السبت... يوم الذروة في استهلاك الماء لدى التونسيين    حرارة... حريق... وانقطاع ماء في تونس الكبرى: الصوناد توضح الأسباب والتداعيات    المناضل والمتقاعد من سلك الحرس الوطني الهاشمي شلتوت في ذمة الله    تحذير يهم التونسيين : كيف تؤثر حرارة الصيف على جودة المياه المعدنية؟    بجانب جثتها سلاح ناري.. وفاة مفاجئة لقريبة الأميرين ويليام وهاري عن عمر 20 عاماً    البطولة العربية لكرة السلة: البرنامج الكامل لمواجهات المنتخب الوطني في المسابقة    بطولة سيغوفي الاسبانية للتنس - عزيز دوقاز يلاقي الفرنسي روبان ماتري في الدور الاول    مباراة ودية: الأهلي المصري يفوز على الملعب التونسي    فينوس وليامز تعود بانتصار لافت في بطولة واشنطن للتنس بعد 16 شهراً من الغياب    عاجل : موجة الحر تودّع التونسيين بداية من هذا اليوم    وفاة مذيعة تركية في ظروفٍ غامضة...تفاصيل    بسبب ''قُبلة'' من فتاة: منع راغب علامة من الغناء في مصر    وزارة الصحة تحذّر: أدوية قد تصبح خطيرة بسبب ارتفاع درجات الحرارة    ما تخليش قشور الدلاع تمشي خسارة: فوائد صحية غير متوقعة    عاجل - يهم التونسيين ...احذروا أوقات الذروة    لقاح فايزر وعيوننا؟ دراسة تركية تكشف تأثيرًا غير متوقع على قرنية العين    عاجل/ وزارة الصحة تحذر من تأثير درجات الحرارة على الأدوية مما يشكل خطرا على صحة الانسان..    حريق هائل بمحل لجمع فضلات حفاظات الأطفال..وهذه التفاصيل..#خبر_عاجل    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    خاص: صفقة إنتقال "أوشيغبو أمبروز" إلى النادي الإفريقي تطفو من جديد    خطية بين 100 و300 دينار لكل من يرمي سيڨارو في الشارع    تونس : احتياطي العملة الصعبة يغطي 102 يوم توريد    وزارة التشغيل: جلسة عمل حول متابعة تنفيذ مشروع تركيز نظام معلوماتي مندمج للتصرف في أنشطة التكوين المهني "سيقاف"    السودان: حجب خدمات "واتساب" يثير عاصفة من الانتقادات    الاحتلال يقتحم منشآت تابعة لمنظمة الصحة العالمية في غزة ويحتجز موظفين    كرة القدم العالمية: على أي قنوات تُبث مباريات الثلاثاء 22 جويلية ؟    مفاوضات هدنة غزة.. واشنطن تطالب حماس بردّ على المقترح المحدث    تايلاند: سرب من الدبابير يهاجم طفلا ويودى بحياته    قرار بمنع راغب علامة من الغناء في مصر واستدعائه للتحقيق بسبب حفله الأخير    الأمم المتحدة: آخر شريان يُبقي الناس على قيد الحياة في غزة ينهار    ترامب: مستعدون لشن ضربات متكررة على المنشآت النووية الإيرانية إذا لزم الأمر    بعد الحادث المروري بنيجيريا... المنتخب التونسي لألعاب القوى يعود إلى أرض الوطن    تاريخ الخيانات السياسية (22) .. حكاية الرشيد وجعفر البرمكي    المدرسة الجاسوسية .. تاريخ غامض وموقع استراتيجي    دماؤهم في رقابها: الأنظمة العربية باعت فلسطين بمن فيها    أخبار الحكومة    في افتتاح مهرجان المنستير الدولي .. «رحاب الأندلس» يجمع الموروث الموسيقي التونسي والمغربي    مهرجان سليانة الدولي .. بوشناق في الافتتاح والنوبة المعطّرة في الاختتام    الأرض على موعد يومين من أقصر الأيام في تاريخ البشرية!    لحوم الإبل على طاولة المستهلك: اتفاقية لتعزيز الإنتاج والتوزيع    راغب علامة ممنوع من الغناء في مصر ومُستدعى للتحقيق    عاجل: الستاغ توضح: انقطاع الكهرباء إجراء استباقي تفاديا لخطر انهيار الشبكة    تراجع صادرات منتوجات الصيد البحري وتربية الاحياء المائية خلال شهر ماي 2025    راغب علامة ممنوع من الغناء في مصر    انطلاق فعاليات الدورة 15 لمعرض الصناعات التقليدية بطبرقة    عزيز الجبالي يقدم مسرحية "بينومي s+1" في ثالث سهرات مهرجان قرطاج الدولي    هيئة السلامة الصحية للمنتجات الغذائية تدعو إلى إحترام شروط السلامة الصحية لدى خزن وعرض المياه المعلبة    وزارة التربية تفتح باب التسجيل لنقل تلاميذ الإعداديات النموذجية    عاجل/ مصرع أم وإبنتها في حادث مرور بهذه الجهة    رياض الفهري يقدّم عرضه "بساط أحمر 2" في ثاني سهرات مهرجان قرطاج الدولي    جندوبة: 10 سهرات خلال مهرجان بلاريجيا الدولي والقضية الفلسطينية حاضرة في البال    تراجع نسبي في الحرارة بداية من الغد.. وعودة لموجة الحر في هذا الموعد    طقس اليوم: الحرارة مرتفعة تصل الى 48 درجة بهذه الولاية    السجن لفتاة عشرينية تحيّلت على أصحاب شهائد عليا واوهمتهم بتشغيلهم..وهذه التفاصيل..    آخر مستجدات الحريق الضخم الذي اندلع بمعمل فريب في زغوان..#خبر_عاجل    عاجل: ما ينتظر التونسيين هذا الأسبوع..حرارة مرتفعة أجور تنتظر وعطلة قادمة    دورة تورونتو للتنس : انسحاب يانيك سينر ونوفاك ديوكوفيتش وكارلوس الكاراز    فجر الإثنين... مثلث سماوي ساحر يُرى بالعين المجردة من الوطن العربي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فرقة مدينة تونس للمسرح : قانون أساسي منذ عهد الاستعمار... وصراع متواصل مع المجالس البلدية
نشر في الشروق يوم 21 - 10 - 2012

