مكتب تشغيل الاطارات والعمل المستقل هو عنوان يقصده الاف العاطلين عن العمل بحثا عن امل جديد في الشغل وتوديع البطالة. فما الذي تغير في هذا المكتب؟ وما رأي الباحثين عن العمل في عروض الشغل المقدمة اليوم وبعد مرور حوالي السنتين منذ اندلاع الثورة ؟ وقع احداث مكتب تشغيل الاطارات والعمل المستقل في عهد المخلوع للايهام بان الدولة تسعى للمساهمة في الحد من البطالة وتوفر الفرص لخريجي الجامعات واصحاب الشهائد المعطلين عن العمل للاندماج في سوق الشغل والتخلص من البطالة. لكن بعد الثورة برز للعيان زيف هذا الهيكل والهدف الرئيسي منه وهو ذر الرماد عن العيون وجعل الشباب يتعلق بامال واهية ووهمية وتلهيته بجملة من العروض الوهمية التي لم تساهم الا في تكديس العاطلين وتزايد اعدادهم سنة بعد اخرى؟ فهل تغيرت مهمة هذا المكتب بعد الثورة؟ وماهي نظرة العاطلين لعروض الشغل ؟
وجوه مكفهرة يشوبها القلق وتغمرها الحيرة تعترضك عندما تلج مكتب تشغيل الاطارات. عدد هام من العاطلين عن العمل يتوزعون داخله يطالعون المعلقات التي تعلن عن عدد من المناظرات ويتصفحون مواقع الوزارات بحثا عن فرصة للشغل. اقتربنا من الشاب عبد الغني سليمي متخرج منذ سنة 2009 ومتحصل على الماجستير شعبة فنون جميلة. سألناه عن رأيه في العروض المقدمة وعن الخدمات التي يقدمها مكتب تشغيل الاطارات لخريجي الجامعات الان وبعد مضي حوالي السنتين من انطلاق الثورة .
انسداد الآفاق
عبد الغني قال ان الوضع اصبح اسوأ مما كان عليه قبل الثورة مؤكدا انه متحصل على الماجستير في الفنون الجميلة. هذه الشهادة تخول له العمل كأستاذ تعليم عالي مساعد لكن الامل مفقودا. وأوضح انه ومنذ تخرجه لم يظفر بأية فرصة للعمل وان المحيطين به كذلك يعيشون الوضع نفسه. فالافاق مسدودة كما يرى عبد الغني ويضيف قبل الثورة كنا نسمع عن فلان تحصل على عمل واخر تمكن من الاندماج في احدى المؤسسات اما الان ومنذ اندلاع الثورة التي قامت على حق الشباب في العمل لم اعد اسمع ان احدا ما تحصل على وظيفة أي كان نوعها .
فالوضع مزر وسيئ ولا ينبئ بخير في عين عبد الغني خاصة وان مكتب التشغيل ظل يعمل بالاليات نفسها التي كان يعمل بها في عهد بن علي . التشاؤم ذاته لمسناه من خلال حديثنا مع نرجس متحصلة على الاستاذية في اللغات المطبقة ومتخرجة منذ سنة 2005، حيث قالت كل شيء اصبح يسير نحو الاسوإ فمنذ سبع سنوات وانا ارتاد مكتب التشغيل وفي كل مرة اخرج منه يلفني اليأس والاحباط وتغمرني الكآبة بسبب انسداد الافق وقد ازداد الامر سوءا بعد الثورة عندما نجد ان عروض الشغل جميعها تشترط على المترشح امتلاكه للخبرة. وتساءلت كيف يمكنني اكتساب الخبرة وكل الابواب مقفلة امامي ؟
عروض وهمية
الانسة نورة متحصلة على الاستاذية في الحقوق ومتخرجة منذ سنة 2005 قالت ان مكتب التشغيل لا يقدم سوى العروض الوهمية التي ترمي طالبي الشغل في دائرة المتحيلين فهناك عدد من شركات الخدمات التي نجد اعلاناتها هنا بهذا المكتب مختصة في التحيل على خريجي الجامعات وغيرهم وقد وجدت في عهد بن علي وللاسف الشديد مازالت موجودة الى الان وقد تعرضت شخصيا للتحيل من قبل احداها بعد ان أغرتني عروضها الوهمية .
