انعقدت مؤخرا جلسة عمل بمقر ولاية سوسة للنظر في كيفية إعداد خطة للمحافظة على المدينة العتيقة من الانتهاكات والتجاوزات وحماية معالمها التاريخية وفي إنجاز مشروع تهيئتها والمقدر بثلاثة ملايين دينار. أشرف على هذه الجلسة والي الجهة مخلص الجمل بحضور ممثلين عن مختلف الأطراف التي لها صلة بالموضوع المقترح البلدية كالمعهد الوطني للتراث ووكالة التهذيب والتجديد العمراني وممثلين عن عدة جمعيات مهتمة بهذا الموضوع.
وثمن الوالي دور المدينة العتيقة بسوسة ومميزاتها التي أهلتها للتصنيف منذ سبتمبر 1988 ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي لليونسكو معرجا في نفس الوقت على ما يمكن أن يهددها من الخروج من هذا التصنيف بسبب «التجاوزات التي أضرت بطابعها التراثي والعمراني».
وتتمثل هذه الإخلالات في تفاقم ظاهرة البناء الفوضوي للمحلات التجارية واستعمال أشكال وألوان دخيلة على النمط المميز لها إضافة إلى انتشار ظاهرة تشويه المظهر الجمالي لها بالكتابات الحائطية وتركيز اللوحات الإشهارية وتعليق البضاعة على الأسوار وتركيز أجهزة التبريد على السور الشرقي وتغيير صبغة المحلات وتجاوز الارتفاع الأقصى المسموح به وتشويه النمط المعماري».
ودعا الوالي الحاضرين إلى ضرورة «النقد الذاتي لتبين السلبيات والعمل معا على تلافيها في كنف التعاون التام والتنسيق المحكم ووضع برامج تتماشى وواقع المكان ومرجعيته التاريخية بما يدعم آفاق توظيف المخزون المتوفر به في التنمية المحلية والترويج له كمنتوج سياحي».
مدير الأشغال ببلدية سوسة أكّد أن جوهرة الساحل لا تزال مصنفة من بين 966 موقعا في قائمة التراث العالمي على عكس ما يشاع وليست موجودة في قائمة الخمسة وثلاثين موقعا المعرضة إلى خطر إخراجها من هذه القائمة حسب الاجتماع الأخير للهيئة العالمية المختصة في هذا المجال، لكنه أكّد الوضعية الخطرة التي تعيشها المدينة العتيقة مستعرضا أبرز الانتهاكات والتجاوزات متعددة المظاهر في ظل غياب رؤية استراتيجية على المستوى الوطني للتعامل مع التراث الحي وتقصير الرقابة الإدارية حسب تأكيده.
ودعا مدير الأشغال ببلدية سوسة إلى ضرورة إيجاد قانون يحمي المدينة العتيقة من مختلف هذه التجاوزات فيما أشار ممثل وكالة التهذيب والتجديد العمراني إلى مشروع إعادة تأهيل مسلك المدينة العتيقة في إطار الدراسة التي أنجزتها وزارة الداخلية والمتعلقة بوضع أطر قانونية ومؤسساتية ومالية للتدخل في المدن العتيقة والأحياء التاريخية والذي كلفت بتنفيذه وكالة التهذيب والتجديد العمراني منذ 2009 بدعم فرنسي يقدر بثلاثة مليون دينار.
وتم منذ 2010 اختيار مسلك يشمل نهج الأغالبة و سوق القايد وامتدادهما إلى ساحة الجامع الكبير إلا أن هذا المشروع عرف صعوبات في الإنجاز بعد تسجيل عدة تحفظات بشأن الملف المتعلق بترميم الواجهات وعدم موافقة المعهد الوطني للتراث على المشروع وتحفظ ممثل الاتحاد الجهوي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية على المسلك لاعتبار الأنهج تجارية بالأساس.
كما أبدت أغلب الجمعيات المهتمة بشأن المدينة العتيقة تحفظاتها إزاء مكونات المشروع المتمثلة في إعادة تأهيل البنية التحتية الذي أملته شروط التمويل وترميم واجهات المسلك المعتمد كل ذلك جعل الجهة الفرنسية المدعمة تهدد بسحب أموالها لو لم ينفذ المشروع إلى حد 2013 .
وأوصى الحاضرون بضرورة التعجيل في اتخاذ مختلف الإجراءات لحماية المدينة العتيقة وخاصة إيقاف مختلف التجاوزات الحاصلة.