هو كتاب جديد ينضاف إلى المكتبة الوطنية في تخصص الحضارة الاسلامية بعنوان مقدمات في دراسة تفاعل الثقافات والذي وضع فيه الباحث في مركز الدراسات الاسلامية عبد الباسط الغابري عصارة تفكيره ونتاج رؤيته وخلاصة مقارباته لتفاعل الحضارات والثقافات. «مقدمات في دراسة تفاعل الثقافات» هو عنوان الكتاب عن منشورات مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان لسنة 2012.
كتاب عنه يقول صاحبه : لقد انطلقنا في مقاربتنا لتفاعل الثقافات وحوار الحضارات من نصوص محورية أساسية في الحضارتين العربية الاسلامية والغريبة، إذ لعل من أبرز مفارقات عصرنا عصر الثورة المعلوماتية والإلكترونية عودة «المقدس» بأشكال أكثر حدة من ذي قبل ، باعتبار أن عديد التيارات الأصولية سواء في الفضاء العربي الإسلامي أو في الفضاء الأوروبي الأمريكي قد طوعت تلك التكنولوجيات المعلوماتية لتوسيع مناطق بث خطابها وإذا علمنا أن مشكلة القصور الثقافي والتسطيح المعرفي مشكلة متنامية لاسيما في ما يتعلق بحقيقة الأديان السماوية وطبيعتها واختزانها لبعض القواسم المشتركة، والتقائها في مقصد رعاية الجنس البشري، وحفظ فطرته الخيّرة من الخسران والعدوان، يتبين لنا خطورة الوضع الحالي الذي نعتقد أنه سوف يؤدي على الأمد الطويل إلى هيمنة تلك التيارات الأصولية على مقاليد السلطة والنفوذ غربا وشرقا وما يفضي إليه ذلك الأمر من عواقب وخيمة لعل أخطرها عودة الحروب الدينية العالمية تحت مسميات أخرى إن هذا الافتراض وارد جدا حتى داخل أوروبا نفسها إذا لم يقع تدارك الأمر سريعا باستثمار خطاب التفاعل الثفافي والحوار الحضاري، ودعمه بآليات عملية اقتصادية وسياسية نافذة وحاسمة.
ويتألف الكتاب من بابين : باب أول موسوم ب «الوعي الآخر في الثقافة العربية الاسلامية» وباب ثان عنوانه « أشكال من التفاعل الثقافي والحوار الحضاري» يتفرع الباب الأول إلى فصلين كبيرين ، يطرح الفصل الأول المسألة يصيغة تأليفية تستوعب أهم عناصر تشكيل المنظومة الذهنية في الثقافة العربية قديما وحديثا بينما حاول في الفصل الثاني التعمق في تفصيل محور هام يتعلق بأخطر النصوص التي اشتغلنا عليها باعتبار طابعها التقديسي، وهما القرآن الكريم والكتاب المقدس، حيث حاولنا دراسة منزلة النبي موسى في الديانتين الاسلامية واليهودية دراسة تستوعب كيفية تمثلهما للذات والآخر في سياق جدلي ينبني على التأثر والتأثير حينا، وعلى الإضافة والإبداع أحيانا.
أما في الباب الثاني الموسوم «بأشكال من خطاب التفاعل الثقافي والحوار الحضاري» فقد انعقد البحث أيضا على فصلين متباينين كميّا وكيفيا، تركز الاختيار في الفصل الأول على نماذج من الاستشراق الروسي فانتخب ثلاثة أعلام تعتبر أقطابا معرفية في مجاله، وهي الشاعر بوشكين والأديب تلستوي والباحث المعاصر ألكسي جورافسكي وفي الفصل الثاني نبه إلى الدور الذي تقوم به بعض مراكز البحث العلمي في سبيل تكريس ميثاق للاحترام المتبادل والتفاعل المتكامل، فحللنا بعض الأنشطة العلمية من ملتقيات وندوات ومحاضرات أنجزها مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان موثقين ذلك التحليل بعديد الأمثلة والشواهد النصيّة.