اتهمت صفحات المعارضة واليسار في الموقع الاجتماعي يوم أمس أنصار حركة النهضة في قليبية بإفساد اجتماع «نداء تونس» والاعتداء على النائب إبراهيم القصاص، فيما نشرت صفحات نهضوية مقطع فيديو تشكك في رواية تمزيق ملابسه. نادرة هي الأحداث التي لا يتم توظيفها سياسيا في الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي، حيث تحول النائب إبراهيم القصاص يوم أمس إلى رمز تقف وراءه المعارضة واليسار وتندد بما تعرض له في مدينة قليبية من اعتداء ليس فقط لكونه مواطن تونسي وناشط سياسي من حقه عقد الاجتماعات والتعبير عن رأيه بل أيضا لأنه نائب عن الشعب ويحظى بحصانة وحماية تضمنها الدولة.
ومنذ أول أمس، تداولت صفحات المعارضة واليسار في الموقع الاجتماعي نداءات التنديد بالاعتداء على النائب إبراهيم القصاص صبيحة الأحد في مدينة قليبية، كما تم تداول تصريحاته في العديد من القنوات الإذاعية والتلفزية، والتي اتهم فيها صراحة أنصار حركة النهضة بتنظيم الاعتداء عليه. كما تحدث عن عنف الاعتداء الذي بلغ حد تمزيق قميصه وسرواله بالإضافة إلى أضرار بدنية طفيفة. لكن العبارات العنيفة التي أطلقها على خصومه مثل «الجرذان، الكلاب» أثارت الكثير من السخط حتى لدى أطراف كانت تسانده من حيث المبدإ.
ومنذ صبيحة الأمس، تم نشر صور للنائب القصاص وقد تمزق قميصه فعلا، وكان ذلك بداية حملة واسعة في الموقع الاجتماعي ضد «مليشيات النهضة» كما يسمونها والتي تتعرض بالعنف المادي الخطير لكل خصومها في الجهات. كما نشر ناشطون من حركة «نداء تونس» مقالات كثيرة ذكروا فيها أن أنصارهم يتعرضون في الجهات بشكل مستمر إلى الاعتداء والتهديد وأن المعتدين هم أنصار حركة النهضة أو أشخاصا يتم انتدابهم لذلك، مثلما راج في بعض الصفحات من أن أنصار النهضة قد انتدبوا أشخاصا مقابل 40 دينارا للفرد مقابل إفساد اجتماع نداء تونس. وبلغ بعض النشطاء حد ذكر أسماء أشخاص معروفين هناك ونشر صورهم مع المطالبة بإيقافهم، فيما لم يتردد بعض الناشطين المعروفين في التورط في نشر أخبار لا أحد يعرف أصلها تحت عنوان «خطير جدا» وتزعم أن مليشيات مسلحة بصدد الإعداد عبر كامل البلاد للاعتداء بالسيوف والنار على أنصار «نداء تونس».
أما رد أنصار النهضة في الموقع الاجتماعي فقد تأخر قليلا، ليظهر بعد ذلك في شكل مقطع فيديو مدته حوالي ربع ساعة، يظهر فيه النائب إبراهيم القصاص يتقدم نحو مكان الاجتماع محاطا بعدة أشخاص، وتقول تعاليق أنصار النهضة إنهم حراس شخصيون استفزوا بعض الحاضرين، وفجأة تبدأ مناوشات كلامية وسباب وتدافع، ويمكن أن نرى في هذه الفيديو أن حوالي 30 شخصا كانوا يتدافعون، وأن بعضهم حاول فعلا ضرب النائب إبراهيم القصاص، لكن الحقيقة أننا لم نر أي سلاح مهما كان نوعه في هذا الفيديو، في المقابل، كان ثمة أشخاص متوترين نزعوا ملابسهم كما يحدث في معارك الساحات الخلفية. وخلص أنصار النهضة في تعاليقهم الكثيرة بعد ذلك إلى التشكيك في رواية النائب إبراهيم القصاص عن تمزيق ملابسه، بما أن مقطع الفيديو من بدايته حتى رحل النائب في السيارة على عجل ليس فيه مشهد لتمزيق سرواله مثلا، فيما بدا أعلى قميصه مفتوحا، وهو ما استغله خصوم النهضة لتأكيد تمزيقه.
وكما هي عادة التونسيين، فإن بعض الخبثاء لم يترددوا في إطلاق التعاليق الساخرة وتشبيه قميص النائب القصاص بقميص عثمان الذي سوف يرفعه بعض الناشطين في صفحاتهم لمواصلة الحرب على «الحزب الحاكم»، كما يسمون حركة النهضة.
عموما، اعتبر أغلب الناشطين حتى المحايدين منهم أن لأنصار النهضة يد ومسؤولية فيما حدث للنائب القصاص، كما تعرض وزير الداخلية وأعوان الأمن للنقد خصوصا بعدما نشر أنصار «نداء تونس» وثيقة تؤكد أن الحركة أعلمت السلط عن هذا الاجتماع وطلبت الحماية الأمنية. ومن هناك، تعود الحملة في العديد من الصفحات التونسية على ما يسمونه «مليشيات النهضة»، خصوصا في الجهات، والتي تحمل أحيانا اسم «لجان حماية الثورة».