الفن السابع أو السينما من اهم الفنون التي عرفتها الانسانية لهذا تعمل بلادنا على تفعيل دوره في الحياة الثقافية عامة من خلال تنظيمها لدورات ايام قرطاج السينمائية منها الدورة الحالية (24) من 16 إلى 24 من الشهر الجاري. لكن السؤال المطروح هل ستقتصر العروض على قاعات تونس العاصمة الاجابة ستكون ب«نعم» لان جل القاعات السينمائية بالولايات المجاورة مغلقة؟ وهل أن ذلك دليل على ازدهارها في العاصمة مقابل «إفلاسها» في الجهات سيما بعد هامش الحرية الذي وفرته ثورة 14 جانفي؟ إنها فعلا المفارقة العجيبة..
بل هناك قاعات اصبحت مركزا لبعض الانشطة التجارية وابرز مثال على ذلك قاعات ولاية بنزرت 11 قاعة مغلقة منذ ما لا يقل عن ثمان سنوات. فماهي الاسباب الحقيقية وراء اغلاق هذه القاعات؟
ولاية بنزرت من اهم ولايات الجمهورية لكنها دون قاعات سينما. في هذا الموضوع تحدث الينا السيد الهادي الحداد مدير قاعة ماجستيك Majestic حيث قال «اغلقت (تولى ادارة القاعة منذ سن16 سنة إلى سن 39 سنة اصغر مدير قاعة سينما في تونس) حيث اغلقت القاعة منذ 31 ديسمبر 2007 بعد 23 سنة من النشاط فقد حققت سنة 1991 حوالي 178.000 متفرج إلى ان وصلت سنة 2007 إلى 6000 متفرج فقط. .وهذا ناتج بالأساس للأسباب المادية تراجع نسبة الوافدين وبالتالي العجز في تغطية المصاريف امام ضعف المداخيل اضافة إلى العقلية السائدة التي لا تستطيع التفرقة بين المتعة في مشاهدة فيلم على شاشة كبيرة واضحة الصوت و الصورة وبين المشاهدة على قرص DVD صورة تكاد تكون غائبة وصوت غير صاف وهذا لثمنه الرخيص».. مضيفا في ذات السياق «والان اضع القاعة كمحل للكراء لكن بشرط المحافظة على نشاطها الثقافي».
وهذا ما يؤكده ايضا السيد محمد العربي مدير قاعة سينما بمدينة منزل بورقيبة منذ 1998 ( كاتب عام الغرفة النقابية للسينما سابقا): «الاسباب مادية بحتة في غلق القاعة المصاريف تفاقمت وتراكمت امام تراجع المدخول رغم اعانات الدولة في تلك الفترة لكن دون جدوى والآن «كل شيء تبدل» خاصة بعد ظهور وانتشار الفضائيات والأنترنات فقد ساهمت مساهمة كبيرة في تعطيل وتغييب دور قاعات السينما الثقافي «..وفي كلمة وما ثماش حل».
ولدراسة شاملة لهذا الموضوع التقينا بعض شباب الولاية وكانت آراؤهم متقاربة فمنى (تلميذة تعليم ثانوي) حيث اعتبرت ان «من الاماني عودة القاعات إلى نشاطها الثقافي لتتمكن من مشاهدة الافلام رفقة الاصحاب وقت الفراغ لكن مع ضرورة وجود مراقبين داخلها لان هناك بعض المظاهر المخلة بالآداب ويمكن اعتبارها من الاسباب الرئيسية في تراجع الاقبال عليها». أما الانسة ابتسام التي أكدت «انها لا تذهب إلى قاعات السينما لان كل الافلام متوفرة في البيت أو على الشبكة العنكبوتية.
.» أما السيد عبد العزيز ولي : بين ان «السبب الرئيسي هو انتشار الانترنات والمواقع الاجتماعية التي تسمح بنشر أي فيلم جديد فضلا على خيار التوجه إلى محلات كراء الافلام وظهور انواع متطورة وحديثة من اجهزة الالتقاط». هذه الاشكالية تبقى محل متابعة. فهل يمكن اعتبار قاعات السينما البنزرتية ضحية لتطور فكري تكنولوجي أم هناك اسباب اخرى وماهو دور وزارة الثقافة لإنقاذ هذه القاعات من النسيان.