قال الخبير في علم الاجتماع السياسي سالم الابيض ان العنف السياسي ظاهرة اخذت شكلا ماديا وشكلا رمزيا وان هذا العنف يعتبر من الظواهر المحدثة في تونس والمتزامنة مع الثورة وذلك بسبب احتقار الحياة السياسية في السابق. وأكد انه في ظل التعدد والتنوع الان اظهرت التجربة السياسية الجديدة ان التعايش بين الاحزاب والتنظيمات والافكار والرؤى المختلفة والمتناقضة بات امرا عسيرا بل ان العنف المادي والرمزي قد طال ابناء الحزب الواحد والرؤية الواحدة,وقال ان هذا دليل على وجود ضعف في السلوك الديمقراطي وعدم تنشئة الاحزاب لكوادرها وقاعدتها على الديمقراطية وفكرة التداول ناهيك ان الصراع يعكس نظرة تقوم على فكرة الريع أي تحقيق المصلحة الخاصة اما للفرد في علاقته بابناء حزبه او ابناء الحزب الواحد في علاقتهم بالأحزاب الأخرى.
كما اعتبر ان العنف السياسي متولد عن الموقف من الثورة والانتماء اليها والتضحيات والنضالات التي قدمها هذا الحزب او ذاك ابان التراكم النضالي قبل الثورة ومن الحيف وضع من قدم تضحيات ودفع فاتورة ذلك سجونا واقصاء ومنعا من العمل وتشريدا وتهجيرا وهذا يشمل ثلاث تيارات سياسية كبرى وهي التيار القومي العروبي واليوسفي والتيار اليساري ثم التيار الاسلامي في نفس المرتبة مع قوى اخرى ظهرت بعد الثورة ووجدت الارضية سهلة ولم تقدم التضحيات واصبحت تقدم نفسها على اساس انها البديل ودخلت في صراع مع التيارات القديمة.
وأضاف ان بعض الأحزاب الجديدة شكلت امتدادا للمنظومة القديمة من حيث بعض الرموز او قاعدة «المناضلين» مما يؤدي الى انفجار الصراع بين القوى المناضلة التقليدية والقوى المحسوبة على النضال الجديد وهي في أصلها قديمة واشار الى ان حقيقة الصراع بين قوى الثورة القديمة التي منعت من حقها يوما وبين قوى النظام القديم الذي اسقطته الثورة وتريد العودة الى السلطة باي ثمن كان.
وان من مولدات الصراع الاختلال في التوازن بين من يمتلك الشارع والأرض ويمارس نضاله في اطر سياسية او نقابية لها حضور مادي وبين من يمتلك الفضاء الإعلامي فيظهر كل مرة مبشرا بانه صاحب مشروع الإنقاذ لكن عندما يتحول من صبغته الافتراضية الى الواقعية يجد نوعا من الصد يكذب فكرة الالاف المؤلفة التي تقف وراء هذا الحزب او ذاك فأي حزب يمتلك قاعدة شعبية متكونة من بضعة الاف وليس مئات آلاف يستطيع حماية نفسه ,اما اذا كانت مئات الآلاف افتراضية فلا اعتقد ان هناك صراعا سيتفجر بين الاحزاب التي ساهمت في الثورة مهما كانت اختلافاتها وحتى الاعتداء عليها كان من موقع التعصب.
كما قال ان العنف الذي نلاحظه اليوم في الشارع والذي لا مبرر له ولا يمكن ان يكون الا شبيها بما مارسه الشعب ضد بن علي هو متولد عن فكرة مراكز القوى ونوع من تبادل تعبيرات القوى بين من يطمح في السيطرة على الشارع و بين من يطمح في السيطرة على وسائل الإعلام ورغم كل ذلك لا يمكن التأويل من هذا العنف لانه اذا قارناه بمجتمعات أخرى التي ذهبت الى السلاح يعتبر ضئيلا.