السينما التونسية حاضرة بفيلمين في الدورة التأسيسية للمهرجان الدولي للفيلم القصير بمدينة تيميمون الجزائرية    بطولة انقلترا: مانشستر سيتي يكتسح ليفربول بثلاثية نظيفة    الصندوق العالمي للطبيعة بشمال إفريقيا يفتح باب التسجيل للمشاركة في النسخة الثانية من برنامج "تبنّى شاطئاً"    مدير "بي بي سي" يقدم استقالته على خلفية فضيحة تزوير خطاب ترامب    هل نقترب من كسر حاجز الزمن؟ العلم يكتشف طريقاً لإبطاء الشيخوخة    بنزرت ...مؤثرون وناشطون وروّاد أعمال .. وفد سياحي متعدّد الجنسيات... في بنزرت    صفاقس : نحو منع مرور الشاحنات الثقيلة بالمنطقة البلدية    نبض الصحافة العربية والدولية ... مخطّط خبيث لاستهداف الجزائر    "التكوين في ميكانيك السيارات الكهربائية والهجينة، التحديات والآفاق" موضوع ندوة إقليمية بمركز التكوين والتدريب المهني بالوردانين    حجز أكثر من 14 طنًا من المواد الغذائية الفاسدة خلال الأسبوع الأول من نوفمبر    ساحة العملة بالعاصمة .. بؤرة للإهمال والتلوث ... وملاذ للمهمشين    توزر: العمل الفلاحي في الواحات.. مخاطر بالجملة في ظلّ غياب وسائل الحماية ومواصلة الاعتماد على العمل اليدوي    بساحة برشلونة بالعاصمة...يوم مفتوح للتقصّي عن مرض السكري    أندا تمويل توفر قروضا فلاحية بقيمة 40 مليون دينار لتمويل مشاريع فلاحية    العاب التضامن الاسلامي (الرياض 2025): التونسية اريج عقاب تحرز برونزية منافسات الجيدو    أيام قرطاج المسرحية 2025: تنظيم منتدى مسرحي دولي لمناقشة "الفنان المسرحي: زمنه وأعماله"    قابس: حريق بمنزل يودي بحياة امرأة    الليلة: أمطار متفرقة ورعود بأقصى الشمال الغربي والسواحل الشمالية    كاس العالم لاقل من 17 سنة:المنتخب المغربي يحقق أكبر انتصار في تاريخ المسابقة    الانتدابات فى قطاع الصحة لن تمكن من تجاوز اشكالية نقص مهنيي الصحة بتونس ويجب توفر استراتيجية واضحة للقطاع (امين عام التنسيقية الوطنية لاطارات واعوان الصحة)    رئيس الجمهورية: "ستكون تونس في كل شبر منها خضراء من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب"    الجولة 14 من الرابطة الأولى: الترجي يحافظ على الصدارة والهزيمة الأولى للبقلاوة    نهاية دربي العاصمة بالتعادل السلبي    شنيا يصير كان توقفت عن ''الترميش'' لدقيقة؟    عاجل: دولة أوروبية تعلن حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على الأطفال دون 15 عامًا    احباط تهريب مبلغ من العملة الاجنبية يعادل 3 ملايين دينار..#خبر_عاجل    عاجل : فرنسا تُعلّق منصة ''شي إن''    رحيل رائد ''الإعجاز العلمي'' في القرآن الشيخ زغلول النجار    جندوبة: الحماية المدنية تصدر بلاغا تحذيريا بسبب التقلّبات المناخية    تونس ستطلق مشروع''الحزام الأخضر..شنيا هو؟''    حريق بحافلة تقل مشجعي النادي الإفريقي قبل الدربي    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الديربي التونسي اليوم: البث المباشر على هذه القنوات    أعلاها 60 مم: كميات الأمطار المسجلة خلال ال24 ساعة الماضية    المنتخب التونسي تحت 23 عاما يلاقي وديا السعودية وقطر والامارات من 12 الى 18 نوفمبر الجاري    عاجل: النادي الافريقي يصدر هذا البلاغ قبل الدربي بسويعات    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    عفاف الهمامي: كبار السن الذين يحافظون بانتظام على التعلمات يكتسبون قدرات ادراكية على المدى الطويل تقيهم من أمراض الخرف والزهايمر    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    الطقس اليوم..أمطار مؤقتا رعدية بهذه المناطق..#خبر_عاجل    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استوعبنا الدرس وماضون في الانجاز بهمّة عالية
الأستاذ عبد الرزاق الهمامي الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي «للشعب»
نشر في الشعب يوم 24 - 03 - 2012

يعتبر الاستاذ عبد الرزاق الهمامي الأمين العام لحزب العمل الوطني الديمقراطي من أبرز الوجوه اليسارية على الساحة السياسية الوطنية.
