متى تتم المصادقة على مثال التهيئة العمراني لمدينة المهدية؟ وهل وقع الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الاقتصادية والاجتماعية بين شمال المدينة وجنوبها واندماج مشروع سبخة «بن غياضة» حتى يواكب تطور المدينة؟ وكيف سيتم التعامل مع قضايا الانتزاع للمصلحة العامة؟ فأول الرهانات المطروحة هو النظر في إمكانية توسعة التراب البلدي إلى حدود مسار الطريق الحزامية المبرمجة والرابطة من الطريق الجهوية رقم 82 (طريق البقالطة) إلى حدود بلدية رجيش بالتنسيق مع مصالح وزارة الفلاحة والمجلس الجهوي اعتمادا على المراجعة الأخيرة لخريطة حماية الأراضي الفلاحية لولاية المهدية، فهذا الإجراء الاستشرافي والساعي إلى فك عزلة المدينة التي لا تؤدي على أحسن وجه وظيفة الحاضرة الإقليمية، وتعرضها إلى منافسة حادة ومتعددة المصادر منها ما يتأتى من المراكز الحضرية الجهوية الأخرى وفي طليعتها مدينتا سوسة والمنستير وتليهما مدينتا القيروانوصفاقس، ومنها كذلك ما يتأتى من مدن ذات وزن محلي، ولكنها تتصف بحيوية فائقة في الحياة الاقتصادية على غرار الجم وقصر هلال والمكنين وطبلبلة.
ولقد أثبتت دراسة العلاقات التي ينسجها السكان مع مختلف المراكز الحضرية بالمنطقة أن المعتمديات الداخلية تتصف بالعزلة، وبركود واضح ومن علاماته الانغلاق من جراء البعد عن مركز الولاية، خلافا لذلك تتصف مراكز المعتمديات الوسطى بحيوية فائقة في العلاقات المتبادلة على أن مدينة الجم تبدو بمثابة القطب المحلي الذي ينشط كل تلك الدينامية، أما المدن الواقعة بالمعتمديات الساحلية أو شبه الساحلية فهي أكثر مدن الجهة ارتباطا بمركز الولاية بفعل عامل القرب الجغرافي أساسا، إلا أن هذا لا يمنع السكان من الالتجاء إلى مدن أخرى مثل صفاقس والمنستير وسوسة وحتى العاصمة طلبا للخدمات الخصوصية أو الراقية.
ومن جهة أخرى ماهو الضامن أن لا تعود منظومة الفساد في الأراضي مثل ما شاهدته «أجنة هيبون» أو الأراضي المنتزعة لفائدة بناء كلية العلوم الاقتصادية؟، حيث لم يتحصل أغلب المالكين على مستحقاتهم وآخرون اغتصبت أراضيهم وانتزعت عنوة عن طريق أركان الحكم البائد بالجهة في تلك الأيام للمنفعة الشخصية مستغلين سلطتهم، والمطلوب أن تنظر العدالة الانتقالية في الجهات في هذه الملفات التي أغلبها موثقة عند القضاء.
والملاحظ في منطقة التوسع البلدي أن هناك عدة بناءات جديدة مشتتة وقع التغافل عنها رغم أنها تستدعي المتابعة من طرف البلدية واتخاذ الإجراءات القانونية في شأنها تفاديا لتكوين تجمعات سكنية عشوائية تربك مستقبلا مثال التهيئة العمراني الجديد والإستراتيجية العمرانية التي تتطلب إحداثات جديدة في مجالات البنية الأساسية والنقل تساهم في خلق ديناميكية اقتصادية تستقطب رؤوس الأموال لتوفير مواطن الشغل وامتصاص البطالة وتلبية احتياجات المتساكنين المتزايدة.