مع انطلاقة كل موسم كروي جديد وفي الوقت الذي تتحرك فيه قاطرة البطولة الوطنية جولة بعد جولة تترسخ القناعة لدى جماهير الكرة في تونس أن اللاعبين الأجانب الذين تنتدبهم فرقنا بمبالغ مالية منتفخة جدا لا يمثلون الحل الأنسب لتطور كرتنا. تكديس الأجانب من طرف رؤساء أنديتنا يأتي إما في إطار «البروبقندا» لغايات أخرى أو طريقة لذر الرماد على أعين الأحباء وإسكات الأفواه المعارضة للحفاظ على كرسي الرئاسة. الحقيقة واضحة والتأكيد جاءنا من صيام الأقدام المستوردة وعجز أغلبها عن تأمين الإضافة التي جاؤوا من أجلها، والأعظم من كل ذلك أنهم قطعوا لوجودهم في بطولتنا الطريق أمام المشروع المحلي لصناعة الشبان وتكوينهم.
«ماكس» وحقيقة الميدان
قدوم اللاعب التشادي «كارل ماكس» إلى بطولتنا شكّل الحدث الأبرز لجماهير الكرة في تونس ولأحباء الإفريقي بالخصوص فهذا اللاعب العملاق (بدنيا وليس فنيا) الذي قدم من فريق الدفاع الحسيني المغربي ومن بطولة لا يمكن اعتبارها محرارا لتحديد قيمة ورفعة مستوى من ينشطون بها من لاعبين كان على مقربة من الدخول إلى حديقة الترجي الذي كان أول من رغب في انتدابه قبل أن تختطفه مليارات سليم الرياحي، اعتقدنا أو هكذا تهيأ لنا وللجميع أنه العصفور النادر الذي بحث عنه الإفريقي طويلا لكن صدم الجميع بمستوى فني ليس أفضل مما هو متوفر في الرصيد البشري من الشبان، «ماكس» لم تشفع له المليارات التي جاءت به أن يكون أساسيا في تشكيلة الإفريقي، فتقاسم مع الشاب سيف الدين الجزيري فترات الظهور في التشكيلة لكنه حتما لم يتقاسم معه المليارات التي جناها وعجز إلى الآن عن الاحتفال بهدفه الأول مع فريق «الشعب».
«مازو» النجم وبيضة الديك
لاعب آخر سبقت قدومه إلى تونس هالة إعلامية كبيرة وهو النيجري ومهاجم «سيسكا موسكو»، «موسى مازو» اذ صرفت لأجله خزينة النجم الساحلي قرابة المليار والنصف من أجل الظفر بتوقيعه وظن أحباء النجم ومن قبلهم مسؤولو الفريق أنه السلاح الفتاك الجديد الذي سيرهب به النجم الساحلي منافسيه لكن وقع الصدمة كان شديدا على الجميع وأولهم المدرب منذر كبير الذي عبثا حاول في البداية أن يجد لمردوده المتواضع في مباراتي الترجي ذهابا وإيابا (رابطة الأبطال) وضد سان شاين النيجيري التبريرات المناسبة قبل أن يدرك في النهاية أنه ليس المهاجم الذي يبحث عنه النجم وليس البيضة التي ستخرج من جوف الديك ومع ذلك لم يستطع أن يلزمه بنك الاحتياط حتى لا يكون محل سخط كبير وموضع اتهام بأنه تخلى عن لاعب كلفة قدومه إلى النجم تساوي المليارات.
«بوقال» خارج الحسابات والبلايلي عجلة خامسة
الترجي الرياضي الذي نجح فيما مضى في الظفر بالدبابة النيجيرية مايكل انرامو ثم بديله «يانيك نجانغ» انخرط بدوره في بعض الانتدابات العشوائية والمتعجلة وإذا كان البعض منهم قد غادر دون رجعة ومن بينهم المدافع المالي إدريسا كوليبالي فإن البعض الآخر مازال يرتع داخل حديقة حسان بلخوجة لعل أبرزهم الفرنسي القادم من الفريق الثاني لنادي تولوز «جون دافيد بوقال» الذي يقبض الملايين من أجل المشاركة في بعض الحصص التدريبية ويغيب عن الأخرى في الوقت الذي لم تستجب فيه هيئة الترجي لبعض الشروط البسيطة للاعبها الشاب إدريس المحيرصي والترفيع في الامتيازات التي يحصل عليها الترجي انتدب أيضا الوهراني يوسف البلايلي لكن هذا اللاعب كان بمقدوره الإفادة خاصة في اللقاءات الأخيرة حين أصيب يوسف المساكني وتراجع مردود وجدي بوعزي لكنه لم يغادر بنك الاحتياط إلا لدقائق قليلة في مشوار رابطة الأبطال وكان بمثابة عجلة احتياطية في مباريات البطولة.
نجوم محلية لتأثيث البنك
فرقنا التي انتدبت أسماء أجنبية من الدرجة الثالثة انخرطت أيضا في السوق المحلية بالتعاقد مع بعض اللاعبين الشبان الذين كانوا نجوما في فرقهم ثم إحالتهم بدون موجب على البطالة الكروية بعد أن صرفت في شأنهم الملايين والملايين والأمثلة في هذا الشأن قد لا تحصى وسنكتفي باستعراض قيمة الصفقة التي انتقل بواسطتها هتان البراطلي من النادي البنزرتي إلى النادي الإفريقي (600 مليون) ولاعب مستقبل المرسى بلال بن مسعود الذي تحول إلى النجم بنفس المبلغ لنسأل في الأخير لماذا ظلّ هؤلاء اللاعبون خارج حسابات مدربيهم؟