من يتحدث عن تاريخ المسرح التونسي، حتما سيقف عند محطة هي الأبرز والأهم في هذا التاريخ، وهي فرقة مدينة تونس للمسرح، التي تأسست قبل استقلال البلاد التونسية ومازالت الى الآن رغم الظروف الصعبة ماديا وإداريا.

هذه الفرقة المسرحية العريقة، والتي تعتبر ذاكرة المسرح التونسي، تأسست نتيجة مطالب تقدّم بها عدد كبير من رؤساء الجمعيات المسرحية ومثقفون في أربعينات القرن الماضي وقد عقد عدد من الفاعلين في الحقل الثقافي إذّاك مؤتمرا بمقهى رمسيس بباب سويقة وتحديدا يوم 5 جوان 1949 تدارسوا خلاله الوضع المسرحي وكوّنوا لجنة للاتصال بأعضاء المجلس البلدي لاقناعهم بضرورة تبني بلدية العاصمة، لمشروع تأسيس فرقة مدينة تونس، وتكوّنت اللجنة آنذاك من السادة محمد المرزرقي والهادي العبيدي ومحيي الدين بن مراد ونورالدين بن عمر، وحمودة معالي ومحمد بن فضيلة ومحمد أحمد شبشوب.

تأسيس الفرقة

وإثر عودة الأستاذ حمادي الجزيري الى تونس بعد أن أنهى دراسته المسرحية في فرنسا وهو الذي أرسلته بلدية تونس لدراسة المسرح هناك تأسست فرقة مدينة تونس للمسرح بصفة غير رسمية بمقتضى بلاغ أصدرته بلدية تونس بالصحف التونسية، جاء نصه كما يلي:
«في 28 جويلية 1953 اجتمع بقصر بلدية تونس العاصمة الممثلون وبعض أعضاء المجلس البلدي برئاسة الكاهية بلحسن منصور، وكذلك بحضور رئيس قسم الفنون المستظرفة بالبلدية وأعلن المسؤولون في هذا الاجتماع أن الفرقة البلدية التي طالما وقع التردد في تكوينها منذ سنوات، قد تقرر ايجادها فعلا نظرا لإخفاق التجارب الماضية في قضية رفع مستوى التمثيل، وهذه الفرقة ستتكوّن من أحسن العناصر في التمثيل بتونس، وبذلك يأخذ التمثيل صبغة الاحتراف وقد كلّف السيد حمادي الجزيري بإدارة هذه الفرقة واجراء التمارين اللازمة والشروع في العمل الايجابي والاشراف على تحضير روايات مختارة».

