حسب دراسة حديثة في تونس يشتري 77.6٪ من التونسيين بضائع تباع بالأسواق الموازية. ويقوم 66.8٪ من التونسيين باقتناء بضائع مجهولة الهوية أو غير مراقبة دون وعي منهم بالأخطار الصحي وبضمان المنتوج وهو ما يترتب عنّه مخاطر بالجملة وجب الإنتباه إليها. هذا ما كشفته ندوة «حقائق» بالتعاون مع «منظمة WAITO» التي انعقدت مؤخرا بأحد نزل العاصمة. وتسعى هذه المنظمة حسب تصريحات السيد حاتم سالم ممثل المنظمة والسيد زهير بن جمعة رئيس جمعية «20 مليون مستهلك» الى جعل تونس مركزا لدراسة السوق الموازية في المغرب العربي أوّلا وفي المحيط المتوسطي في مرحلة ثانية.
أرقام وأخطار
أكّد الحاضرون أن حجم نشاط السوق الموازية في تونس غير محدد حاليا، ولا يمكن التنبؤ به خاصة في ظل غياب دراسة جادة، وتسعى منظمة «WAITO» الى القيام بهذه الدراسة.وفي المقابل، تشير تقديرات الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وحسب بعض رجال الاعمال الى مساهمة السوق الموازية بما بين 15 و20٪ من الناتج الداخلي الخام ويساهم في تشغيل ما لا يقل عن 31.4٪ من الفئة النشيطة من غير الفلاحين.ومن جهة أخرى، تشير المصادر نفسها الى أن 30٪ من العمال في أنشطة التجارة الموازية هم من الفلاحين الذين تركوا أراضيهم ونشاطهم الفلاحي للعمل في هذا المجال.
وتساهم القطاعات غير المقننة في تونس في تطوير السوق الموازية التي تتميز بتركيبة تشابه مجموعة من المؤسسات الصغرى المستقلة. وتتميّز هذه الهياكل بوجود عمّال ذوي نسب وقرابة عائلية... وتضم كل مؤسسة صغرى ما بين 2.4 و3.6 من العمال.وتشير مصادرنا الى أن علاقات العمل في هذا المجال تتميز بأنها مجالات عمل غير منتظمة وهي تعتمد أساسا علىعلاقات القرابة. والعلاقات الخاصة والاجتماعية وهي لا تعتمد في المقابل على عقود العمل أو على الضمانات، وحسب بعض الشائعات فإن هناك ما لا يقل عن 15 ألف نواة صغرى في تونس تساهم في عمل السوق السوداء دون أي اهتمام بصحة المستهلك وأمنه.ويؤكد ممثلو منظمة «وايتو» على أن مقاومة ومحاربة السوق الموازية ضرورية من أجل ضمان استقرار الاقتصاد الوطني، والاقتصاد في المحيط المتوسطي عموما.
وتسعى بعض المنظمات «المافياوية» وشبكات الجريمة الى فرض مناطق يغيب عنها القانون والنظام... وتعتبر تونس جزءا من المجال الذي تسعى هذه الشبكات الى السيطرة عليه.وتسعى منظمة «وايتو» الى تكوين مجموعة من الباحثين والمحللين قصد المساهمة في حماية المواطن المستهلك من أخطار السوق الموازية وذلك من خلال بعث وارساء قيم الشفافية ودولة القانون والمسؤولية.
التقليد والرشوة
إجابة عن سؤال «الشروق» المتعلق بمساهمة التهريب في استفحال البضائع بالأسواق الموازية ومدى خطورتها على المستهلك أجاب السيد حاتم بن سالم مدير المركز الأورو مغاربي للدراسات والبحوث الاستراتيجية ضد جرائم التقليد والرشوة بأن هناك أصنافا عديدة من البضائع المغشوشة والمقلدة والمهربة ومنها الأدوية والحديد ومواد التجميل وغيرها من البضائع.
وأضاف أن هذا النوع من التجارة غير الشرعية قادر على الإضرار بصحة المواطن اضافة الى أضراره بالاقتصاد بصفة مباشرة وغير مباشرة.وأشار الى دخول هذه البضائع من الحدود الجزائرية والليبية والى وجود شبكات تعمل في مجال السوق الموازية.وأضاف السيد حاتم بن سالم الى أن ما يهم في تونس هو فهم ما يحدث في الخارج وتأثيره داخل الحدود.ومن المنتظر أن تتحول تونس الى مركز للدراسات المغاربية لمقاومة التجارة الموازية.
وأشارت مصادر من منظمة «وايتو» الى أن الرشوة والفساد يساهمان في استفحال وتوغل البضائع الموازية.ومن المنتظر أن يكون تقرير منظمة «وايتو» «WAITO» جاهزا مع حلول شهر جويلية 2012. أخطار بالجملة
أشارت المصادر الخبيرة في عالم مكافحة الرشوة وجرائم البضائع المغشوشة والمقلدة الى ما تكلفه البضائع الموازية من خسائر مادية تصل الى المليارات في الاقتصاد العالمي، وهو ما يعني خسارة مواقع شغل وبطالة العاملين في الشركات المتضرّرة.
ويساهم انتشار البضائع المقلدة من أدوية لا تحافظ على تركيبتها الأصلية وبضائع لا تحترم شروط الصحة في انتشار الأمراض والأوبئة.ومن جهة ثانية تبدو العلاقة وثيقة جدا بين البضائع المقلدة وعمليات التهريب، فيما تبقّى القوانين بعيدة وغير منسجمة مع أشكال التجارة غير الشرعية والمستخدمة لتقنيات ومهارات جديدة.
وأكدت مصادرنا بأنه بعيدا عن الرشوة والفساد وإنه من غير الممكن أن تزدهر التجارة الموازية.وأضاف الخبراء بأن عمليات تبييض الأموال وغسلها هي التي تقف وراء انتعاشة وتطور عملية إنتاج البضائع المقلدة، وهو ما يعني ضرورة معالجة مشاكل غسيل الأموال في علاقة مع مشاكل البضائع المقلدة والسوق الموازية.
وعلى سبيل الذكر فإن السجائر المقلدة هي سجائر بما يقدر بين 8 و11 مرة أكثر من السجائر العادية.وتكلف جريمة البضائع المقلدة حوالي 50 مليارا في الاقتصاد العالمي.
وقد تضاعفت معدلات التقليد وصنع البضائع المقلدة (بعيدا عن القرصنة) حوالي خمس مرات خلال عشر سنوات وتهم 80٪ من البضائع المقلدة المواد الصحية، والمواد الغذائية ومواد التجميل وقطع الغيار.
وتعتبر 95٪ من المنتوجات المقلدة من البضائع المندمجة ضمن الجرائم المنظمة وتحتاج هذه الجرائم الى طرق جديدة من التحليل والدراسة والمقاومة.