مرّ عيد الأضحى بالقلعة الكبرى بلا أضاحي... لا رغبة في المحافظة على الثروة الحيوانية ولا لقلة ذات اليد بل هي ظاهرة غريبة تعرفها المدينة منذ الأزل خلافا لبقية الجهات، رغم أنّها فلاحية وبها غابة شاسعة من الزياتين والمراعي. علاوة على السوق الأسبوعية، سوق الماشية التي تقع في طرف البلاد والتي يتزود منها سكان الجهات المجاورة فإنّ الخرفان تُباع أيضا في الأحياء والساحات الكبرى للمدينة مثل البطحاء والجرف والمراح وغيرها... سواء للمستهلكين من السكان أو للجزارين... لكن هذه الظاهرة تقلصت هذا العام نسبيا نظرا لندرة «العلوش» والنقص الحاصل في القطعان لدى فلاحي الجهة. والغريب أنّ الخرفان التي تُباع في عيد الأضحى بمدينة القلعة الكبرى ليست للأضحية لأنّ أهل المدينة بشكل عام لا يقومون بسنة الأضحية وصار في عرفهم أنّ الأضحية سنة مؤكّدة على الحجاج الذين يحرصون كل عام على القيام بها، أمّا البقية الميسورة فمنها من يذبح الخرفان بنية الأضحية ومنها من يستأثر بالخروف كاملا لفرحة العيد... وأما الأغلبية من الناس فيتزودون باللحوم مباشرة من محلات الجزارين التي تغصّ خلال الأيام القليلة التي تسبق العيد بالزبائن.
أمّا «القلاعة» الذين يقطنون في تونس العاصمة وغيرها من المدن الكبرى فيقومون بسنة الأضحية مجاراة لما هو سائد هناك ويقضون يوم العيد هناك على أن يزوروا أهلهم في القلعة الكبرى في ثاني أيام العيد.
وبالنظر إلى غياب عادة الأضحية فإنّ الأطفال في القلعة الكبرى لا يلاعبون كبش العيد ولا يناطحون أكباشهم في الساحات الكبرى لأنهم لم يتعودوا على ذلك ولأن عادة اقتناء كبش العيد لم تترسخ بعد في تقاليد أهالي القلعة إلّا بشكل محتشم في السنوات الأخيرة.
وما يميّز فلاحي القلعة الكبرى أنّ لديهم معادلتهم في تحديد أسعار الخرفان فعندما يكون موسم الأمطار ضعيفا وترتفع أسعار العلف يضطر مربو الماشية إلى بيع جانب من قطعانهم بأسعار زهيدة لتغطية المصاريف وعندما يعم الغيث ويتوفر المرعى ترتفع أسعار الأغنام ومعها أسعار اللحم التي وصلت في الأيام الأخيرة إلى مستوى 20 دينارا للكيلوغرام الواحد.