أصدر المرصد التونسي لاستقلال القضاء البلاغ التالي : إن المرصد التونسي لاستقلال القضاء بعد وقوفه على المعطيات المنشورة بمختلف وسائل الاعلام المتعلقة بنتائج رقابة دائرة المحاسبات على التصرف الإداري والمالي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبعد الاطلاع على المواقف المعلنة للأطراف المعنية يبدي الملاحظات الأساسية التالية : أولا : الوقائع لقد مثل نشر مقتطفات من تقرير منسوب لدائرة المحاسبات حول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات سابقة خطيرة أثارت ردود فعل مختلفة.
1 التسريبات
من الملاحظ أن المعلومات الدقيقة التي تم نشرها في عدد من وسائل الاعلام بخصوص الموضوع المذكور قد استندت إما إلى «مصادر خاصة» أو إلى «مذكرة عن دائرة المحاسبات» أو إلى «تقرير أوّلي» صادر عنها وقد اتضح دون شك أن المعلومات المنشورة هي تسريبات لجزء من نتائج أعمال دائرة المحاسبات بمناسبة رقابتها على الهيئة وقد تعلق التداول الاعلامي بمادة موحدة تم نشرها بداية من يوم 13 نوفمبر 2012 بالصحافة المكتوبة (الصباح والشروق) والصحافة الالكترونية (الحصري وأرابسك TV وغيرهما) ووكالة أنباء خاصة ( بناء نيوز) وقناة تلفزية خاصة (التونسية) . ونشير في هذا السياق أنه وردت على المرصد معلومات تفيد أن الوثيقة موضوع التداول قد تم توجيهها إلى المجلس الوطني التأسيسي ورئاسة الحكومة. ويلاحظ أن التسريبات تضمنت أساسا بيان التجاوزات الإدارية والمالية التي وصفت بالخطيرة والتي شابت خاصة التصرف في ممتلكات الهيئة وصرف المنح والأجور ومصاريف التظاهرات.
2 المواقف
لقد تم تسجيل موفقين رسميين في اليوم اللاحق للتسريبات صدرا بإذاعة خاصة (موزاييك 14 نوفمبر 2012) عن كل من المقرر العام لدائرة المحاسبات بصفته الناطق الرسمي باسمها من جهة ورئيس الهيئة العليا للانتخابات من جهة أخرى. وقد تمسكت دائرة المحاسبات في تعاملها مع الهيئة باحترامها للإجراءات القانونية الخاصة بنشر نتائج الرقابة وأفادت أن الهيئة لم تجب بعد على ملاحظات الدائرة كما استبعدت أن يكون التسريب قد تم من قبل أحد أعضائها كما أكد رئيس الهيئة أن ما تم نشره هو جزء من تقرير تسلمه بطريقة غير رسمية من فريق الرقابة الراجع إلى الدائرة وأنه سيتولى الإجابة عنه وتمسك بحق الهيئة في احترام الإجراءات القانونية من قبل من يراقبها وندد بالتوظيف السياسي للمعلومات المسربة. ثانيا : الإجراءات والضمانات يخضع التصرف الإداري والمالي للهيئة العليا المستقلة للانتخابات في إطار أدائها لمهامها إلى الرقابة اللاحقة لدائرة المحاسبات وفق الفصل الثالث من المرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 المتعلق بإحداث هيئة عليا مستقلة للانتخابات. وفي هذا الإطار تتولى دائرة المحاسبات مراقبة كافة العمليات المالية المنجزة من قبل الهيئة ونشر تقرير يتضمن نتائج رقابتها بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية حسب مقتضيات المرسوم المحدث للهيئة. وتمثل رقابة دائرة المحاسبات على تصرف الهيئة شكلا من أشكال الرقابة الخصوصية المسندة بمقتضى نص خاص إلا أن صيغ ممارستها لتلك الرقابة لا تخرج عن المقتضيات العامة للرقابة المنصوص عليها بالقانون المؤرخ في 8 مارس 1968 المتعلق بتنظيم دائرة المحاسبات والأمر المؤرخ في 29 ماي 1971 المتعلق بسير دائرة المحاسبات وهي أساسا حق الرد والمصادقة على نتائج الرقابة من قبل الجلسة العامة للدائرة. ثالثا : الخروقات يتضح أن الخروقات المترتبة عن التسريبات قد تعلقت بدائرة المحاسبات وبالهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
1 من جهة الدائرة
تمثل التسريبات تعديا على المحكمة في مستويات ثلاثة : على مستوى موقعها كمؤسسة دستورية تمثل القضاء المالي وتشكل جزءا من السلطة القضائية. على مستوى الصبغة السرية للملاحظات : إذ يقتضي الأمر المحافظة على تلك السرية بداية من إجراءات التحقيق إلى غاية مصادقة الجلسة العامة للدائرة على التقرير النهائي على مستوى الإجراءات القانونية : إذ يتعين نشر التقرير بعد استيفاء حق الرد من قبل الهيئة ومصادقة الجلسة العامة للدائرة .
2 من جهة الهيئة :
من الواجب التنبيه الى أن المعلومات المذكورة تبقى قابلة للدخض في صورة استظهار الهيئة لدائرة المحاسبات بوثائق إثبات في الغرض كما أن التسريبات في حد ذاتها تمثل تعديا على حق الرد المكفول قانونا للهيئة وما يتضمنه ذلك من حقوق الدفاع. وان المرصد التونسي لاستقلال القضاء إذ يعرض تلك المعطيات . يؤكد على خطورة النشر والتسريبات وتداعياتها المباشرة على استقلالية القضاء المالي وحياده ومصداقية قراراته. يوضح أن الصبغة السرية لأعمال دائرة المحاسبات تسري على العموم وبالأحرى على السلطات السياسية . يدعو إلى فتح تحقيق في وقائع التسريب بقصد تحديد المسؤوليات. ينبه إلى ضرورة النأي بنتائج أعمال دائرة المحاسبات وتقاريرها عن التجاذبات السياسية. عن المرصد التونسي لاستقلال القضاء