قادتني الصدفة في غضون الأسبوع الماضي الى حضور مباراة لحساب دوري النجوم القطري بالدوحة بين نادي السيلية الذي يدرّبه التونسي ماهر الكنزاري ونادي لخويا الذي يشرف على حظوظه البلجيكي اريك قيريتس... وتابعت بعض المباريات الأخرى لهاته المسابقة على قناة الدوري والكأس اضافة الى لقاء المنتخب القطري ونظيره اللبناني لحساب تصفيات كأس العالم الآسيوية.. القاسم المشترك الذي شدّني الى جميعها كان عنصر الفرجة إذ استمتعت حقا بالعروض الكروية التي شاهدتها طوال الاسبوع الذي قضيته بالدوحة وبالطابع الهجومي الذي ميّز أداء كافة الفرق مهما كان الرهان الذي تلعب من أجله،
وخلاصة القول انني عاينت كرة بدون حسابات كثيرة، ترتكز على المهارات الفردية والابداعات الثنائية وتطلّع جميع اللاعبين الى ابراز فنياتهم وخلق فرص التهديف ديدنهم الوصول الى الشباك فتراهم يلعبون لبلوغ المتعة الذاتية أوّلا وامتاع الجماهير ثانيا مكرّسين بذلك أن كرة القدم هي من قبيل السهل الممتنع التي لا تتطلب تكتيكات جهنمية ولا مخططات حربية ولا «بلوكات» «blocs» ولا تخمة من «البيفوات» «Pivots» ولا تنظير ولا تحاليل عبقرية...
هذه وللأسف مواصفات كرتنا التي أصبحت ترتكز قبل كل شيء على مبدإ عدم قبول أهداف وعلى السعي بالأساس الى تعطيل هجوم الخصم فتتحوّل مباراة كرة القدم الى معركة تهديمية لا مكان فيها للفنيات والمهارات... يخرج منها المتفرّج مكبوتا وكأنه لم يشاهد مباراة كرة قدم...
تلك هي العلامة المميّزة لكرتنا، قد تنجح مرّة في تحقيق نتيجة معيّنة، لكنها تقود حتما الى الفشل العارم... وهو ما يحدث لكرتنا... أصبحت فرقنا لا تلعب كرة، أصبح منتخبنا لا يوفّر فرجة... من كثرة الحسابات والتخطيطات.
أصبحنا نقول: «لابد ان نبيل معلول يملك الحل لإيقاف الأهلي، أو إن لسامي الطرابلسي الوصفة للحدّ من خطورة الهجوم المنافس ونسينا بل أنسونا أن كرة القدم أساسها الهجوم وخلق أكثر ما يمكن من الفرص والعمل على التهديف لا على عدم قبول الأهداف... تلك هي الآفة التي تعاني منها كرتنا... وإني بالمناسبة أدعو كافة المحلّلين العبقريين الى التطرّق الى هذه المسألة علّهم يجدون فيها إجابة على تدهور مستوى كرتنا وسببا خفيا من أسباب انتشار مظاهر العنف».