يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التقاه خالد الحداد : المؤرّخ محمّد ضيف الله في «منتدى الشروق»
نشر في الشروق يوم 29 - 10 - 2012

الاستقطاب الاسلامي العلماني من موروثات الخمسين سنة الماضية

المنتدى

«المنتدى» فضاء للتواصل مع قراء الشروق بصيغة جديدة ترتكز على معرفة وجهات نظر الجامعيين والأكاديميين والمثقفين حيال مختلف القضايا والملفات ووفق معالجات نظريّة فكريّة وفلسفيّة وعلميّة تبتعد عن الالتصاق بجزئيات الحياة اليوميّة وتفاصيل الراهن كثيرة التبدّل والتغيّر ، تبتعد عن ذلك الى ما هو أبعد وأعمق حيث التصورات والبدائل العميقة اثراء للمسار الجديد الّذي دخلته بلادنا منذ 14 جانفي 2011.

اليوم يستضيف «المنتدى» الدكتور محمّد ضيف الله المؤرّخ والجامعي المعروف والّذي اختصّ في البحث التاريخي حول فترة الاستعمار الفرنسي بمختلف تمظهراتها النقابيّة والطلابيّة والسياسيّة وكذلك العديد من القضايا منها خاصة المتعلقة بالحضارة والتحولات الاجتماعيّة في المجتمع التونسي من حيث القبليّة والنزوح وتتبع حركة الماء ودورها في بناء التجمعات السكانيّة.

وقد سبق للمنتدى أن استضاف كلا من السادة حمادي بن جاب الله وحمادي صمّود والمنصف بن عبد الجليل ورضوان المصمودي والعجمي الوريمي ولطفي بن عيسى ومحمّد العزيز ابن عاشور ومحمد صالح بن عيسى وتوفيق المديني وعبد الجليل سالم ومحسن التليلي ومحمود الذوادي ونبيل خلدون قريسة وأحمد الطويلي الّذين قدموا قراءات فكريّة وفلسفيّة وسياسيّة معمّقة للأوضاع في بلادنا والمنطقة وما شهدته العلاقات الدولية والمجتمعات من تغيّرات وتحوّلات.

وبامكان السادة القراء العودة الى هذه الحوارات عبر الموقع الالكتروني لصحيفتنا www.alchourouk.com والتفاعل مع مختلف المضامين والأفكار الواردة بها.
انّ «المنتدى» هو فضاء للجدل وطرح القضايا والأفكار في شموليتها واستنادا الى رؤى متطوّرة وأكثر عمقا ممّا دأبت على تقديمه مختلف الوسائط الاعلاميّة اليوم، انّها «مبادرة» تستهدف الاستفادة من «تدافع الأفكار» و»صراع النخب» و»جدل المفكرين» و»تباين قراءات الجامعيين والأكاديميين من مختلف الاختصاصات ومقارباتهم للتحوّلات والمستجدّات التي تعيشها تونس وشعبها والانسانيّة عموما اليوم واستشرافهم لآفاق المستقبل.

وسيتداول على هذا الفضاء عدد من كبار المثقفين والجامعيين من تونس وخارجها ، كما أنّ المجال سيكون مفتوحا أيضا لتفاعلات القراء حول ما سيتمّ طرحه من مسائل فكريّة في مختلف الأحاديث (على أن تكون المساهمات دقيقة وموجزة – في حدود 400 كلمة ) وبامكان السادة القراء موافاتنا بنصوصهم التفاعليّة مع ما يُنشر في المنتدى من حوارات على البريد الالكتروني التالي:[email protected].

تعددت القراءات حول حقيقة ما حدث في بلادنا يوم 14 جانفي 2011 ؟ هل نحن فعلا ازاء ثورة ام ماذا بالضبط ؟

عندما تنغلق امكانيات التداول على السلطة بصفة مقننة واضحة ومتفق عليها، يؤول الأمر الى بروز أجنحة داخل السلطة نفسها تبقى في حالة كمون وترصّد في انتظار سنوح اللحظة المناسبة. من هذه الزاوية نستطيع أن نقرأ بعض الأحداث الهامة التي عرفتها بلادنا خاصة في عهد بورقيبة ومن بينها ثورة الخبز عام 1984 التي أراد أن يستغلها شق داخل السلطة لازاحة شق آخر، ثم عملية خلع الحبيب بورقيبة عام 1987 جاءت في نفس الاطار ألا وهو انسداد طرق التداول على السلطة. الأمر نفسه تم يوم 14 جانفي اذ بعد شهر من الاحتجاجات المتأججة، وقع دفع بن علي للرحيل من أجل أن يحل محله شق من النظام نفسه فيتم امتصاص الغضب والاحتجاجات الشعبية.

واذ نجح الأمر في ازاحة رأس النظام عام 1987 فلم تنجح الخطة هذه المرة نتيجة احتداد الأزمة الاجتماعية والاقتصادية وامتداد الاحتجاجات الشعبية. بل أن هروب بن علي زاد في احتداد تلك الاحتجاجات وتجذرها وارتفاع سقف مطالبها السياسية خاصة، بما جعل الانتفاضة تنقلب الى ثورة تطالب بسقوط النظام برمته، وهو ما عبر عنه اعتصاما القصبة 1 و2، ولم يكن هناك بد الا أن يقع حل المؤسسات التي كان يستند عليها النظام البائد وتعليق العمل بالدستور والدعوة الى انتخاب مجلس تأسيسي. وبذلك حدثت القطيعة وهي خطوة أساسية في الثورة.

بحسب معارفكم التاريخيّة هل للثورة زمن محدّد أم هي مقطوعة عن الضبط والتحديد؟

الثورة لا يمكن أن تربط بزمن تاريخي محدود أو بلحظة تاريخية مهما كانت رمزية تلك اللحظة، فالثورة الفرنسية لا يمكن حصرها في يوم دخول الباستيل، الأمر نفسه بالنسبة للثورة التونسية، لا يمكن حصرها بحادثة ايقاد البوعزيزي النار في جسده ولا في يوم 17 ديسمبر 2010 ولا في يوم 14 جانفي 2011، وذلك لا يعني التقليل من أهمية ورمزية تلك الأحداث ضمن يوميات الثورة التونسية. وانما الثورة تندرج ضمن مسار كامل، حيث لا يمكن أن نفهم ما جرى فيها دون العودة الى أحداث أخرى سبقتها وهيأت لها بدرجة أو بأخرى، وليس أقلها أحداث الحوض المنجمي عام 2008 وأحداث رمضان 2010 ببن قردان ، وبقدر ما تحدث قطيعة مع النظام القديم بقدر ما تتحقق الثورة التي هي عبارة عن عملية تحول جذري مستمر ومتصاعد، لا يبدو مستعدا للركون، حتى يؤدي في الأخير الى ارساء قيم جديدة وبناء مؤسسات وهياكل جديدة مختلفة من حيث الاشتغال والتشكل.

