يبدو أن نموذج الدولة الفاشلة على غرار أفغانستان والصومال واليمن بدأ يحوم حول مالي حيث اعتبرت باريس أن خطر القاعدة والأصولية لن يتبدد بالقوة العسكرية فقط . أقر لوران فابيوس وزير الخارجية الفرنسي أمس الأحد بأن تدخلا عسكريا ضد تنظيم «القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي في شمال مالي سيكون «صعبا» وأنه يتطلب مشاركة «قوات محنكة».
وفي تصريح لإذاعة أوروبا1 وقناة ايتيلي اللتفزيونية أورد أن «الاممالمتحدة وأوروبا أجازتا المساعدة على تدريب القوات المالية وهذا يمكن أن يبدأ من الآن»، وذلك في اشارة إلى قرار الثاني عشر من اكتوبر الجاري الذي أمهل فيه مجلس الأمن الدولي الدول الإفريقية 45 يوما لتوضيح خطط تدخلها العسكري من أجل استعادة شمال مالي الذي تحتله منذ أفريل المنصرم حركات إسلامية مسلحة.
وأضاف أن «القوات المالية ستتدرب ثم ستحاول استعادة مدن شمالية مثل «تمبكتو» و«كيدال» مؤكدا أنه «يمكن انجاز ذلك خلال الأسابيع المقبلة أي قبل نهاية السنة وبداية السنة الجديدة وعلى قادة الأركان أن يقرروا ذلك».
وتابع أنه «بعد ذلك هناك عملية أخرى أصعب بكثير هي مواجهة «تنظيم القاعدة» في بلاد المغرب الإسلامي وفروعه، وهنا لا بد من قوات محنكة». مما يعني أن منطقة شمال إفريقيا برمتها ستكون تحت تهديد العمليات العسكرية .
وردا على سؤال وكالة الصحافة الفرنسية أوضح فابيوس أن استعادة مدن الشمال لن تؤدي بالضرورة إلى «مواجهات مباشرة» مؤكدا أن «تنظيم القاعدة لا يسيطر على كل تلك المدن، وأنه عندما ستقع مواجهات مع تنظيم «القاعدة»، إذا حصل ذلك، فسيكون الأمر معقدا» لأن قوات تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي في مالي تتنقل كثيرا في منطقة صحراوية تضاهي مساحتها مساحة فرنسا. وجدد فابيوس التاكيد أن باريس سيكون لها «دور وسيط» وأنها لن ترسل «قوات على الأرض».
وأضاف «على الأفارقة أن يواجهوا ذلك» ولكن «اذا تمت مهاجمة الإرهابيين المنتشرين في الشمال فستقدم مساعدة»، لافتا إلى توفير وسائل «استخباراتية وتنصت». وردا على سؤال حول موقف الجزائر فيما يجري الإعداد لعملية عسكرية عند حدودها قال فابيوس إن هناك اتفاقا على مبدأين «احترام سيادة الأراضي المالية» وبدء مباحثات مع «حركات الطوارق التي ترفض الإرهاب وتؤيد وحدة أراضي مالي». وقال «هناك توافق كبير بيننا، نحن والجزائريون والافارقة، واجهزتنا تعمل سويا».
وكانت صحيفة (لوفيغارو) الفرنسية قد كشفت في عددها الصادر أمس عن التخطيط الفرنسي للتدخل في شمال مالي الذي تسيطر حاليا عليه ومنذ نحو 6 أشهر مجموعات إسلامية على ارتباط بتنظيم القاعدة “ولكن بدون إرسال قوات برية” فرنسية.
وأشارت الصحيفة تحت عنوان (كيف تخطط فرنسا للتدخل في شمال مالي) إلى أن هناك برنامجا من 3 مراحل في هذا الشأن: المرحلة الأولى تحقيق الاستقرار وحماية جنوب مالي باماكو اعتبارا من نهاية نوفمبر المقبل ، والثانية تدريب القوات الأفريقية في جانفي القادم والثالثة استعادة شمال مالي في أوائل شهر مارس على أبعد تقدير.