فتحها للمريدين.
10 اعتداءات في عام واحد
وهذه الحادثة العاشرة تقريبا وربما أكثر التي تعرّضت فيها مقامات الأولياء الصالحين في تونس الى الاعتداء سواء بالغلق أو الحرق أو الهدم، وذلك منذ سقوط النظام السابق وظهور ما بات يعرف بالسلفيين. ففي سنة 2012 تعرّضت أكثر من 10 مقامات في جهات متفرقة من البلاد الى الاعتداء آخرها زاوية سيدي عبد القادر الجيلاني بمنزل بوزلفة من ولاية نابل في 14 سبتمبر 2012. وقبل هذه الحادثة تعرّضت زاوية سيدي عبد اللّه الغريبي بسيدي بوزيد في شهر أوت الماضي الى الحرق. كما تمّ الاعتداد على زاوية صوفية بالقيروان في نفس الشهر. وفي ماي 2012 قامت مجموعة محسوبة على التيار السلفي بهدم الجزء العلوي لقبّة الولي الصالح سيدي المحارب في ولاية المنستير. وفي نفس الشهر تعرّضت زاوية سيدي يعقوب بمنطقة زليطن في معتمدية مطماطةالجديدة من ولاية قابس الى اعتداء مشابه، استعمل فيه المعتدون آلة جارفة، بهدف هدم الزاوية.
وفي شهر أفريل 2012 قامت عناصر محسوبة على التيار السلفي المتشدد بالاعتداء على زاوية سيدي قاسم بالكاف، كما تمّ في نفس الشهر هدم ضريح الولي الصالح سيدي عسيلة في باردو، من قبل نفس التيار. ويذكر أن اعتداءات مشابهة تعرّضت لها مقامات بعض الأولياء الصالحين في مناطق متفرقة من ولاية صفاقس (الصخيرة والغريبة والمحرس) كما تم الاعتداء على أحد الأولياء الصالحين في ملولش.
وتؤكد هذه الاعتداءات الحملة او الهجمة الممنهجة ليس ضد الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين فحسب وإنما ضد التراث الوطني في بعدية المادي واللامادي، وهو ما عبّرت عنه وزارة الثقافة في بيان أصدرته في ماي الماضي على خلفية تكرر الاعتداءات على الزوايا والمقامات. وقد استنكرت الوزارة بشدة هذه الاعتداءات واعتبرتها محاولات لطمس الذاكرة الوطنية التونسية واعتداء على الرموز الثقافية لبلادنا. كما هددت بتتبع الجناة عدليا، وهو ما حدث فعلا حيث قامت الوزارة في الآونة الأخيرة برفع عدد من القضايا العدلية ضد المتورطين في الاعتداءات على الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين. السلفية الوهابية
ويجمع عدد من المثقفين والناشطين في جمعيات المجتمع المدني اضافة الى أنصار الطريقة القادرية في تونس على تورط السلفية الوهابية في كل هذه الاعتداءات والجرائم متهمين السلطات في البلاد وخصوصا الحزب الاسلامي الحاكم اي حزب النهضة، بالتواطؤ مع أنصار وعناصر هذا التيار في تونس.
ويتساءل هؤلاء عن مآل القضايا العدلية المرفوعة ضد المعتدين على الزوايا ومقامات الأولياء الصالحين علما أنه تم مثلا القبض في ماي الماضي على 7 من المتهمين في الاعتداء على زاوية سيدي يعقوب بولاية قابس، ولم يصدر الى الآن الحكم في الجريمة.
إن ما تقوم به السلفية الوهابية في تونس اليوم من غلق وهدم وحرق لزوايا ومقامات الأولياء الصالحين في نظر الدكتور علي سعيدان هو محاولة لضرب الثقافة التونسية وفرض لثقافة ونمط عيش غريب عن التونسيين.