لكن ألا يوجد إشكال في ما يهمّ الثورة وواجب الذاكرة الوطنيّة؟

نعم ، ان الثورة فقيرة من زاوية الاهتمام بالذاكرة وبالتاريخ وبالأرشيف، ويغيب أدنى حد من الاهتمام بهذه الجوانب. فلا أحد من الذين أتلفوا الأرشيفات تعرض للتحقيق الجنائي أو المحاكمة، ولا يبدو أن التغافل عن ذلك اليوم سيقع تداركه غدا. كذلك الثورة لم تهتم بصناعة رموز جديدة ممن يمكن اسناد أسمائهم الى فضاءات عامة من ساحات وشوارع رئيسية ومؤسسات مختلفة، حيث لم تهتم الثورة باثراء الذاكرة الوطنية من خلال استيعابها لفواصل كانت مقصاة ورموز عاشت مهمشة، أو من خلال التفكير في اقامة متاحف ومعارض دائمة وأعمال فنية لتخليد ملحمة الشعب التونسي في مقاومة الاستبداد وهي ملحمة لا تقل قيمة عن ملمته في مقاومة الاستعمار.

وهنا فان الصراع مع النظام البائد أو بقاياه وسائر منظومته يتم خاصة على واجهة التاريخ واثراء الذاكرة، ومثل ذلك العمل يشكل جزءا لا يتجزأ من الفعل السياسي الذي لم ينتبه السياسيون الى أهميته.

كيف تقرؤون منطق التجاذب الأيديولوجي في تونس خاصة بين الاسلاميين والعلمانيين؟

ان كان للاسلاميين أو للعلمانيين من خبرة واسعة في الصراع المحتدم بينهم، وبالفعل ففي ظل دولة الاستبداد التي استمرت ما يزيد عن الخمسين عاما، تشرّب الجميع الثقافة الاستبدادية، حيث ينفي كل طرف الطرف الآخر، وكأن ذلك هو الأمر الوحيد المسموح لهم به، أما فرص الحوار والتواصل بين الجانبين فقلما كانت تتاح، وعادة ما يكون ذلك عندما تتراخى قبضة السلطة مثلما حدث في أواسط الثمانينات ثم خاصة في اطار هيئة 18 أكتوبر.

الا أن ما يلاحظ أن منسوب التجاذبات قد ارتفع بعد انتخابات 23 أكتوبر، وكان من الأفضل أن تتضافر جهود الجميع، اسلاميين وعلمانيين، من أجل اجتياز مرحلة الانتقال الديمقراطي بسلام، وعلى أية حال أعتقد أن التجاذبات الحالية هي من موروثات الخمسين سنة الماضية، وسننتظر وقتا طويلا حتى ترسي الثورة تقاليد جديدة في القبول بالآخر والتعايش المشترك والاعتراف المتبادل. وفي انتظار ذلك لا يجب أن ننسى أن الترويكا الحاكمة يلتقي فيها الطرفان الاسلامي والعلماني، وهي تجربة للتحالف بينهما من شأنها أن تخفف نوعا ما من تأثير التجاذبات وحدّتها.

هناك نقاش حول قدرة الاسلام السياسي على تقديم رؤية عملية لسلطة مدنية ديمقراطية تحترم الحريات وحقوق الانسان وتؤمن بالتعددية ؟

اذا قسنا بنماذج وقع تجريبها، فلا يوجد على الساحة التونسية وحتى العربية ما يجعلنا نطمئن الى حزب دون غيره بخصوص مدنية الدولة واحترام حقوق الانسان وقيم التعددية والديمقراطية والحرية. فلم تخرج البلاد العربية برمتها في ظل الاستقلالات من حكم الاستثناء في محيط عالمي يتجه نحو ارساء أنظمة ديمقراطية. لقد جربت بلداننا نماذج من الأنظمة التي حكمت باسم الدين أو الاشتراكية أو القومية أو حتى الليبرالية، الا أننا لا نجد فرقا بيّنا بينها في ممارسة الاستبداد والقمع وخنق الحريات. وبالتالي فمن غير العدل محاسبة تيارات الاسلام السياسي دون غيرها على ممارسات تمت باسم الدين في هذا البلد أو ذاك.

ونحن نعرف أنه حتى بالنسبة للأنظمة الليبرالية التي حكمت بعض البلدان العربية، فان تجربتها على هذا الصعيد صاحبها الفشل الذريع، فلم تحترم مبادئ الديمقراطية ولم يحدث أبدا تداول سلمي على السلطة. ولذلك فلنترك مختلف تلك التجارب لدارسي التاريخ، ذلك أننا الآن قد دخلنا بفضل ثورات الربيع العربي في زمن مختلف، وهذا لا يقتصر في اعتقادي على البلدان العربية التي شهدت ثورات، وانما سينعكس آجلا أو عاجلا على الأوضاع في بقية البلدان الأخرى. ففي ظل ثورات الربيع العربي أصبح المجال مفتوحا أمام المشاركة الشعبية وأمام المجتمع المدني المتحفز، وهو ما يعتبر صمام أمان يحول دون أن تحدث انحرافات شبيهة بتلك التي حدثت في مطلع الاستقلال. بمعنى أنه مهما كانت توجهات حكامنا الجدد سواء كانوا اسلاميين أو قوميين أو غيرهم فهم سيخضعون لمراقبة عسيرة تحول دون عودة الاستبداد في شكل جديد. وفي اعتقادي فان حالة الاستثناء العربي قد بارحناها الى غير رجعة سواء في ظل الاسلام السياسي أو غيره.

