أقدم شاب من مواليد سنة 1980 منذ يومين على خياطة فمه والامتناع عن الأكل والكلام احتجاجا على منعه من بيع الفخار على الرصيف من قبل رجل أعمال انطلق في إقامة مشروع ضخم في نفس المكان. الشاب يدعى احمد دغمان وهو من اسرة فقيرة ..والدته معوقة وكذلك احد اشقائه ..عاش طفولة بائسة ونتيجة لظروفه العائلية الصعبة عرف انحرافات عديدة وارتكب اخطاء وقدمت ضده قضايا في الحق العام دخل على أثرها السجن فأقام فيه مدة تسع سنوات كاملة واثر خروجه من حبسه في المرة الأخيرة وتحديدا بعد الثورة اخذ لنفسه مكانا على رصيف الطريق المؤدية الى مدينة طبلبة وضع فيه عديد الأواني الفخارية وانخرط في بيعها ليكسب من وراء ذلك قوته اليومي وقوت والدته. لكن أحمد تفاجأ خلال الأيام الأخيرة بصاحب مشروع ضخم يطلب منه مغادرة المكان والانتصاب بعيدا مما دفعه إلى خياطة فمه احتجاجا على ذلك في انتظار ان تتدخل السلط المحلية والجهوية لتقوم بتسوية وضعيته وهو الذي أبدى استعدادا للعمل والابتعاد عن عالم الانحراف. ظروف صعبة
«الشروق» زارت أحمد في المكان الذي يقيم فيه وهو كوخ حديدي منتصب في الطريق العام به سرير متواضع وأوان فخارية وأخرى معدة للطبخ متناثرة هنا وهناك في شكل يوحي بالوضع الصعب الذي يعيشه الشاب.
تحدثنا اليه عن طريق الإشارات والورقة والقلم وبمساعدة احد الحاضرين ممن يعرفون قصته قال احمد «اثر خروجي من السجن آليت على نفسي ان لا أعود إليه مجددا واخترت مكانا على الرصيف وضعت فيه عديد الأواني الفخارية لبيعها وقد تمكنت خلال الأشهر التي عملت فيها من كسب بعض المال ومن ربط علاقات مع الحرفاء».
وأضاف «كنت منذ بداية انتصابي قد وجدت تشجيعا من قبل السيد جمال عياد وهو رجل أعمال معروف في مدينة المكنين وقد طلب مني في البداية ان أكون له عينا رقيبا على مقر المصنع الذي اشتراه والذي سيقيم على أرضه مشروعا سكنيا فوافقت وأمضيت أشهرا أعمل واحرس المكان لكنني فوجئت به مؤخرا يطلب مني مغادرته وإخلاءه فرفضت وكان لرفضي ان فقدت مبلغ 1200 دينار وثلاث حصالات من داخل الكوخ الذي أعيش فيه بعد ان تم خلعه وقدمت قضية في الغرض لكن لم احصل على جواب ..».
أحمد قال انه غير مستعد لمغادرة المكان الذي أصبح يعد مورد رزق له ولعائلته وهو متمسك بالبقاء في الطريق العام ولن يفك الخيط من شفتيه إلا بعد إنصافه وتسوية وضعيته من قبل المسؤولين الذين لم يهتموا لحاله ولم يزوروه وهدد حتى بالانتحار في صورة الاعتداء عليه او إجباره على إخلاء المكان بالقوة.. مشروع ضخم... لكن
«الشروق» وفي اطار الاستماع الى الرأي والرأي المقابل اتصلت بالسيد جمال عياد رجل الأعمال المعروف في مدينة المكنين وتحدثت اليه بخصوص هذه المشكلة باعتباره طرفا فيها فقال انه يعرف احمد معرفة جيدة وقد عرض عليه في البداية العمل معه بصورة قانونية ولما رفض شجعه على بيع الخزف ولم يكن ليعترض يوما على عمله بل بالعكس ساعده في عديد المناسبات.
وعن مطالبته بإخلاء المكان قال محدثنا « نعم طالبته بتغيير المكان وذلك حرصا مني على سلامته فالكشك او الكوخ الذي يقطن داخله متصل بسياج الأرض الذي أقيم عليها الآن مشروع سكني ضخم.. مشروع سيكون مفخرة لمدينة المكنين.. هو حي سكني وإداري وثقافي به 45 عمارة وكلفته الجملية تقدر بنحو 45 مليارا أشغاله بلغت المكان الذي ينتصب فيه احمد وقد طلبت منه الابتعاد قليلا حتى لا يتعطل العمل فنحن والشركة الساهرة على تنفيذ المشروع تربطنا آجال لانتهاء الاشغال وتسليم الشقق الى اصحابها ولا يعقل ان نتوقف عن العمل لمجرد ان يتمسك فرد بالانتصاب الفوضوي على الطريق العام ويرفض تغيير مكان انتصابه...».
وأضاف عياد «الطريق واسعة وبإمكان احمد أن يتخذ لنفسه مكانا حيثما يريد ولكن لا ادري لم كل هذه الضجة التي يريد ان يحدثها ولمصلحة من ؟..». وتابع عياد قوله «لقد كنت رئيسا لفريق سبورتينغ المكنين وضحيت بوقتي ومالي كما عملت صلب الجمعيات والمنظمات وتربيت على مد يد المساعدة للغير وحتى الشاب المحتج لم اسع يوما إلى إزعاجه واعتقد انني لم اخطئ لما طلبت منه الابتعاد عن المكان الذي اقتربت منه الاشغال». وختم محدثنا قوله بأن قرابة ال 150 عاملا سينطلقون هذا الأسبوع في العمل ومن غير المعقول ان يتم تعطيلهم لأي سبب من الأسباب». ولا شك ان السلط المحلية من بلدية ومعتمدية مطالبة بالتدخل العاجل لفض هذا الإشكال والنظر بعين الرحمة الى حالة الشاب احمد وكذلك مساعدة السيد جمال على إتمام مشروعه السكني في آجاله باعتباره مفخرة ومكسبا لعاصمة الفخار .