فقد تواصل نضاله الحقوقي والنقابي والسياسي على مدار العقود الثلاثة الاخيرة.
وما ميز هذه المسيرة النضالية لدى الاستاذ الهمامي هو اقتران فعله السياسي الميداني بنتائجه الفكري والمعرفي فهو من رجال السياسة القلائل الذين ملؤوا مجالات الجدل بالعديد من المساهمات التي تداولتها اجيال من الطلاب وتفاعلت مع مضامينها اجيال من الفاعلين السياسيين الشعب التقته في تمفصل تاريخي على غاية من الدقة واجرت معه الحوار التالي:
• لئن كان لكم شرف تأسيس أوّل تنظيم حزبي علني لفائدة الوطنيين الديمقراطيين، فهل كنتم تعتقدون أن تلك الفترة التأسيسية تتوفر على كلّ الشروط الموضوعية لتحيل العائلة الوطنية من السرية إلى العلنية؟
أوّلا: ان انجاز ذات حزبية سياسية للوطنيين الديمقراطيين كان هاجسَ المناضلين الذين أسسوا الخط منذ أواخر الستينات وأواخر السبعينيات.
وقد كان مطروحا بشكل دائم بلورة الذات السياسية الحزبية والاعلان عنها باعتبارها مهمة تاريخية لا محيد عنها.
غير ان هذه المهمة اصطدمت بعديد العراقيل وابرزها نظام الاستبداد الذي ظلّ يمنع القوى السياسية الممثلة للطبقة العاملة ولجماهير الشعب الكادح صاحب المصلحة في انجاز مهام التحوّل الوطني والديمقراطي، فقد كان على الدوام يحرم الممثلين السياسيين لهذه الفئات من حق التنظيم. وكان من الضروري ان يُفتكّ هذا الحق.
ولهذا السبب، فإن ما شاع من شكل سري في العمل السياسي، كان في الحقيقة اضطرارًا لا اختيارًا.
وكان من الضروري ان تتوفر القوى المادية الدّاعمة لبلورة الكيان السياسي وللنقلة النوعية في ادائه باعلانه بشكل قانوني.
ولم تكن هذه القوة غير انصهار طلائع الخط الوطني الديمقراطي في قاعدتها الاجتماعية، سواء في جماهير الطبقة العاملة وفي عموم الفئات الكادحة في المدينة والريف وكذلك في الشبيبة المتفقة ولعلكم، تعلمون المكانة المتميزة التي اولاها الخط للارتباط بالحركة النقابية العمالية وبالحركة الطالبية ونشاط الشبيبة بشكل عام، ولم يكن الاعلان عن تأسيس حزب العمل وطلب تأشيرته في 29 افريل 2005 الا تتويجا بهذا المسار الذي تتالت خطوات استكماله بما انجزه رفاق آخرون في الخط من المطالبة بحقوقهم في العمل القانوني وسيشهد هذا المسار تتويجا حاسما ببلوغنا مرحلة انجاز المؤتمر الموحد في بداية الصائفة المقبلة على اقصى تقدير.
• ظلّت جهود حزبكم منصبّة لصدّ الظلم والاستبداد الذي لحق مناضليه في فترة حكم بن علي وفي المقابل عجز هذا الحزب عن التحوّل إلى كيان سياسي كبير قبيل الثرة وبعدها فهل من تفسير إضافي لهذه المفارقة؟
لقد كان هاجسنا باستمرار وهو ارساء كيان سياسي حزبي مناضل، بقطع النظر عن الحجم العددي والامكانيات المادية.