هناك جدل كبير حول دور الاتحاد العام التونسي للشغل في سياق العملية السياسية، كمؤرخ كيف تقرؤون ذلك الدور؟

لقد تمرس الاتحاد العام التونسي للشغل منذ العهد الاستعماري على الربط بين الوطني والاجتماعي، فليس هو نقابة بالمعنى التريدنيوني المطلبي المحض، وانما له أيضا بعد وطني ودور سياسي لا يمكن أن ينكر عليه. وقد استمر يقوم بهذا الدور بعد الاستقلال، من خلال تولي بعض قيادييه أدوارا هامة في الدولة دون أن نغفل من جهة أخرى أنه كان مأوى للتيارات السياسية الممنوعة من العمل العلني، ويبدو أن السلطة كانت راضية عن هذا الدور لايجاد نوع من التنفيس لتلك التيارات من جهة ومن جهة أخرى وضعها ضمن دائرة المراقبة. واستمر الوضع كذلك الى أن جاءت الثورة التي قام فيها الاتحاد بدور حاسم، ليس على مستوى القيادة المركزية وانما القيادات النقابية الوسطى والدنيا، ولا شك أن أهمية ما قاموا به يعطي الشرعية الكافية للاتحاد حتى يحتل مكانة هامة ضمن المعادلة الجديدة، ولا يمكن أن يحرمه من ذلك تباعده عن الانخراط المباشر في العملية السياسية.

وعلى أية حل فان مبادرات الاتحاد يجب النظر اليها من زاوية استحقاقات الثورة فضلا عن أنها تندرج ضمن ارثه التاريخي. صحيح أن وزن بعض التيارات السياسية كما ارتسم بعد مؤتمر طبرقة يبدو ضاغطا حتى بدت وكأنها تحاول توظيف الاتحاد حزبيا، الا أن هذا الأمر يبقى في حدود النسبي والمؤقت حيث أن مناخ الحرية الذي أفسحته الثورة لا بد وأنه سيؤثر سلبا على تواجد تلك التيارات داخل الاتحاد فضلا عن فشل توظيفه لمصالحها.

في هذا السياق هناك من يُطالب باعادة كتابة تاريخ تونس المعاصر؟

الكثيرون يعتقدون أن تاريخ تونس يستوجب اعادة كتابة، منطلقهم في ذلك هيمنة النظام البائد على الأجهزة الايديولوجية سواء في العهد البورقيبي أو العهد النوفمبري. ويظهر ذلك من خلال البرامج المدرسية. والحقيقة أن كتابة التاريخ بطبيعتها متجددة حيث أنها استجابة لطلبات مستحدثة، وهذا لا يهم فترة بعينها وانما يهم كل الأزمنة التاريخية، ولا شك أن الثورة ستؤدي آليا الى صياغة طلبات متجددة على هذا الصعيد، غير أن الأمر يتطلب مرور سنوات حتى تتبلور الأسئلة المطروحة، دون أن يكون ذلك متعلقا بالتاريخ المعاصر تحديدا، وربما تزداد الحاجة أو العودة الى فترات سابقة.

أما بالنسبة للتاريخ المعاصر، فان المؤرخين والباحثين الجامعيين التونسيين قد اهتموا بدراسته دون اهتمام كبير بالرواية الرسمية كما صاغها محمد الصياح في السلسلة التي تحمل بصمات الرئيس الحبيب بورقيبة، ولعله من المفارقة أن ما نوقش من أطروحات جامعية حول الحركة النقابية مثلا لا نجد له مقابلا بالنسبة لتاريخ الحزب الحر الدستوري الجديد، بل أن الدراسات والأطروحات حول الحركة الشيوعية أهم بكثير من تلك التي تهم الحركة الدستورية، واهتم الباحثون الجامعيون بصالح بن يوسف أكثر من الاهتمام بالحبيب بورقيبة. وهو ما يعني أن الباحثين الجامعيين التونسيين حرصوا على استقلاليتهم. وحتى الانتاج التاريخي الذي صدر بالمعهد العالي لتاريخ الحركة الوطنية فانه لم يخضع للقراءة الرسمية وحافظ على الصبغة لأكاديمية المحضة. ولكل ذلك فان الحديث عن اعادة كتابة تاريخ لحركة الوطنية لا يعدو أن يكون تعبيرا على عدم مواكبة للانتاج التاريخي الأكاديمي. وهو ما يدعو الى ضرورة أن تخرج البحوث الجامعية من رفوف المكتبات الجامعية الى المكتبات العامة.

وماذا عن عودة التعليم الزيتوني من زاوية تاريخيّة ؟

لقد أثيرت بعد الثورة مسألة غلق جامع الزيتونة، وتم «فتح» الجامع من جديد، وأعلن عن «عودة التعليم الزيتوني الأصلي»، في عملية بدت ثأرية من التاريخ ومن الدولة؟ ولم يكن الواقفون وراء ذلك واعين حقيقة بأن المصير الذي آل جامع الزيتونة لم يكن خارج سياق التاريخ فضلا عن أنه كان بالحاح من الزيتونيين أنفسهم، من خلال نضالاتهم منذ بداية القرن العشرين في سبيل تعصير التعليم الزيتوني سواء من حيث المواد أو المناهج أو البناءات العصرية، بما يعنيه ذلك من خروج التعليم من الجامع حيث كان الطلبة يفترشون الحصر وينتظمون في حلقات متجاورة حول شيخهم. ان هذه الصورة القديمة لم تعد تثير حتى النوستالجيا، فما بالك بالعودة اليها وهنا لابد لفهمها من العودة الى ما جرى عمليا في بداية الاستقلال. فقد اتخذت الدولة الوطنية الفتية عدة اجراءات استهدفت نفوذ الأرستقراطية الدينية ومصالحها وموقعها في المجتمع، ومن بين تلك الاجراءات توحيد القضاء والغاء الأوقاف، واصدار مجلة الأحوال الشخصية، وبدأ مسار تحجيم التعليم الزيتوني بالخفض من عدد طلبته، وغلق فروعه داخل البلاد تدريجيا الى أن اضمحل تماما بما في ذلك الشعبة العصرية الزيتونية، ولم تبق سوى الكلية الزيتونية للشريعة وأصول الدين التي كانت تهدف الى تكوين ما تحتاجه الدولة الجديدة من المتخصصين في علوم الدين. والملفت هنا أن تلك الاجراءات لم تثر معارضة لدى الزيتونيين سواء منهم المشائخ أو الشبان. وهذا يعود الى أن بورقيبة سعى في نفس الوقت الى ادماجهم في الدولة الجديدة بتشغيلهم في قطاعات مختلفة.

كما أعيد الاعتبار الى عدد من الزيتونيين التجديديين ومن أبرزهم الطاهر الحداد وأبو القاسم الشابي، وحتى بعض المشائخ الذين كان بورقيبة يصمهم قبل الاستقلال بالخيانة وخدمة الاستعمار، فقد قربهم اليه وأحاطهم بالرعاية والتقدير، ومن بينهم خاصة الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور. وحتى عندما دعا في فيفري 1960 الى الافطار في رمضان، لم يتخلّ عن محاولة كسب بعض الزيتونيين الى صفه والتهجم على من يعارضه من بينهم. وقد وجد بالفعل مساندة من عدد قليل منهم، في حين استغل عدد آخر تلك الدعوة للدعاية ضده في الأوساط الشعبية المتدينة مثلما ظهر في مظاهرة «الله أكبر ما يمشيش» بالقيروان التي كانت أول مظاهرة بعد الاستقلال. واليوم تبدو مسألة التعليم الزيتوني ناتجة عن «قراءة» خاطئة للتاريخ، وخارج سياقه.

