رأت جهات رسمية في روسيا ان ليبيا تعيش في هذه المرحلة صراع قبائل طاحن محذرة من ان البلاد مهددة بالتقسيم والتفكك في حال لم يتم التعجيل باطلاق مؤتمر دولي يبحث سبل وامكانات انقاذها في وقت قريب. قال السفير الروسي السابق في ليبيا فلاديمير تشاموف في لقاء مع إذاعة «صوت روسيا» إنه يعتقد باستمرار الربيع العربي. ووفقا لأقواله إن الأحداث التي تجري في المنطقة تؤكد ذلك، ولا يمكن استثناء تطور الأحداث في هذا الاتجاه في البلدان التي قامت فيها الثورة. وأشار الدبلوماسي خلال حديثه عن الوضع في ليبيا إلى تحقق أسوإ توقعاته، الوضع في مدينة بني وليد التي أخلاها سكانها بعد عمليات القوات الحكومية فيها تأكيد على ذلك.
ولم يتفق تشاموف مع آراء بعض المحللين السياسيين حول استمرار الصراع بين المتمردين السابقين والقذافيين في ليبيا، قائلا: «إن الأمور أصعب مما تبدو عليه، فليبيا تعيش صراع قبائل، حيث انقسمت البلاد بعد الإطاحة بالزعيم والتغيير المفاجئ للنظام بطريقة عسكرية. حتى انتخابات البرلمان الجديد أظهرت أن ليبيا لا تشهد صراع الحركات السياسية، كما تشهد صراعا بين القبائل.
ويرى الديبلوماسي أن هجرة الليبيين إلى الدول المجاورة يعتبر مؤشرا على الوضع في البلاد، مشيرا إلى أن مليونا ونصف المليون مهاجر من أصل 6 ملايين نسمة في البلاد أعداد كبيرة للغاية.
تجدر الإشارة إلى أن تشاموف كان يشغل منصب السفير الروسي في ليبيا في الفترة ما بين اكتوبر من عام 2008 الى شهر مارس عام 2011. وفي سياق متصل قال أناتولي يغورين رئيس الباحثين العلميين في معهد الاستشراق لدى أكاديمية العلوم الروسية في كتاب له تحت عنوان « الإطاحة بمعمر القذافي .. اليوميات الليبية عامي 2011 2012» ان العملية العسكرية للناتو في ليبيا تمخضت عن حصيلتين رئيسيتين أولهما اختفاء 150 مليار دولار من موجودات الأموال الليبية المجمدة في البنوك الأجنبية، فيما تنحصر الثانية في أن طائرات الناتو ألحقت بليبيا خسائر تزيد بمقدار 7 أضعاف عن تلك التي ألحقت بها طائرات المارشال رومل إبان الحرب العالمية الثانية..
وقال أليكسي بودتسيروب السفير الروسي السابق في ليبيا في تصريح أدلى به لمراسل وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء:«يعتبر هذا الكتاب مهما وفريدا من نوعه إذ انه ظهر في الوقت المناسب، حيث تصادف الذكرى الأولى لمقتل القذافي. ويتضمن الجزء الأول من الكتاب تاريخ الأحداث. أما جزءه الثاني فيتضمن تقييمات الكاتب الشخصية والاستنتاجات الصحيحة تماما لما حدث في البلاد».
وأعاد بوتسيروب إلى الأذهان أن هذا الكتاب هو الثاني عشر لأناتولي يغورين في موضوع ليبيا. وقال معلقا على التطورات الأخيرة للوضع في ليبيا وآفاقها إن «الوضع يتأرجح ويمكن أن يميل إلى هذا الجانب أو ذاك». ومضى قائلا:«المشكلة الرئيسية هي ضعف السلطة المركزية. وتجري اشتباكات في كل أنحاء البلاد، وقد انتهت المعارك القاسية في بني وليد. وقبل ذلك شهدت البلاد اشتباكات في غربها وجنوبها». واستطرد بودسيروب قائلا:«إما أن يتفكك البلد - وقد أصبحت هذه النزعة واضحة للعيان - أو أن تتعزز الحكومة المركزية. لكن هذا الأمر يحتاج إلى نزع السلاح عن ألوية الثوار السابقين. وكيف ينزع السلاح منهم؟ وهذه المشكلة معقدة جدا لأن تعداد تلك التشكيلات يزيد عن تعداد الجيش النظامي».
ولفت يغورين بدوره إلى أن كتابه هو في حقيقة الأمر تحليل لأعمال الناتو في ليبيا ، بالاضافة الى معالجة عمليات القوات الخاصة البريطانية والفرنسية التي خرقت بنود القانون الدولي كلها.
وأبرز يغورين أن طائرات فيلق المارشال رومل نفذت نحو 3 آلاف طلعة جوية في ليبيا إبان الحرب العالمية الثانية. وتقول المنظمات الدولية أنها ألحقت حينذاك خسائر تقدر بملياري دولار (حسب الأسعار الحالية). أما طائرات الناتو فقامت بنحو 30 ألف طلعة جوية وألحقت بها خسائر تقدر ب 14 مليار دولار. ويرى المستشرق الروسي أن ليبيا الآن على وشك الانشقاق. وأنها غير قابلة للإدارة بسبب عدم وجود زعيم فيها.
وتساءل يغورين :«ما العمل؟»، مضيفا انه «لا يجب عرقلة تطورها، بل يجب عقد مؤتمر دولي من شأنه أن يقدم بعض التوصيات للسلطة الجديدة كيلا تنقسم ليبيا إلى أقسام».