مثّلت زيارة رئيس الجمهورية المؤقت المنصف المرزوقي يوم الثلاثاء المنقضي إلى عدد من معتمديات ولاية المهدية فرصة لاكتشاف حجم التهميش الذي عانت منه خاصة المناطق الداخلية وسط احتجاجات عدد من المواطنين المطالبين بالتنمية والتشغيل. وأدّى رئيس الجمهورية المؤقت زيارات ميدانية قادته في جولة قصيرة إلى ميناء الصيد البحري، والمدينة العتيقة بالمهدية، ومنها إلى ميناء الصيد البحري بالشابّة، حيث التقى بالمواطنين وعدد من البحارة واستمع إلى شواغلهم ومطالبهم المتمثّلة أساسا في تحسين وضعياتهم المهنية والتصدّي لاحتكار تجار الميناء ومساعدتهم على تحمّل أعباء المصاريف الطائلة التي يتكبّدها أرباب العمل وأصحاب المراكب جرّاء الصيانة المكلفة لأسطول الصيد البحري وتواصل غياب الدعم الكافي والمنح الخاصّة بصغار البحارة، واستغلّ الحاضرون الفرصة ليطلبوا من رئيس الجمهورية المؤقت التدخّل العاجل لحلّ معضلة الأقفاص العائمة لتربية الأسماك المشيّدة في عرض البحر والتي ساهمت في تردّي الوضع البيئي جرّاء ما تفرزه من فضلات كيميائية أثّرت على مخزون الثروة السمكية وأضرّت بمصالح البحارة الذين يعتمدون على الصيد الساحلي لتوفير لقمة العيش، قبل أن يعرّجوا على مشكل برج خديجة الأثري الذي تمّ الاعتداء على حرمته من طرف إحدى الشركات الخاصة.
وفي زيارته لمعتمدية شربان استمع رئيس الجمهورية لشواغل البحارة الذين طالبوا بتحويل المرفإ الذي يعود تشييده إلى سنة 1991 إلى ميناء بمواصفات جديدة ومتطورة بعد أن غابت عنه مختلف مظاهر الحياة في الفترة الأخيرة، وتنوير المدخل البحري وتوسيعه بزيادة حوضين من الجهة الغربية لاستيعاب السفن الكبرى، وتهيئة وتعبيد وتنوير المدخل البري، وربط الرصيف بالماء الصالح بالشرب، وتشغيل محطة الوقود ومصنع الثلج، وتسييج الميناء، وتوفير حراسة دائمة به، وإصلاح الرافعة المعدة لاستخراج السفن، وإحداث مركز حرس بحري وفرع لإدارة الموانئ البحرية، ودعم البحارة بالمساعدات اللوجستية، وتسهيل إجراءات حصولهم على قروض، وتأمين التغطية الاجتماعية لهم وتسوية مختلف الملفات العالقة في هذا الشأن.
كما عاين رئيس الجمهورية انطلاق التحضيرات لتوطين مشروع صيني ضخم لتربية جراد البحر (القمبري) هو الأول من نوعه في شمال إفريقيا بسبخة ملولش على مساحة ناهزت 120 هكتارا وبكلفة تتجاوز 5 ملايين و500 ألف دينار، وسيساهم فيه الجانب الصيني بأكثر من 4 ملايين و600 ألف دينار في حين يتكفل مجلس التنمية بولاية المهدية ب500 ألف دينار. وتتمثل مكونات المشروع في بناء مفرخ لسمك جراد البحر وأحواض للتسمين وبئر عميقة ومخابر ومكاتب إدارية وشقق لإيواء الخبراء وأحواض لتنقية المياه... ومن المنتظر أن يدخل هذا المشروع حيز الإنتاج قبل موفى سنة 2013.
كما كان رئيس الجمهورية المؤقت على موعد مع عدد من المواطنين وممثلي المجتمع المدني والأحزاب السياسية بمعتمدية شربان، حيث زار تعاضدية «الفوز» للخدمات الفلاحية واطلع على جانب هام من نشاطها الموجّه لخدمة الفلاّحين في المنطقة ومساعدتهم على مجابهة الصعوبات والعراقيل التي تعترض سير عملهم اليومي وسط تجمهر عدد من الفلاحين أمام هذه المؤسسة لينقلوا مشاكلهم ومعاناتهم جرّاء تردّي القطاع وما وصل إليه حال الفلاح في جهة يرتكز نشاطها الأساسي على الفلاحة وما توفّره الأرض من إنتاج هو مصدر رزقهم الوحيد.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مقرّ ولاية المهدية شهد حالة من الاحتقان والاحتجاجات تزامنا مع حضور مئات المواطنين الراغبين في مقابلة رئيس الدولة لإبلاغه مشاكلهم ومطالبهم.