الثورة التونسية، في سياق الثورات التي عرفها التاريخ الحديث والمعاصر؟

من وجهة نظر تاريخية يمكن ادراج الثورة التونسية ضمن الثورات العالمية، والتي كانت الموجة الأولى فيها ما يعرف بالثورات الليبرالية التي قامت في القرنين السابع عشر والثامن عشر ومن أهمها الثورة الفرنسية (1789). ثم الثورات الاشتراكية التي عرفها القرن العشرون ومن أهمها الثورة البلشفية (1917)، والثورة الصينية (1949). وبعد ذلك الثورات الوطنية لتي جاءت للتخلص من الاستعمار ومن بينها الثورة الجزائرية والثورة الفيتنامية اللتين أثارتا تعاطفا عالميا مع قضايا التحرر وساهمتا في زعزعة النظام الاستعماري. ثم الثورات الملونة في التسعينات وقد شملت بلدان الكتلة الاشتراكية السابقة وخاصة منها أوربا الشرقية. وفي الأثناء لابد من الاشارة الى أن ما كان يعرف بالثورات العربية في الخمسينات والستينات، لم تكن ثورات بالفعل وانما هي مجرد انقلابات عسكرية. ومن هذه الزاوية فان الثورات الفعلية التي عرفها الوطن العربي هي التي أطلقتها الثورة التونسية فيما يعرف بثورات الربيع العربي التي آذنت بانتهاء فكرة «الاستثناء العربي». وفي هذا السياق لابد من الاشارة الى السبق التونسي في هذا المضمار لم يكن نشازا في التاريخ، اذ سبق لبلادنا أن كانت سباقة على العديد من الأصعدة، وكانت تتجاوب مع مصر، من ذلك أن البلدين قد شكلا القاطرة في الحركة الاصلاحية في القرن التاسع عشر.

واندلاع الثورة بتونس وانتقالها الى مصر أولا يدل على أهمية هذا المحور الأفقي، في التأثير والتأثر بين الثورتين وفي علاقتهما مع الثورات العربية الأخرى وتأثيرهما عليها.
كمؤرّخ ماذا تقول عن التفسير التآمري للربيع العربي الّذي تذهب اليه بعض الأوساط؟

الذين يلجؤون الى التفسير التآمري للأحداث وللتاريخ هم يعبرون عن عجزهم عن ايجاد القراءة الملائمة للواقع، وهم في العادة ينطلقون من هواجسهم وليس من الوثائق أو المستندات، كما أنهم يعبرون عن عجزهم على التأثير على الأحداث. وبالنسبة لثورات الربيع العربي تحديدا، فان الثورة التونسية التي انطلقت بدون قيادة ولا تنظيم ثوري، حاول البعض أن يعطي لنفسه حجما أكبر من غيره فيها، ومازال البعض يذهبون الى حد نفي مساهمة غيرهم فيها. ولكن المفارقة أن هؤلاء يلجؤون الى التفسير التآمري عندما يتعلق الأمر بالثورات العربية الأخرى. صحيح أنهم يعتمدون في ذلك على التدخل الأجنبي في تلك الثورات وخاصة منها ليبيا وسوريا، لكن من الظلم أن يعتبر الثوار جميعا مجرد بيادق تحركهم المخابرات الأجنبية، دون النظر الى ما تمارسه الأنظمة العربية على شعوبها من استبداد وظلم وقمع يستمر منذ عدة عقود، بل دون الاهتمام بأن تلك الأنظمة نفسها كانت ومازالت تخدم القوى الدولية من أجل أن تستمر في السلطة، ولا شك أنها أعطت المثل لبعض المعارضين لكي يضعوا أنفسهم في خدمة نفس تلك القوى في سبيل التخلص من الاستبداد الداخلي. الا أن ذلك لا يجب أن يغطي على ارادة الشعوب في التغيير وفي تملك نفسها وثرواتها. ان محاولة القوى الدولية البحث عن موقع لها في البلاد العربية والنفاذ من خلال الثورات العربية محكوم عليها بالفشل، ذلك أن هذه الثورات لن تنتهي قبل أن ترسي أنظمة ديمقراطية ومن السهل للقوى الدولية أن تتعامل مع حاكم مستبد يحتكر كل السلطات، من أن تتعامل مع شعوب حرة تملك ارادتها.

الربيع العربي كشف عن مثلّث سياسي اقليمي جديد أطرافه مصر وتونس وتركيا:هل المسألة حديثة أم لها عمق تاريخي؟

ان كثافة العلاقات بين كل من مصر وتونس وتركيا والتي عرفت انطلاقة جديدة بعد ثورات الربيع العربي، تتجاوز الصبغة الظرفية لتعانق التاريخ الكبير الذي يصل الى عدة قرون خلت، حيث ارتبطت البلدان الثلاثة بعلاقات متينة منذ أقدم العصور، وتواصل ذلك في العهد العثماني، مع وجود مركز هو استانبول واقليمين رئيسيين هما مصر وتونس. وفي القرن التاسع عشر تجسد التفاعل بين تلك الأطرف من خلال الحركة الاصلاحية. وبقطع النظر عن هذه المقاربة التاريخية، فان نجاح النموذج التركي للاسلام المعتدل، فتح ولا شك الباب أمام امكانية أن يصل اسلاميون معتدلون آخرون الى الحكم، وهو ما تم بالنسبة لكل من مصر وتونس، بما يساهم في تكريس الديمقراطية الاسلامية على وزن الديمقراطية المسيحية، بما يشكل حاجزا دون الاسلام المتشدد. وعلى أية حال فقد وجدت البلدان الثلاثة أنفسها من جديد في علاقة ثلاثية متضامنة، بما هيأها ليكون لها ثقل جيوستراتيجي في المنطقة، وفي مقابل هذا المثلث نجد المثلث «الشيعي» الذي تشكله ايران وسوريا وحزب الله اللبناني. الأكيد هنا أن المثلثين غير متوازيين من حيث وزن مكوناتهما، حيث أن المثلث الأول ثنائي الرأس (مصر، تركيا)، في حين أن المثلث الثاني آحادي الرأس (ايران)، مع التذكير بأن طرفه الثالث لا يعدو أن يكون حزب في بلد لا يحلم أم يتفرد فيه بالحكم (لبنان). فكيف هي العلاقة بين المثلثين؟ بقطع لنظر عن الاختلاف المذهبي، فان ما يلفت الانتباه هو أن أطراف المثلث الأول تلتقي في موقفها الداعم للثورة السورية التي في صورة انتصارها ستؤدي الى فرقعة المثلث الثاني. وهذا يخدم ظرفيا بلدان الخليج ومن بينها خاصة لعربية السعودية المنزعجة من الامتداد الشيعي ومن اختلال التوازن الاقليمي بعد انهيار النظام العراقي ووقوعه تحت النفوذ الايراني. الا أن المثلث الأول بقدر ما هو مرغوب فيه للوقوف في وجه المثلث الشيعي بقدر ما يشكل تهميشا لبلدان الخليج ذاتها، بعد أن أصبحت مصر ترنو لاستعادة مكانتها التي فقدتها منذ عبد الناصر. ولذلك فالخليجيون وخاصة منها السعوديون يبدو أنهم أمام خيارات محدودة، فهم مع تفكيك المثلث الشيعي ولكنهم في نفس الوقت يخشون تهميش دورهم الاقليمي، ومن هذه الزاوية يمكن النظر الى مساهمتهم في تشجيع المد السلفي الذي تعرفه بلدان الربيع العربي.

