غصت قاعة المونديال حتى اضطر عدد من عشاق السينما الى متابعة الشريط وقوفا، حدث هذا في أكثر من شريط تونسي قصير. «صباط العيد» من بين الأفلام التونسية القصيرة المدرجة في المسابقة الرسمية وقد تابعه جمهور غفير لم تستطع المقاعد استيعابه فاضطر عدد كبير من محبي السينما الى متابعة الشريط في عرضه الأول ظهر الخميس وقوفا.
هذا الشريط من انتاج نجيب عياد واخراج أنيس الأسود ويستغرق 26 دقيقة ويتقاسم بطولته فرحات الجديد والطفل نادر التليلي مع ظهور لافت للعربي الخميري ومجموعة أخرى من الممثلين.
هذا الشريط أعاد فرحات الجديد الى الشاشة الكبيرة بعد غياب طويل تواصل منذ الثمانينات مع «الهائمون في الصحراء» و«عبور» وفي هذا الشريط يعود الجديد الى الفن السابع الذي لم يلق فيه حظا مثل عدد كبير من الممثلين التونسيين.
الشريط ينطلق من حكاية بسيطة وهي تعلق طفل صغير «نادر» ويلقب في الشريط ب «الفلوس» بحلم شراء حذاء بمناسبة العيد ويشترط مواصفات معينة في الحذاء الذي يعجز والده «فرحات» على توفيره اذ ان ثمن الحذاء يصل الى الاربعين دينارا لكن الوالد لا يملك الثمن ويحاول اقناع التاجر بالتخفيض في الثمن لكنه يرفض اي تنازل فيعود الى القرية المزروعة في الجبل خائبا رفقة ابنه نادر.
يصاب الطفل بالكآبة ويتحول نومه الى كوابيس يرى فيها نفسه بحذاء طائر ويغرق في أحلامه الصغيرة غير عابئ بالمدرسة ولا بالدروس وتتحول حياة الاسرة الفقيرة الى كابوس بسبب تعلق الطفل نادر بالحذاء.
الطفولة الفقيرة
نجح أنيس الأسود في فتح نافذة على أحلام الفقراء وقدم حكاية بسيطة لكنها مفعمة بروح انسانية عارمة وأخاذة فأحلام الفقراء بسيطة وصغيرة لكن ضيق ذات اليد يحول دونهم وتحقيقها وقد برع المخرج في تصوير المشاهد الريفية الأخاذة لقرية مزروعة في الجبال يتنقل أبناؤها بصعوبة لتحصيل العلم. فيلم قصير لكنه عميق فيه الكثير من الحميمية والايقاع وهو ما يجعلنا ننتظر العمل الروائي الجديد لأنيس الأسود الذي نجح في تقديم شريط بمواصفات فنية وتقنية عالية. فعلا ان السينما التونسية تتقدم بجدية نحو آفاق جديدة ونجحت في تجاوز سينما الثمانينات التي كانت غارقة في البهارات الجنسية ورائحة البخور والحمام والختان والعذرية.