هذا الامر عانت منه سامية متحصلة على الاستاذية في التصرف ومتخرجة منذ سنة 2004 حيث اكدت لنا انها ومنذ تخرجها مواظبة على الاطلاع على عروض الشغل التي يقدهما هذا المكتب ولكنها تتأكد كل مرة انها امام عروض وهمية وان الشرط الاول والاخير للحصول على عمل هو «الواسطة» والمحسوبية وترى ان الامر لم يتغير بعد الثورة .
ويرى انيس ( متحصل على الماجستير في المالية ) ان مكتب تشغيل الاطارات يتعامل بجمود كبير مع طالبي الشغل والدليل عدم تثبته من العروض المقدمة التي نكتشف انها مجرد حبر على ورق عند الاتصال بالمؤسسات والشركات المعنية التي نتفاجأ انها قدمت عرض الشغل الموجودة بالمكتب منذ اكثر من سنة والعاملون به لم يكلفوا انفسهم عناء ازالته او التثبت من وجوده.
الخبرة
يرى كل من محمد خلفاوي وايمن وعماد ان شرط الخبرة في عروض الشغل يعتبر العائق الاكبر امام طالبي الشغل وانه من الامور المقلقة التي أحبطت الشباب في عهد المخلوع والمؤسف وبعد قيام الثورة في تونس لم تهب رياح التغيير على هذا الشرط وظلت العروض المقدمة تشترط الخبرة. وهو شرط تعجيزي كما يراه محمد خلفاوي ويقول لماذا لا يقع استبدال شرط الخبرة بشرط التربص حتى يسهل علينا الامر قليلا؟ محمد متحصل على شهادة في الالكترونيك يقول ان امام خريجي هذه الشعبة الذين زاولوا تعليمهم في مراكز التكوين مشكلة كبرى تتمثل في عدم الاعتراف بشهائدهم ولذلك فهم محرومون من المناظرات التي تقدمها وزارتا الدفاع الوطني والداخلية وتساءل لماذا يقبل المتخرج من المعاهد العليا في هذه المناظرات ولا نقبل نحن؟
عماد متحصل على الاستاذية في المحاسبة يرى ان عروض الشغل ما بعد الثورة وهمية وتعجيزية وان افاق التشغيل أصبحت اكثر ضيقا من ذي قبل، مؤكدا ان الحكومات التي تتالت منذ اندلاع الثورة ظلت وفية في بيع الاوهام للشباب العاطل عن العمل وهو أمر سيّئ ولا ينبئ بخير .
أما أيمن فأكد للشروق ان مشكلة البطالة في تونس لا يقع حلها بوجود مكاتب التشغيل بل بوجود ارادة سياسية حقيقية بعيدة عن بيع الاوهام للشباب وتقطع مع الماضي بكل اشكاله ومن ذلك اعادة النظر في مهام مكاتب التشغيل ووزارة التشغيل برمتها . مكتب تشغيل الاطارات والعمل المستقل هو عنوان يقصده الاف العاطلين عن العمل بحثا عن امل جديد في الشغل وتوديع البطالة. فما الذي تغير في هذا المكتب؟ وما رأي الباحثين عن العمل في عروض الشغل المقدمة اليوم وبعد مرور حوالي السنتين منذ اندلاع الثورة ؟ مكتب تشغيل الاطارات والعمل المستقل هو عنوان يقصده الاف العاطلين عن العمل بحثا عن امل جديد في الشغل وتوديع البطالة. فما الذي تغير في هذا المكتب؟ وما رأي الباحثين عن العمل في عروض الشغل المقدمة اليوم وبعد مرور حوالي السنتين منذ اندلاع الثورة ؟