وأما رسميا، فإن فرقة مدينة تونس تكوّنت بمقتضى القرار البلدي المؤرخ في 25 جانفي 1955 وكلف فقيد المسرح التونسي محمد العزيز العقربي بإدارتها خلفا للمسرحي المصري الشهير زكي طليمات الذي أشرف على تسييرها فنيا في مرحلتها الأولى، أي بعد القرار الذي أسلفنا ذكر نصّه.
ثم تداول على إدارة الفرقة كل من المسرحي حسن الزمرلي (19601961) ومن بعده الفنان علي بن عياد الذي أدار فرقة مدينة تونس من سنة 1963 الى غاية سنة 1972 وحاليا تدير هذه الفرقة العريقة السيدة منى نور الدين التي عايشت تقريبا الفرقة منذ تأسيسها وشربت من كل المدارس المسرحية.

ثراء مسرحي

ذكر تاريخ فرقة مدينة تونس للمسرح، في الواقع ليس اعتباطيا، فهذا التاريخ ثري ثراء المسرح التونسي تاريخ ضم مسرحيات من أفضل المسرحيات التونسية وحتى العربية على غرار «تاجر البندقية» و«يوليوس قيصر» و«صقر قريش» و«عبد الرحمان الناصر» و«الأيدي القذرة» و«أوديب الملك» و«أنطيقون» و«مجنون ليلى» و«الكاهنة» و«أهل الكهف» و«عطيل» و«هملت» و«كاليقولا» و«الماريشال» و«مراد الثالث» و«ثورة صاحب الحمار» و«عطشان يا صبايا».
أعمال كلاسيكية وأخرى كوميدية ظلّت راسخة بذاكرة التونسي الى يوم الناس هذا لكن انتاجها لم يكن بالأمر الهيّن، فالصراع بين إدارة الفرقة البلدية والمجالس البلدية الخاضعة لها الفرقة إداريا وماليا كان منذ نشأتها، عندما ماطل أعضاء المجلس البلدي سنة 1953 المسرحي حمادي الجزيري في موضوع تمكينه من المسرح البلدي الى أن ملّ وقرّر الانسحاب، لكن العصر الذهبي لفرقة مدينة تونس كان في عهد إدارة المسرحي علي بن عياد لها، في تلك الفترة الزمنية كانت ميزانية الفرقة تقدّر بمئات الملايين فحتى أقمشة الملابس كانت تستورد من خارج أرض الوطن ومصمم الأزياء أيضا كان أجنبيا وكان البهرج كبيرا، وكانت الانتاجات المسرحية تجوب أقطارا عديدة بهذا العالم...

أما في السنوات الاخيرة أو لنقل في العشرية الأخيرة كانت صعبة للغاية حتى أن فرقة مدينة تونس فقدت بريقها واشعاعها المعهود، نتاج التقشف المادي والمماطلة الادارية للمصالح المختصة ببلدية تونس، مما جعل بعض الفاعلين في الحقل الثقافي يصرّحون بأن هناك نية من بلدية تونس للتخلّي نهائيا عن فرقة مدينة تونس واغلاقها، رغم انه رسميا ليس هناك قرارات من هذا القبيل. الا ان سبب بروز مثل هذه الاقاويل هي تلك المؤشرات المعروفة عما يمكن تسميته بالمماطلة الادارية والمالية، فكم من مرة تفوّت الاجراءات الادارية بالبلدية الفرصة على فرقة مدينة تونس للحصول على الدعم من وزارة الثقافة!

