تحت عنوان «تاريخ الحركة الطلابية الواقع والآفاق» وبحضور وزيري التعليم العالي والصحة نظمت نهاية الاسبوع جمعية «ثقافة وانفتاح» ندوة علمية بسوسة أكد فيها الوزيران أهمية دور الطالب وضرورة انخراطه الناجع في الحياة الطلابية والثقافية والسياسية. تعرض الدكتور عبد اللطيف المكي وزير الصحة في مداخلته إلى «آفاق الحركة الطلابية» مؤكدا ديناميكية هذه الحركة وتأثيراتها على المحصول العلمي وتفاعلها مع النسيج الاجتماعي عموما مشيرا إلى ضرورة التنوع «كشرط ضروري للتطور مع حتمية توفر أخلاقيات الاختلاف. وأكّد المكي أن «هناك تجاذبات سياسية تعرقل الحياة الطلابية». «سأخلع عن نفسي جبة الوزارة» هكذا بدأ وزير التعليم العالي والبحث العلمي منصف بن سالم مداخلته المعنونة ب «واقع الحركة الطلابية» والتي بدا فيها الوزير متألّما معبرا عن استيائه من الإعلام التونسي المرئي منه بالخصوص ومعتبرا إياه مقصرا في حق الحكومة والشعب بتجرده من الموضوعية مستدلا ببعض الوقائع التي حدثت له. وقال الوزير «انتظرت دعوة من القناة الوطنية التونسية لتوضيح الاستعدادات للسنة الجامعية الجديدة ولكن يوما قبل افتتاح هذه السنة بادرت بالاتصال قصد الحضور في نشرة الأخبار الرئيسية أي دعوت نفسي بنفسي وعندما حضرت بقيت انتظر وقتا طويلا حتى أعلمني رئيس قسم الأخبار بأن كثافة المادة الإخبارية لا تسمح لي بالحضور طالبا مني تأجيل هذا الموعد. وتابع بن سالم «كذلك الشأن بالنسبة للقائي مع الوزيرة الألمانية حيث وضعوا أمام وجهي علامة سوداء وأيضا لم تقع التغطية الفعلية للقائي مع الوزيرة النمساوية وكذلك الشأن بالنسبة ليوم العلم الذي حضرته العديد من الشخصيات العالمية وغيرها من الأحداث الهامة والإنجازات القيمة التي تقوم بها الحكومة في مختلف القطاعات إما يقع تغييبها أو تهميشها، فالإعلام لا يبحث إلا عن الثغرات وقد ألبس الوزارة النقاب ولم ير فيها غير ذلك» مؤكدا أنه من الضروري «مراجعة هذا الإعلام في أقرب وقت فهو مصدر تضليل، يقبض الأموال ويضحك علينا وأنا لا أتكلم باسم الحكومة ولكن من منطلق تجربتي». بدا السيد منصف بن سالم على غير حالة الهدوء التي طبعت مختلف المناسبات التي يتحدث فيها للعموم حيث دفعه تحمسه واستياؤه إلى ترك مداخلته الرسمية جانبا والتركيز على ما يروّج على الحكومة من اتهامات ونعوت من قبيل أنها فاشلة وغيرها من الصفات السلبية مضيفا «رغم المجهودات والتضحيات التي تقوم بها الحكومة فلا نسمع غير أصوات تنادي بحكومة إنقاذ وغيرها أقول لهم من الأفضل أن تذهبوا ا لإنقاذ أحزابكم التي قسمت إلى أشلاء، فمن أنتم حتى تتكلموا عن الشرعية وماذا كنتم تفعلون؟» واعتبر الوزير أنّ «العديد من الأطراف من اليمين ومن اليسار يفكرون بتفكير بن علي فهناك طرف نقابي دعا إلى محاكمة حزب حركة النهضة وعرض علي العريض و الشيخ راشد الغنوشي على