وقد نجحنا في ذلك، اذ كنا من الاصوات القليلة التي كانت تجاهر بالتصدّي لسياسات تخمة بن علي وكلفنا ذلك ما كلفنا من تضحيات يعرفها الخاص والعام.
وكان ذلك جزءًا من اسهامها المتواضع في المسار الثوري الذي قاد الىثورة الحرية والكرامة ولكن الاوضاع تغيرت بشكل كبير اذ تدخلت عوامل حاسمة سياسية ومادية في تشكل الكيانات السياسة التي سميتها كبيرة والتي لم يكن من بينها لا حزب العمل الوطني الديمقراطي ولا سائر الاحزاب المناضلة التي بقيت على وفائها على مبادئها الثورية وبقيت على اخلاصها لقضية الشعب الممثلة في التخلص الحاسم والنهائي في براعم الاستبداد والفساد ومن أيادي الهيمنة الاستعمارية بكل ادواتها العالمية والعربية وبكل وسائلها الارتدادية.
لقد تدخل المال السياسي والنفوذ الاعلامي والنفوذ المادي الداخلي والخارجي لاعادة تشكيل المشهد بما يخدم التحالف الطبقي السائد والذي استبدل ممثليه السياسيين السابقين بادوات سياسية جديدة تحظى بغطاء هيمنة أجنبية معروفة لدى الجميع.
وهذا لا يحجب عنّا اخطاءنا سواء في قراءة الواقع السياسي أو في نسج التحالفات الضرورية أو التخطيط للتحوّل الى حزب سياسي لا يكتفي بالاحتجاج، بل يصُوغ بدائل في مجمل السياسات العامة والاقتصادية والاجتماعية يطمئن إليها الشعب ويختارنا على أساسها بديلا ملبيا لمطامحه.
• عملتم خلال الفترة السابقة للثورة على تأطير بعض القطاعات النقابية وبعض الوجوه الحقوقية ألا تعتقدون أن النخبة غير قادرة على كسب معارك التعبئة الشعبية والانتخابات الديمقراطية؟
فعلا، تقييمكم لنجاعة النخب في المعارك السياسية فيه قدر من الوجاهة، ونحن مع ذلك معتزون بعملنا في اوساط النقابيين المناضلين والمخلصين لقضية الطبقة العاملة ولعملنا مع النخب المثقفة في القطاعات الحقوقية وغيرها فذلك دورنا وهو أحد المكاسب الايجابية لحزبنا.
ولكن التقييم الموضوعي للانتخابات اوقفنا على حقائق مهمة من ابرزها: ان معركة الاختيار السياسي عبر صندوق الاقتراع بعيدة كلّ البعد عن المواصفات وخصائص معارك كسب ثقة التمثيليات القطاعية في النقابات او سائر جمعيات المجتمع المدني، بل بالعكس ربما كان القياس على النقابي او الحقوقي مدخلا إلى ارتكاب الاخطاء والانتهاء الى الفشل.
الانتخابات بالمفهوم العام والشامل هي تحكيم لعموم الناس ولذلك فان الخطاب يجب ان يكون بعيدًا عن المواصفات القطاعية والحقوقية والمشاغل العينية.
نحن في حاجة إلى خطاب غير منقطع عن عموم العمق الشعبي وله من القدرة ما يمكنه من ملامسة المشاكل الملحة للناس وبصيغ ميسّرة ومبسّطة تتحاشى التعالي والتصادم مع هوية الشعب وتتقدّم باعتبارها صوته الأبلغ والانجع وبذلك تكسب الثقة. لقد استوعبنا الدرس ونحن ماضون في الانجاز بهمة عاليّة.
• رغم استشهاد أحد الشباب من أحياء حزبكم في ولاية ؟ غير أن ناخبي هاته الجهة لم يمنحوكم ثقتهم؟
تضحيات الحزب في هذه الجهة وفي غيرها من الجهات عديدة، ولعل اخرها سقوط اخر شهداء الثورة الرفيق محمود التومي يوم 8 ماي 2011 بمنطقة سليمان بجهة نابل دفاعا عن مكاسب الثورة.