درست طويلا تاريخ الحركة الطلابية، هل من خلاصات دقيقة وواضحة؟

ان دراسة الحركة الطلابية تشكل المفتاح لفهم الدولة الوطنية والنخبة السياسية والثقافية والاجتماعية. والملاحظ هنا أنها كانت في العقود الأولى من الاستقلال وحتى مطلع التسعينات من القرن الماضي، محرارا للحياة السياسية والاجتماعية في تونس. وفي الحرم الجامعي تفاعل الطلبة مع مختلف الأحداث والأزمات التي عرفتها البلاد. وقد حافظت على حركيتها ونشاطها رغم التحولات الايديولوجية التي عرفتها والتي تعكس تحولات اجتماعية عميقة.

ولا شك أن دراسة السوسيولوجيا الطلابية تساعد على فهم تلك التحولات، ومن هذه الزاوية لابد أن نلاحظ أن الأجيال الطلابية الأولى انحدرت في الغالب من البرجوازية المدينية والطبقات المرفهة عموما، قبل أن تكتسح الجامعة فئات اجتماعية شعبية وريفية ذات حساسية مرهفة لمسألة الهوية. وكان لتلك التحولات انعكاساتها على توجهات الطلبة وانتماءاتهم الايديولوجية، فبعدما كانت الجامعة مسرحا للتيارات اليسارية، في فترة كان اليسار يستقطب الشباب في مختلف أنحاء العالم، ظهر الطلبة الاسلاميون والى درجة ما الطلبة القوميون العرب كتعبير عن التحولات في الانتماء الاجتماعي للطلبة، وتفاعلا مع ما عرفته الساحة العالمية أيضا سواء مع الثورة الايرانية أو القضية الفلسطينية خاصة بعد التوقيع على معاهدة كامب ديفيد.

ومن هنا فان تفسير ظهور الاسلاميين بكونه كان «مؤامرة» من السلطة لمواجهة تنامي اليسار، انما يعبر عن العجز عن فهم المجتمع وتحولاته من جهة، ويتضمن من جهة أخرى مبررا للوقوف ضدهم والثأر منهم بالتحالف مع نظام بن علي في التسعينات. وان عمليات القمع الممنهج في التسعينات لا يمكن التغافل عن مضامينها الطبقية وتداعياتها الاجتماعية وحتى تعبيراتها الجهوية، بحيث كانت في عمقها كسرا لتطلعات اجتماعية وقطعا لعملية الرقي الاجتماعي أمام فئات شعبية وريفية واسعة طالما راهنت على التعليم.

أيّة علاقة للجامعة التونسية والطلبة بالثورة؟

تعتبر الجامعة التونسية مكسبا وطنيا وأحد أهم انجازات الدولة الوطنية، وقد ساهمت في تكوين الاطارات العليا التي تحتاجها البلاد من مهندسين وأطباء وصيادلة ومحامين وقضاة وأساتذة وغيرهم... كما كونت النخب السياسية والحقوقية والاجتماعية للعقود الأخيرة، بل أن أغلب الذين يوجهون الساحة السياسية والحزبية والنقابية والحقوقية اليوم هم من خريجيها وتدربوا على النضال لسياسي وغيره منذ كانوا في الجامعة. أضف الى ذلك أن خريجيها المعطلين عن العمل كانوا وقودا للثورة التونسية، بعد أن قضّوا -وهنا المفارقة- حياتهم كطلبة في هدوء أو ما يشبه الهدوء، حيث مروا بالجامعة وهي تعيش فترة طويلة من الخمود الذي خيم منذ منتصف التسعينات تقريبا، ولم يجدوا من متنفس لهم الا خلال ثورة 17 ديسمبر.

لقد عاشت الجامعة التونسية خلال ما يقرب من العقدين حياة هادئة في محيط هادئ هو أيضا، وفقدت تماما تقاليدها السابقة في الاحتجاج والتعبير، ولم يتحرك الطلبة رغم تردي ظروفهم المادية وانسداد آفاق التشغيل في انتظارهم. وعجز الاتحاد العام لطلبة تونس الذي تفرد بالساحة الطالبية منذ عام 1991 بعد أن تم حل الاتحاد العام التونسي للطلبة عن استغلال الفرصة لتحقيق الانتشار وتعبئة الطلبة، اذ ما لبثت آلة التضييق أن شملته هو الآخر منذ أواسط التسعينات، حتى عجز منذ عام 2003 عن عقد مؤتمراته الدورية. الا أن القمع وحده لا يمكن أن يفسر ذلك الركود، حيث أنه ليس معطى جديدا في الجامعة فقد كان الطلبة طيلة السبعينات والثمانينات يعاقبون بالتجنيد والسجن والمحاكمات، ولكن ذلك لم يؤد الى مثل الحالة التي آلت اليها الأوضاع خلال العهد النوفمبري.

والحقيقة أن القيم التي كانت تجتذب الشباب، ومن بينه الشباب الطالبي، قد عرفت تغيرا سواء في بلادنا أو في العالم بعد انهيار المعسكر الشرقي، حيث تراجعت قيم الغيرية والتضحية من أجل الآخرين أمام قيم الفردانية واللذة والأنانية والخلاص الفردي.

