حسم المؤتمر الوطني الليبي (البرلمان) مصير ثاني حكومة انتقالية في البلاد بعدما رفض منح الثقة لحكومة مصغرة مكونة من عشر حقائب وزارية تقدم بها رئيس الوزراء المكلف مصطفى أبو شاقور.. وعلى الرغم من تمديد المهلة الزمنية له لتشكيل حكومته الثانية، بعد فشله في اقناع المؤتمر بحكومته الأولى الخميس الماضي،فقد أخفق أبو شاقور الذي انتخبه المؤتمر في 12 سبتمبر الماضي بفارق صوتين عن زعيم تحالف الليبراليين محمود جبريل، للمرة الثانية في تشكيل حكومة تحظى بموافقة وثقة المؤتمر.
وبعد رفض التشكيلة الثانية لحكومة أبو شاقور المصغرة، تمت اقالته من منصبه وسط جدل حول مدى حق المؤتمر في انتخاب رئيس وزراء جديد في اجراء قد يطول ويستغرق ما بين ثلاثة الى أربعة أسابيع.
ورفض 125 عضوا في المؤتمر منح ثقتهم «لحكومة الازمة» المقترحة، مقابل 44 صوتا مؤيدا وامتناع 17 عضوا عن التصويت، بحسب صور بثها التلفزيون الليبي مباشرة. وبحسب النظام الداخلي للمؤتمر الوطني العام فان عليه انتخاب رئيس جديد للحكومة.
وتعني هذه النتيجة أن محمود جبريل زعيم تحالف القوى الوطنية والمنافس الأشد ضراوة لأبوشاقور تمكن من حشد ما يكفي من الانصار من النواب المستقلين لتكوين كتلة من «غير الراضين» تواجه كتلة الاسلاميين المدعومة من الاخوان والتي ضيعت على جبريل فرصة تشكيل الحكومة قبل شهر. وكان جبريل وهو رئيس الوزراء السابق خسر بفارق ضئيل أمام ابوشاقور في تصويت المؤتمر العام لاختيار رئيس الحكومة..
وأدت الاطاحة بأبو شاقور الى اندلاع أزمة دستورية، حيث ينص الاعلان الدستوري على أن يشكل المؤتمر الحكومة الانتقالية خلال خمسين يوما من اعلان تأسيسه وممارسته عمله... وتعددت الخيارات بين أعضاء المؤتمر في جلسة مثيرة للجدل تابعها ملايين الليبيين على الهواء مباشرة، حول امكانية تعيين المؤتمر بشكل فوري رئيسا جديدا للحكومة من بين المرشحين السابقين الذين نافسوا أبو شاقور على رئاسة الحكومة الشهر الماضي، أو تأجيل هذا الخيار مع الابقاء على الحكومة الحالية.
ومنعا لحدوث فراغ دستوري، قرر المؤتمر اجراء تعديل على الاعلان الدستوري المؤقت للبلاد الذي تبناه المجلس الوطني الانتقالي السابق الذي تولى السلطة خلال حرب العام الماضي ضد نظام القذافي... كما أبقى المؤتمر على الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة الدكتور عبد الرحيم الكيب معلنا دعمه لها الى حين اختيار رئيس جديد للحكومة. وفى اليوم الأخير للمهلة الممنوحة لرئيس الوزراء المنتخب، أجرى المؤتمر تصويتا علنيا على حكومة أبو شاقور انتهى مساء أمس الاول ، حيث طلب من كل عضو تتم تلاوة اسمه أن يعلن ما اذا كان يوافق على منح الثقة للحكومة أم يمتنع عن التصويت..
وحصل أبو شاقور على تأييد 44 عضوا فقط، بينما حضر جلسة أمس 186 عضوا من اجمالي عدد أعضاء المؤتمر ال200، علما بأن المؤتمر طرد مؤخرا عشرة من أعضائه تنفيذا لقرارات الهيئة الوطنية العليا لتطبيق معايير النزاهة الوطنية بدعوى أنهم عملوا في السابق مع نظام القذافي.
وقبل لحظات من اعلان النتيجة النهائية، انقطع البث المباشر لجلسة المؤتمر، فيما دخل رئيسه محمد المقريف في مشاورات مع بعض الأعضاء. وسعى أعضاء المؤتمر لتفادى أزمة حدوث فراغ في السلطة في البلاد وسط جدل حول العلاقة بين السلطة التنفيذية والتشريعية.. وكان أبو شاقور رئيس الوزراء الليبي المنتخب قد فاجأ، بخطاب عاطفي مؤثر، أعضاء المؤتمر بحكومة أزمة مصغرة من عشرة وزراء فقط بدلا من الحكومة السابقة التي ضمت 29 وزيرا وتعرضت لانتقادات عنيفة من «المؤتمر» والرأي العام المحلى..