ولكن الانتخابات موضوع آخر، الانتخابات عملية معقدة تلعب فيها «ماكينات» سياسية عديدة ادوارًا حاسمة ومن أبرز هذه الماكينات ما كان محسوبا على أجهزة الاستبداد والفساد في عهد المخلوع يضاف الى ذلك ما سبق وان اشرنا إليه من ادوات مالية ومادية واعلامية سخرت للبعض وحجبت عن الآخرين بارادة سياسية داخلية وخارجية فضلا عما اشرنا اليه من اخطاء سابقة مثل التعويل الخاطئ على آليات قطاعية ليست الانتخابات السياسية العامة مجالا لفعلها الناجع.
وماساد خطابَنا وخطابَ عديد الاحزاب المناضلة من قطيعة فعلية مع وجدان الناس وتطلعاتهم لمباشرة مشاغلهم الملموسة.
كل هذه عوامل جعلتنا وجعلت غيرنا خارج التمثيلية الجدية في المجلس التأسيسي حتى شاع بين الناس أغلب أحزاب الثورة وجدت نفسها على هامش المجلس التأسيسي في الوقت الذي حققت فيه أطراف لا علاقة لها بالثورة نتائج بوّأتها مواقع متقدّمة.
وهذا لا يعني من جانبنا طعنا في شرعية من وقع انتخابه ولا طعنا في شرعية العديد ممن وقع انتخابهم، ولكن الوقائع كانت على تلك الصورة التي ذكرناها والتي قيمناها بموضوعية، على ضوء ذلك التقييم نحن نصوغ توجهاتنا الحالية.
• علاقة التماهي التي تربطكم بالاتحاد العام التونسي للشغل لم تكن سندًا قويا في الانتخابات التي جرت يوم 23 اكتوبر، فهل خذلتكم الطبقة العاملة أم أن أطروحاتكم كانت متعالية على طبيعة الاستحقاقات الجوهرية ؟
أوّلا نحن حزب سياسي لنا علاقات جيدة بالاتحاد العام التونسي للشغل ونحن شديدو الحرص على استقلالية هذه المنظمة وعلى استقلالية السياسي على النقابي، لذلك فان عبارة التماهي لا تتوافق مع علاقة حزبنا بالاتحاد ولا أخفيك سرًا اذا ما قلت لك إن أحد العناصر الاساسية في تمشياتنا التي ترتبت على القراءة الموضوعية لما حصل، هو استبعاد شبهة التماهي هذه.فالاتحاد نقابة يمكن ان تجمع اطيافا سياسة عديدة ولاءات المنظوين تحتها السياسية بالضرورة متعدّدة ومن الخطإ الاعتماد عليها كرافد في المردود الانتخابي السياسي فضلا عن كونها رائعة لذلك العمل.
وقد كانت فترة الاستبداد التي تميزت بالتضييق على حرية التنظم السياسي سببا في الكثير من التداخلات بين السياسي والنقابي.
وقد كان التذرّع بالتخفي في اتحاد الشغل والاحتماء بمظلته من البطش والقمع جزءا من مبرّرات ذلك التماهي الذي تحدثتم عنه وجزءًا كذلك من عوامل نشوء انحرافات النقابيين التي تعني الخلط بين السياسي والنقابي وذوبان السياسي في النقابي وامحاء الخطاب السياسي في سياقات نقابويّة لا تحكمها المواقف النضالية دائما بقدر ما تحكمها التوازنات النقابية اذا لم تكن اغراءات النفوذ النقابي ومستلزماته المادية.