وهو ما يفسر جزئيا على الأقل انحسار الحركات الطالبية في العالم وفي بلادنا. بل أصبح الحديث عن حركة طالبية غير ذي معنى حيث كادت تنعدم تماما التحركات داخل الجامعة التونسية، رغم أن عدد الطلبة حقق أرقاما قياسية في العشرية الأولى من الألفية الجديدة. وتقدم للامساك بالساحة الطلابية منظمة طلبة التجمع في حين كانت التيارات السياسية اليسارية، على وهنها، تتصارع فيما بينها من أجل احتكار الاتحاد العام لطلبة تونس، واستغلاله لتوجهاتها الخاصة. استمرت تلك الوضعية الى اندلاع الثورة، فلم تكن مساهمة الطلبة فيها بالقدر المنتظر منهم.

ولكن كأنّ الجامعيين مغيّبون في مسار الثورة ؟

لقد أغرت السلطة بعد انقلاب 7 نوفمبر 1987 قطاعات واسعة من النخب التي كانت تزدري سابقا التعامل مع النظام البورقيبي، فأصبحت تلهث في عهد بن علي على الكراسي، وتحولت الجامعة شيئا فشيئا الى مورد للاطارات العليا وللوزراء وكبار المسؤولين. وفي هذا الاطار يندرج التحاق العديد من اليساريين، من أجيال مختلفة، بالحزب الحاكم وبمؤسسات الدولة. وكان من أبرزهم الجامعي محمد الشرفي الذي عين على رأس وزارة التربية والتعليم العالي والبحث العلمي في ربيع 1989.

وقد التقى بنظام بن علي في مواجهة عدو مشترك يتمثل في الاسلاميين، ولتحقيق ذلك الهدف تقدم ببرنامج لاصلاح التعليم، فيما عرف بسياسة «تجفيف الينابيع». وفي الجامعة سعى الى طرد السياسة منها، ومحاصرة النشاط النقابي الطلابي، وحصرت وظيفتها في التعليم وحده. وقد وجد في ذلك مساندة العديد من الجامعيين الذين عملوا الى جانبه. وعندما ترك الوزارة عام 1994 كانت الجامعة قد خضعت تماما الى رقابة السلطة. وكان البوليس الجامعي قد تحول الى جزء لا يتجزأ من المشهد، في حين تمكن حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم من التحكم في الادارة الجامعية. وباستثناء عدد قليل من المؤسسات الجامعية الكبرى حيث كانت تتم انتخابات مفتوحة، فان مديري بقية المؤسسات كانوا يعينون من قبل النظام من بين عناصر ذلك الحزب ودون النظر الى كفاءاتهم الادارية والعلمية. وفي الجملة فان الأساتذة الجامعيين كانوا أقرب الى التقليد الزيتوني العريق في العلاقة بين الفقيه -أو العالم بالمعنى التقليدي- والسلطة، حيث أن من يعطي الأجرة يتحكم في من يمتلك الفكرة. وبالفعل فقد كان الجامعيون سندا للسلطة النوفمبرية يبرز هذا من خلال كثافتهم ضمن الوزراء، وضمن قائمة المناشدين بنسبة 16% من المجموع ويحتلون بذلك المرتبة الأولى أمام بقية المجموعات المهنية، من رجال أعمال ومحامين ومهندسين واطارات تربوية الخ.

لكن ذلك لا يجب أن يغطي على دور جامعيين آخرين من الناشطين في بعض الأحزاب المعارضة أو في نقابة التعليم العالي. الا أن الأساتذة الجامعيين لم يبرزوا كطرف فاعل في الثورة، بالمقارنة مثلا مع المحامين الذين كان حضورهم لافتا للانتباه سواء بالعاصمة أو داخل البلاد. ولا يعني ذلك أن الأساتذة لم يشاركوا كأفراد في الحراك الثوري. أما بالنسبة لهياكلهم الممثلة سواء النقابة أو المجالس العلمية فلم يصدر عنها أي موقف من الثورة في الأيام الأولى من انطلاقها بسيدي بوزيد. ولم يتحركوا الا في الأسبوع الأخير بعد استشهاد زميلهم حاتم بالطاهر المدرس بجامعة قابس وفي فرنسا. ومع ذلك فالاجتماع الذي دعت له الجامعة العامة للتعليم العالي بكلية الحقوق بتونس، لم يحضره الا حوالي أربعمائة أستاذ أي أقل من 5% من العدد الجملي للأساتذة بجامعات تونس الكبرى. ومع ذلك فقد كانت الجامعة والجامعيون من أول المستفيدين من نجاح الثورة، اذ وقع الغاء البوليس الجامعي واقرار التسيير الديمقراطي للجامعة، من خلال الاقرار بانتخاب المدراء والعمداء.

من زاوية بحثية تاريخية هل هناك صدى لمقولة الثورة المضادة التي بتنا نسمعها كثيرا في بلادنا؟

لم تحدث ثورة في التاريخ البشري دون أن يكون لها أعداء، وهم أولئك الذين كانوا يشكلون القاعدة الاجتماعية والايديولوجية التي يرتكز عليها النظام القديم، والذين وجدوا أنفسهم في الدائرة التي تستهدفها الثورة، وانتصار الثورة يعني فقداهم لمصالحهم ومواقعهم وامتيازاتهم وسبب وجودهم.

وهم من هذه الوجهة حتمية وضرورة. فهم بمعنى ما يعطون للثورة شرعيتها، ويكسبونها مضاءها واصرارها على تحقيق أهدافها، ورغم أن وجودهم مكلف للثورة والثوريين على جميع الأصعدة، فانه يبدو ضروريا على الأقل باعتباره يؤخر ارتداد الثورة على ذاتها، ويدفع القوى الثورية الى اليقظة والمزيد من التحفز. ذلك لا ينقص من كونهم يشكلون خطرا ماثلا خاصة عندما ينتقلون الى مرحلة التخطيط والتحرك من أجل العودة الى الوضع السابق، من خلال استهداف قوى الثورة وتحييدها عن تحقيق أهدافها. ويزيد الخطر عندما ينتقلون من مرحلة التشكيك في أهداف الثورة والتشنيع على أخطائها الى اللجوء التآمر عليها والى العنف المنظم مستفيدين من امكانياتهم وخبراتهم وعلاقاتهم.