طبيب نفساني وإن لم يعتذر الإتحاد عن ذلك فسأضمه في خانة أعداء الثورة فما معنى أن تدعو إلى محاكمة حزب اختاره الشعب؟» وأضاف بن سالم «طيبة أنفسنا جعلتنا عرضة لكل ذلك مما جعل الأنفس الضعيفة تتمرّد علينا فلقد صنفوني برئيس عصابة المفسدين وإرهابي، وإني أختلف مع إخواني في الحكومة في عدم مواجهة كل ذلك فيجب عليهم أن يقولوا كفى.» وشجع الوزير في مداخلته الطالب على التحصيل العلمي و الممارسة الثقافية وأيضا السياسية قائلا: أشجع الطالب على الممارسة السياسية في الجامعة ولكن دون أن ينشط حزبيا فله أن يعبر عن توجهات عامة ولكن ليس باسم أحزاب... مشكلتنا هي مشكل قبول بالرأي الآخر». وأكّد بن سالم أن «العديد من المواطنين لم يتحرروا بعد من النظام السابق ويتصورون أن التدخلات والمحسوبية لا تزال قائمة فنحن بصدد تفعيل العدالة لا التدخلات» مضيفا أنّ المطلوب من الطلبة أن يقوموا بثورة ثانية فلا تكفي ثورة واحدة لابد من سلسلة من الثورات فنحن نعيش ضبابية لا يمكن الخروج منها إلا بعد ثورات». ومضى الوزير قائلا «على جميع الطلبة بمختلف توجهاتهم الفكرية والسياسية أن يكونوا النخبة والقدوة وأن يقودوا ثورة الفكر والتكنولوجيا والتسامح وليس ثورة مطلبية احتجاجية تسبب الفتنة وتخلف العنف والخراب فالخسارة اليومية للدولة تبلغ ثلاثة مليارات». من جانبه استعرض الأستاذ عبد الباسط الشايب تاريخ الحركة الطلابية من خلال العديد من المحطات التاريخية وعنونت الدكتورة أسماء الجموسي مداخلتها ب «استشراف علاقة الطالب بالمؤسسة البحثية» طارحة إشكالية نوعية علاقة الشراكة بين الطالب والمؤسسة البحثية في ظل اختلاف توجهاتهما مؤكدة ضرورة توفر شرط الحوارح«تى نفهم لماذا هذا الوضع المتردّي في الجامعات». وقالت الجموسي إنه «عندما نتحدّث عن الوضع الحالي فهو غير معزول عن أسباب ماضية فالدراسات الاستشرافية تمكننا من التنبؤ بما يمكن أن يكون عليه مستقبل المؤسسة البحثية في ظل الصدام والتجاذبات فنحن نتعاطى مع واقعنا العلمي كأنه منزّل على الخط الزمني فالحوكمة العلمية تعاني فقرا في الدراسة الإشرافية والوضع مزر قائم على الزبائنية بمعنى أنّ الطالب زبون أستاذه الذي سيوصله إلى الوظيفة... واقع الاستشراف هو مساءلة ثقافة الاستشراف». حرص المشرفون على هذه الندوة على برمجة مداخلة على لسان أحد الطلبة كشهادة استعرض فيها الطالب زياد المثلوثي بعض الأحداث الطلابية كأحداث جانفي 1978 التي خرج فيها طلبة الاتجاه الإسلامي في مسيرة تقارب الألف طالب وأحداث 1986 التي استشهد فيها أول طالب من الاتجاه الإسلامي في تونس وهو المرحوم عثمان بن محمود. واعتبر زياد أن تاريخ الحركة الطلابية شبيه بحاضرها داعيا إلى نبذ العنف بصنفيه السياسي والمادي وإلى ترسيخ ثقافة الحوار وتقبل الرأي المخالف وإرساء مشروع شامل توافقي يجمع كل الطلاب بمختلف اتجاهاتهم.