• بعد أن أفنى الأستاذ عبد الرزاق الهمامي حياته في النضال الماركسي وفي الكتابة الفكرية والنظرية، ما الذي غيرته الثورة ونتائجها في رؤيته للمجتمع ولبنيته الذهنية؟
الثورة التي نراها مسارًا (ومازال بصدد التبلور) اثرت فينا كثيرًا، اوّلا اعتبرنا ان ما جدّ من احداث جسام خرجت فيها جماهير الشعب في الارياف المعدمة وفي احياء المدن الفقيرة وتضافرت فيها جهود المهمشين من شبابنا وجماهير شعبنا رجالا ونساء مع القوى السياسية والنقابية والاجتماعية المنظمة والخارجة عن اي تأطير كلّها اثبتت في نظرنا صحة مقولات الطرح الوطني الديمقراطي الذي كان يؤكد على ان الثورة مازالت فعلا ممكنة استكمالا لمهام التحرّر الوطني وتحقيقا لديمقراطية فعلية سياسية واجتماعية في اطار تقدّمي اهدافه الكبرى التحرّر من اي هيمنة وتحقيق العدالة الاجتماعية والكرامة والمساواة.
ولكن هذه القناعة ايضا ارتبطت بدرس مهمّ اخر هو درس المستجد الواقعي وهو ان المسارات الثورية لا تتم وفقا لاي من القوالب الجامدة بل هي فعل ابداعي اجتماعي حقيقي تباشره الجماهير وقد كان الدرس التونسي راڈئدًا في هذا المجال وذلك ان المسار لم يكن مؤطرًا تأطيرًا احاديا من اية قوّة سياسية او جمعياتية مهما كان شكلها لقد كانت المساهمات عديدة ومتضافرة ولكن الطابع الشعبي والعفوي والتقدّمي العام هو الذي كان سائدًا . الثورة واقع حي وليست خطة او مؤامرة او سيناريو يُعدّ سلفا. وهذا لا ينفي تعدّد المؤامرات والالتفافات المتكرّرة من اطراف داخلية وخارجية مورست ومازالت تمارس والشواهد عليها عديدة.
• لو توحّد حزب العمل الوطني الديمقراطيث مع حركة الوطنيين الديمقراطيين، هل كانت نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي ستكون افضل مما حصل؟
رغم ان هذا السؤال يحيل على قضية افتراضية، اي انها ليست واقعية في الفترة التي نتحدث عنها، الا انه بكل تأكيد النتائج كان يمكن ان تكون أفضل حتى وان كانت هذه الافضلية ليست بالقدر الحاسم المطلوب. لان ذلك التوحد حول قائمة انتخابية في غياب ادراك الدروس الخطيرة للتجربة والتي لم تكن مستوعبة ما كان له ان يغير جوهريا من النتائج.
• في نهاية الأمر، قرّرتم الاندماج مع حركة الوطنيين الديمقراطيين، فهل تعتقدون ان هذا الاندماج قادر على تحويلكم إلى رقم صعب في الساحة السياسية؟
نحن لا نطمح إلى أن نكون رقما صعبا في الساحة السياسية، نحن نطمح إلى ان نكون حزبا ناجعا في ادائه السياسي وفيا لاهداف الثورة وخادمًا لمصالح الجماهير، وجديرًا بنيل ثقة أبناء تونس.
التوحد هو خطوة حتمية لادراك هذا الهدف ولكنها ليست الشرط اللازمَ وحده لتحقيق ذلك.
• شرعت عديد الأطياف في التوحد والاندماج وتكتل، لكن حزب العمل وحزب العمال والحزب الاشتراكي اليساري وحركة الوطنيين الديمقراطيين ظلت مشتتة رغم أن ما يجمعها بات اكثر مما يفرقها، ماهي عوائق التجاوز بنظركم؟
هناك وعي ايجابي في الساحة السياسية بضرورة الخروج من واقع التشظي غير المبرّر من الامثلة البارزة على ذلك الوعي الجديد لدي أغلب الوطنيين الديمقراطيين الذين يحملون مرجعية فكرية واحدة وتحليلا سياسيا واحدًا ومواقف نضالية واحدة.
ومن مظاهر النضج نشوءُ جبهات والتقاءات سياسية تعبر عن حاجة توحيد الجهود إلى انجاز مهام نضالية مشتركة والنهوض بالاستحقاقات السياسية التي يحتمها الواقع السياسي في البلد.