لقد كان لكافة ثورات التاريخ البشري أعداؤها الفاعلون والمضمرون الذين يختلف. والثورة التونسية لا تخرج عن هذا السياق. ومن الطبيعي أن لا يكشف البعض من أعداء الثورة عن وجوههم، بل تراهم ينحشرون ضمن الثوار وتراهم يزايدون عليهم، بينما هم في الحقيقة يحاربونها بمختلف الوسائل والأساليب في الخفاء، بقدر استهدافها لمصالحهم ومواقعهم. وقد يستفيدون من الثوار أنفسهم بتقسيم صفوفهم والنفاذ بينهم وتأجيج نار الصراع بينهم.

وبالتالي فالبعض من أصدقاء الثورة أو القائمون بها يمكن أن يسيئوا اليها من حيث لا يشعرون. كأن يتخذوا مواقف تؤدي الى تهميش اتجاه الثورة، أو تحريف أهدافها، أو اختلاق معارك جانبية ايديولوجية أو سياسية غير مجدية. مثل هذه المواقف لا تقل خطرا عن ممارسات أعداء الثورة. وان نجاح الثورة التونسية يتطلب التخلص من الارث الاستبدادي الذي ران على البلاد التونسية منذ الاستقلال، وتشربته جميع التيارات والاتجاهات واستبطنته وأصبح جزءا من تكوينها. ولا شك أن التخلص منه يعتبر شرطا ضروريا لانجاح الثورة وتحقيق أهدافها في الحرية والكرامة والعدالة. وفي غياب ذلك سيعاد انتاج ثقافة الاستبداد التي ثار عليها الشعب التونسي وتحداها ولن يصمت بعد اليوم لو تجرأ أي طرف أو تيار على محاولة التأسيس لها من جديد. ان أحد أشد أعداء الثورة كامن في أصدقائها وأصحاب المصلحة منها، ألا وهو مخلفات ثقافة الاستبداد التي زرعها ورعاها النظام القديم بمختلف أجهزته فأصبحت جزءا من كياننا ومن كينونتنا، واذا لم تؤد الثورة الى اقتلاع تلك الثقافة فانه يصعب الحديث عن ثوريين.

وماذا عن عودة التجمعيين أو ما يقال أنّه رغبة في احياء الحزب الحاكم المنحل؟

ان عودة التجمعيين لا تعدو أن تكون حركة مضادة ليس للثورة فقط وانما للتاريخ أيضا. والقوى الثورية يجب أن ترى فيها مؤشرا سلبيا على أدائها هي، بما يدعوها الى تصويب مسارها وتسديد رميها. ومن المؤسف أن كلا من الحكومة والمعارضة تضافرت أفعالهما بما ساعد على عودة التجمعيين، فالحكومة لم تفتح باب المحاسبة الجدية والشاملة، بل أنها عينت تجمعيين في مناصب حساسة وبدت وكأنما أولويتها طمأنة الجميع، أو انها لها التزامات لم تفصح عنها. متناسية أن الزخم الثوري هو الذي أتى بها الى السلطة وأن استمرارها من استمرار ذلك الزخم، وأنها لذلك يجب أن تتحرك كحكومة ثورة. وعلى أية حال فان عدم فتح باب المحاسبة قد أشاع الطمأنينة في أوساط التجمعيين، فتنادوا الى بعضهم البعض وها قد وصلوا الى حيث لم يكونوا يحلمون قبل بضعة أشهر. أما المعارضة وقد آلمتها الجراح التي أثخنتها يوم 23 أكتوبر، ففقدت الثقة في نفسها وفي المسار الديمقراطي، فاذا بها تنسى برامجها وبدائلها الثورية ولم تعد تذكر هي الأخرى مطالب الثورة الا في باب مناكفة الحكومة. وفي أثناء ذلك لم يعد يهم بعضها أن تجالس التجمعيين وتعتبرهم طرفا وطنيا معنيا بمستقبل البلاد.

الكثيرون على الساحة يعتبرون حزب نداء تونس هو أحد الأحزاب التجمعية ان لم يكن هو نفسه التجمع المنحل في ثوب جديد، ما قد يؤكد ذلك هو استقطابه للعديد من المتضررين من الثورة ممن كانوا مستفيدين من النظام السابق، ورهانه على اعادة تنشيط الشبكة العلائقية القديمة التي تقطعت أوصلها بعد الثورة، وبالفعل فقد اتجه الى قدامى التجمع المنحل وبرز في قيادته بعض من كان قياديا في اللجنة المركزية وفي مستويات قيادية أخرى، بعد أن كان أغلبهم قد أحيلوا على التقاعد السياسي وكتابة مذكراتهم، الا أن الملاحظ أن الكثير من هؤلاء يكاد يقتصر دورهم الجديد في نداء تونس على تغذية النوستالجيا للزمن البورقيبي والتذكير بالأمجاد البورقيبية، والى جانبهم نجد بعض رجال ونساء المال والأعمال، ممن كانوا مستفيدين من النظام السابق، ويشعرون بأن الثورة تشكل تهديدا لثرواتهم التي جمعوها في ظروف مشبوهة. وقد يبدو من المفارقة أن يلتقي هؤلاء في نفس الحزب مع بعض اليساريين الذين تفسخ خطابهم السابق حول العدالة الاجتماعية والصراع الطبقي وحول البرجوازية والكمبرادور والكادحين والطبقات الشعبية وحول معاداة الامبريالية والرجعية الخ. فاذا بهم يمدون أيديهم الى «أعدائهم الطبقيين» السابقين، والى جانبهم نجد في قيادة الحزب بعض المتقاعدين من العمل النقابي.

من زاوية مفاهيمية نداء تونس، ليس مجرد حزب ولا هو جبهة وانما هو تجمع ضم اليه مكونات بدون برنامج ولا رابط سياسي بينها الا العداء للاسلاميين الذين وصلوا الى الحكم. هذا التجمع يذكر بالفعل بتجربة سابقة عرفتها بلادنا في مطلع التسعينات، اذ كانت نفس الأطراف قد هرعت الى «حزب الرئيس» لتوكل اليها مهمة الحرب الايديولوجية في حين تولت الأجهزة القمعية بقية المهمة، وقد أفضى ذلك الى ما يعرف بسنوات الجمر. الا أن أهم فرق بين الفترتين هو أن اليساريين ينطلقون هذه المرة بحظوظ أوفر داخل الحزب المشترك حيث أنهم يحوزون على الدور القيادي فيه، في انتظار أن ترفعهم القاعدة التجمعية القديمة الى سدة الحكم. الا أن حظوظهم حسابيا تقف دون آمالهم، اعتبارا الى أن القيادات التاريخية للتجمع الدستوري المنحل قد أخذت مسافتها عن تجمع نداء تونس، وذلك لأسباب ايديولوجية أو سياسية وتكتيكية، تقديرا منها أن الوقت لم يحن بعد لعودة قوية الى المشهد السياسي خشية أن تنقلب الأوضاع عليهم جميعا. كذلك فان جانبا كبيرا من القاعدة التجمعية قد تقاسمتها الأحزاب الأخرى، وليس بامكانها ولا من مصلحتها أن تتحمل كلفة انتمائها لحزب ذي قيادة طارئة. ولكل ذلك وخلافا لنتائج استطلاعات الرأي فاني أعتقد أن نداء تونس لا يحظى بامتداد شعبي وهو مقبل على أيام صعبة.

