في الوقت الذي يتبجح فيه البعض بالقطع مع الماضي وهم مازالوا غارقين في أوحاله، في هذا الظرف تواتر الحديث عن عودة القمل والبرغوث والجرب والفرطس من أغوار القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين ونزل معها سائح غريب ضيفا على مزابلنا ذات الخمسة نجوم في السياحة الجرثومية وهو حمى غرب النيل وربما تلتحق به كوليرا بحيرة فكتوريا وحمى مستنفعات الأمازون وذبابة «التسي التسي» من أدغال افريقيا. فمن متع القمل والبرغوث و«الفرطس» والجرب بحق العودة بعد طردها نهائيا ولعقود طويلة أكيد انها المزابل وهلا تمنحها مزابلنا التعويض أكلا للحوم البشرية وشربا لدمائها.
والمزابل التي أعنيها ليست جبال فواضلنا مما نأكل ونشرب ونضع ونستعمل وإن تكدست تراكمت وانتشرت وزحفت على كل شبر من أرضنا نظيف فهي لن تكون مهما تعاظمت أضرارها أعظم من زبالتنا السياسية حيث نجد فيها السياسة القملية التي تحمد على التخفي ومص الدم منهجا وأسلوبا. والسياسة البرغوثية التي تعتمد نفس الاسلوب والمنهج وتزيد عليه القفز العالي والطيران أرض جو. والسياسة الجربية التي تتوخى في تعاطيها مع الظروف حك الجلد و«همز المرافق» و«المجراب تهمزو مرافقو» فيطلق عقيرته للصياح ورجليه للريح والسياسة الفرطاسة وهي تعتمد على «البروكة» من اي شعر مصنوعة كانت من شعر الثعالب أم الذئاب أم الخنازير أم ذيول البغال للتغطية والتخفي والإيهام والتضليل.
اعذروني إن كنت متخلفا ذهنيا وتجاوزني الزمن وبدائي العلاج في زمن تهريب الأدوية الأدوية المضادة للفيروسات والجراثيم. اذا طالبت وزارة الصحة العمومية بتوفير الدواء الذي كان يستعمله الاجداد ضد القمل والبرغوث والجرب والفرطس وهو «القاز» والقطران ودواء البرغوث الثوري على حساب بنك التعويض وصناديق التمييع لأولاد الربيع.