كلّ توحد جدّي وكل عمل جبهويّ مسؤول هو لبنة بنّاءة ومقيدة في صرح الحياة السياسية التونسية تسهل على المواطنين الاختيارَ الحرّ والواعي بين مشاريع متبلورة في قواسم كبيرة بعيدًا عن ضبابية التشتت والتعدّد العبثي في الحياة السياسية.
بهذا المنظار نحن ننظر إلى واقع عمليات الالتقاء في درجاتها المختلفة ولهذا السبب نحن نتوجه بكل واقعية للتوحد مع من ينبغي التوحد معه (في قضية الحال كل المنتمين إلى الخط الوطني الديمقراطي والتكتل في عمل جبهوي مع كل من نلتقي معهم حول محور الوطني دفاعا عن استقلالية القرار السياسي لبلادنا وانتصارًا لقضايا التحرّر والتوحد في وطننا العربي ومناهضة اعداء أمتنا فمن امبرياليين وصهاينة كما نلتقي مع المدافعين عن مشروع مجتمعي قوامه دولة مدنية بمؤسسات ديمقراطية ودستور تقدّمي يجسد شعار الجمهورية الديمقراطية ذات البعد الاجتماعي كما نلتقي مع كل القوى المدافعة عن الحقوق الاجتماعية، والاقتصادية للشعب تحت مظلة اجتماعية توفر الحياة الكريمة لكل ابناء تونس.
• في الوقت الذي نلمس فيه مدّا دينيا وسلفيا كبيرا هل يمكن أن يكون هذا المعطى السياسي الجديد دافعا مهمّا لتوحيد اليسار والقوى الديمقراطية والتقدمية؟
انا اعترض على مقولة المدّ الديني نحن لسنا ازاء مدّ ديني ولا اعتقد ان بين القوى السياسية الجدية في تونس من هو ضدّ الدين او التدين واعتقد ان المصطلح المناسب هو تصاعد مشاريع الارتداد على المكاسب المستنيرة لشعبنا والتي لا تتنافى مع هويتنا العربية الاسلامية والتي تقف وراءها قوى سياسية واجتماعي رجعية في الداخل والخارج لها مصالح تتناقض مع اجواء الحرية والديمقراطية والمساواة.
لذلك تفتعل المعارك الجانبية، وتتستر دون وجه حق بالدين والهوية ويخدم مخططات الهيمنة على بلادنا ووطننا الذي يراد ابقاؤه تحت السيطرة واخضاعه إلى صيغ جديدة من استبداد ولا يتم ذلك الا بارجاعه الى عصور الظلام.
• هل تعتقدون أن الطرح السياري بات سجينا داخل ماركسيته وغريبا داخل مجتمعه وماهو السبيل كي يحضر بحجم تضحياته ؟
للتوضيح، فإن الطرح السيار أوسع من الاحتكام إلى المرجعية الماركسية، ومن الحيف التاريخي في حق عديد القوى المناضلة حصر اليسار في الماركسية رغم ان الفكر الماركسي تيار أصيل ومناضل وفاعل ضمن تيارات اليسار واليسار الديمقراطي والاجتماعي الجديد يضم طيفا واسعا من المرجعيات ومن القوى السياسية التي يمثلها.
ونحن نريد ان نتعامل مع السيار بما هو عليه من تنوّع وكراء ربما هو مشروع للتغيير الايجابي في اتجاه التقدّم والعدل الاجتماعي. في اتجاه الديمقراطية الفعلية والحرية والناجزة للشعب وللافراد.
ولا شكّ في ان الخطاب اليساري مطالب بتجديد نفسه رؤية وصياغة وعليه كذلك تجديد أدوات عمله آليات فعله السياسي.
ولعلّ دروس الثورات الشعبية في الوطن العربي سواء في انطلاقاتها او مساراتها المتعرّجة او تصديها لمحاولات الالتفاف عليها هي اطار الخصب لتجديد هذا الخطاب وتفعيله واخراجه من بؤس القوالب الجامدة والنماذج الاحادية التي لا تنتج الفعل الناجع لان الثورات ليست فعلا مكرّرًا، بل ابداعات متجدّدة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.