وماذا عن حزب حركة النهضة ، هناك تقييمات متباينة وهناك محاذير للخوف والتوجّس من هيمنتها؟

الكثيرون يبغون الابتسار والتلخيص فيرون في النهضة جسما واحدا لا يتجزأ، بل أن البعض يضيف الى ذلك أنها والسلفية والتيارات والأحزاب الاسلامية الأخرى انما هي شيء واحد، وتواجدها على تلك الوضعية لا يعدو أن يكون من باب تقاسم الأدوار. ومن هذه الزاوية يرى البعض أن النهضة هي التي تحرك السلفية. وغير خفي هنا أن هذه النظرة لا تستقيم منهجيا وحتى سياسيا، حيث من الأفضل للفاعل السياسي أن يقسم صفوف منافسيه حتى يسهل على نفسه منزلتهم من خلال التعامل مع بعضهم واستبعاد البعض الآخر. كذلك منهجيا فكل الأحزاب مهما كانت درجة مركزيتها أو صلابة تنظيمها فهي لا تمثل كتلة صماء صعبة الاختراق، وانما فيها تمايزات وفروقات كثيرة. وقد ظهر هذا جليا خلال المؤتمر الأخير لحركة النهضة، ليس فقط بين من كانوا في الداخل ومن كانوا في الخارج، ولا بين جيل التأسيس والأجيال اللاحقة، وانما أيضا بين كتل جهوية متمايزة وذات أوزان مختلفة. وان عدم تلمس تلك التفاصيل كان طبيعيا عندما كانت الحركة سرية أو مطاردة، أما اليوم وبعد أن أصبحت الحزب الأكبر على الساحة السياسية، فمن الضروري بالنسبة للمحللين والفاعلين السياسيين أن يضعوا في عين الاعتبار هذه المعطيات.

وفي كل ذلك ، وأنتم قد درستم التاريخ السياسي التونسي والعربي ، أيّ موقع لتيارات اليسار؟

ان الساحة التونسية تحتاج الى حزب يساري قوي، لضمان حد أدنى من التوازن الحزبي والاجتماعي. وفي هذا الاطار فان قيام الجبهة الشعبية يعتبر استجابة لتلك الحاجة الا أن نجاحها يبقى مشروطا بتجاوزها لجملة من المعوقات التاريخية لليسار العربي عموما، واليسار التونسي تحديدا يجب أن يعي أنه مثل التيارات الأخرى قد تشرّب ثقافة الاستبداد، وعليه بالتالي أن يتخلص من رواسبها الراسخة في خطابه وشعاراته. وعليه خاصة أن يتخلص من الازدواجية بين خطاب ايديولوجي داخلي وآخر سياسي خارجي. وبالنسبة للجبهة الشعبية التي أعلن عنها في هذا الشهر، فهي الى حد الآن لم تصغ برنامجها، وبدت وكأنها مجرد محاولة لتجميع مجموعات مضادة للسلطة.

ولا شك أن عدم التمايز عن بقية مكونات الساحة والمبادرة باتخاذ المواقف دون انتظار الاتجاه العام للآخرين، سيؤثر على وزنها وعلى مكانتها وعلى مستقبلها، وفي كل الحالات فالجبهة الشعبية تبقى في حاجة الى أن تثبت أنها شعبية بالفعل من حيث استقطاب أوسع الجماهير، في حين قد لا يكون ذلك يسيرا في ظل استمرار المحتوى الايديولوجي لأغلب مكوناتها على حاله. كذلك بالنسبة للمسألة الديمقراطية، فأغلب مكونات الجبهة في حاجة الى التدليل على قناعتها بالديمقراطية، ولا أدل على ذلك من استمرارية الخلط عمدا بين الديمقراطية السياسية والديمقراطية الاجتماعية.

من هو الدكتور محمد ضيف الله ؟
من مواليد 1960 بالجرسين، ولاية قبلي، متزوج وله أربع بنات.
أستاذ مساعد للتعليم العالي لمادة التاريخ بالمعهد العالي للتوثيق.
حاصل على شهادة الأستاذية في التاريخ بتاريخ جوان 1985. بكلية الآداب والعلوم الانسانية بتونس وعلى أطروحة دكتوراه المرحلة الثالثة، ببحث موضوعه: الحركة الطالبية التونسية 1927-1939، بملاحظة حسن.
حاز شهادة الكفاءة في البحث، اختصاص تاريخ سنة 1988، موضوع الرسالة: لجنة صوت الطالب الزيتوني 1950-1956، ملاحظة حسن جدا.
ساهم في اعداد ومواكبة المؤتمرات والندوات العلمية التي نظمتها مؤسسة التميمي للبحث العلمي والمعلومات المؤسسة.
تولى سكرتارية تحرير دوريات المؤسسة الثلاث: المجلة التاريخية المغاربية والمجلة التاريخية العربية للدراسات العثمانية والمجلة العربية للأرشيف والتوثيق والمعلومات ؛
نشرت له المؤلفات التالية: الزنابق الحمراء: الحركة الكشفية التونسية (1916-1965) والمجتمعات المائية بتونس: قبلي وزغوان في القرن التاسع عشر والمدرج والكرسي: بحوث حول الطلبة التونسيين بين الخمسينات والسبعينات ونوافذ على تاريخ نفزاوة والحركة الطالبية التونسية 1927-1939
والمقالات الموسوعية ضمن دوريات ومجلات علمية محكمة، منها الهواري بومدين»، في، الموسوعة الاسلامية Islam Ansiklopedisi، وعن محمد الصالح النيفر ومحمد الصالح المهيدي وصالح المالقي وساسي الأسود ونفزاوة والحركة النسائية في تونس والحركة الطالبية التونسية والحركة الكشفية التونسية في الموسوعة التونسية، بيت الحكمة، قرطاج ، كما قدّم لعدد من الكتب وترجم عددا آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.