ميزانية في تراجع كبير

ومن جهة أخرى وحسب مصادر مطلعة تراجعت ميزانية الفرقة بصفة كبيرة جدا منذ عهد ازدهار فرقة مدينة تونس للمسرح، هل تعلمون كم ميزانيتها الحالية؟! فبعد ان كانت بمئات الملايين في عهد علي بن عياد، اليوم لا تتجاوز 20 ألف دينار حسب التقريب وفي زمن قريب اي سنة 2005 كانت الميزانية تناهز الاربعين ألف دينار تراجع كما تلاحظون بلغ النصف، فعلا أمر محير فعندما زاد مستوى المعيشة، وانخفضت قيمة الدينار التونسي تراجعت الميزانية الى النصف حتى غدا الانتاج عسيرا.
ورغم ذلك كله فقد أنتجت فرقة مدينة تونس للمسرح بإدارة السيدة منى نورالدين ثلاث مسرحيات في السنوات الثلاث الاخيرة، اي بمعدل عمل في كل سنة وهذه الاعمال المسرحية هي: «حيلة وتشيطين» سنة 2009، و«الليل زاهي» سنة 2010 و«موزاييك» سنة 2011، وهناك مشاريع أخرى في الفترة الحالية بصدد الدرس فضلا عن مسرحية «الماريشال» في نسختها الثانية التي بلغ عدد عروضها 200 عرض في ثلاثة أعوام (من 2005 الى 2008).

عدد الممثلين تراجع

وعلى غرار الميزانية تراجع عدد الممثلين بشكل ملفت للانتباه والفرقة العريقة التي انطلقت في أولى أعمالها المسرحية قبل الاستقلال ب32 ممثلا اليوم بها خمسة ممثلين وهم زهير الرايس ومنجي بن حفصية (وهما ملحقان من وزارة التربية) وريم الزريبي وكوثر الباردي وفيصل بالزين (متعاقدون). هذا اضافة الى السيدة منى نورالدين باعتبارها ممثلة لكنها تبقى مديرة الغرفة قبل كل شيء.
وتجدر الاشارة الى ان أعضاء الفرقة وعلى رأسهم السيدة منى نورالدين تقدموا بعديد المطالب في السنوات الاخيرة لدعم الرصيد البشري لممثلي الفرقة، لكن ادارة البلدية لم تحرّك ساكنا تجاه هذا الموضوع او هذا المطلب، وقد علمنا ان هذا الموضوع يصعب تحقيقه حتى سنة 2013 نظرا للظروف المالية الصعبة التي تعيشها الفرقة في الوقت الراهن.

قانون أساسي شاهد على الاستعمار

والأكيد ان كل ما ذكر وحتى ما لم يذكر من الصعوبات التي تتخبط فيها فرقة مدينة تونس، له علاقة بالتسيير الاداري والمالي لبلدية تونس اذ ان القانون الأساسي لهذه الفرقة لم يتطور ولم يقع تنقيحه منذ كتابته اي قبل حصول البلاد التونسية على الاستقلال.
وفي هذا الاطار علمنا ان اللجنة الثقافية ببلدية تونس اجتمعت مؤخرا بحضور ممثلي فرقة مدينة تونس وادارتها، وتدارسوا موضوع تجديد القانون الأساسي للفرقة والذي لم يعد صالحا لهذا العصر، وقوانينه تجاوزها العصر، واقترحوا هيئة تضم مختلف الأطراف من نقابيين واداريين ورجال قانون وفنانين وستمثل فرقة مدينة تونس في هذه الهيئة السيدة منى نورالدين. وستعمل هذه الهيئة على تنقيح القانون الأساسي بما يستجيب لمقتضيات عصرنا الحالي.

رفض الاستقالة

كما يذكر من ضمن الظروف الصعبة التي تمر بها فرقة مدينة تونس جراء المعاملات الادارية غير المعاصرة من قبل الادارة المعنية بالثقافة ببلدية تونس، ان السيدة منى نورالدين تقدمت باستقالتها، وقد نشرنا هذا الخبر على أعمدة «الشروق» في وقت سابق، لكن علمنا ان رئيس البلدية الحالي (شيخ المدينة) رفض هذه الاستقالة، وتواصل حاليا السيدة منى نورالدين تسيير فرقة مدينة تونس كمديرة لها.

الاستقلالية...

كل المشاكل والصعوبات مرتبطة أساسا بعدم استقلالية فرقة مدينة تونس اداريا وماليا، وهذا الموضوع ان توسع القول فيه طال وإن رمي بالقصد جاز، لكن اذا تواصل الحال على ما هو عليه فإن الصعوبات ستتواصل خاصة اذا لم يطرح بند «الاستقلالية» الادارية على الاقل في القانون الأساسي الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.