يد موضوعة على مقود السياقة وأخرى مرتبطة مع الهاتف الجوّال... أما التفكير فمنغمس في حكاية أو إشكال تنقله المكالمة الهاتفية... تلك هي صورة تكاد تكون يومية في طرقاتنا..لكنها صورة قد تنتهي بمأساة لصاحب السيارة ولمن تضعه الاقدار في الطريق «الشروق» حاولت معرفة تأثيرات سلوك التونسي المستعمل للهاتف الجوّال في طرقاتنا.. ومعرفة النتائج والانعكاسات المادية والاقتصادية والنفسية الناجمة عن «الثنائي» القاتل: الجوّال والسياقة.
أكدت مصادر من الجمعية التونسية للوقاية من حوادث الطرقات ومن المرصد الوطني لسلامة المرور ارتفاع نسبة الحوادث الناجمة عن السهو والناجمة عن استعمال الهاتف الجوّال أثناء السياقة. وتطوّرت استعمالات التونسي للجوّال في السياقة بين مكالمات ورسائل قصيرة وأنترنات.
الثانية القاتلة
قام المرصد الوطني لسلامة المرور بدراسة حول استعمال الهاتف الجوّال أثناء السياقة. وبيّنت الدراسة المخاطر التي يعيشها التونسي بسبب «السهو» وقلة الانتباه والتركيز الناجمة عن استعمال الجوّال أثناء القيادة.
وأكدت مصادرنا ان عملية السياقة تتطلب تركيزا تاما وانتباها مضاعفا حتى يمكن للسائق الاستجابة للمواقف المرورية الطارئة التي قد تحصل له وكي يتفطن الى مفاجآت الطريق، اذ ان لحادث المرور طابعا فجئيا ويمكن ان يكون الموت قادما بسبب ثانية من التأخير في ردّة الفعل حيث أظهرت البحوث ان الوقت الذي يستغرقه ردّ فعل السائق يزداد بمقدار يتراوح بين 0.5 ثانية و1.5 ثانية اذا كان يتحدث عبر الهاتف الجوّال.
وأكدت دراسة ان درجة انتباه سائق في العشرين من عمره بصدد استعمال الهاتف الجوّال أثناء قيادته للعربة تساوي درجة انتباه ويقظة شيخ في السبعين من عمره.
وتؤكد دراسة المرصد الوطني لسلامة المرور ان استعمال الهاتف الجوّال أثناء السياقة من أهم الأسباب التي تؤدي الى سهو السائق وعدم انتباهه فهو يصرفه عن متابعة حركة المرور ويؤخر استجابته للمواقف المرورية الطارئة، إضافة الى ما قد يحدثه مضمون المكالمة من انفعالات غضب او فرح من شأنها أن تزيد في تشتيت الانتباه وهو ما يتسبب في ارتفاع حصول حوادث المرور لاسيما مع ارتفاع عدد مستعملي الهاتف الجوّال. وقد أبرزت احصائيات سنة 2011 ان حوادث المرور المسجلة بسبب السهو وعدم الانتباه بلغت 17.51٪ من مجموع الحوادث. أما عامل الانشغال أثناء السياقة فقد سجل نسبة خطورة (عدد القتلى بالنسبة الى كل 100 حادث) قدرت ب 31.25٪.. وحسب احدى الدراسات فإن 12٪ من الحوادث سببها الهاتف الجوّال.
الفصل السابع
أوجب الفصل السابع من مجلة الطرقات ان تكون للسائق المؤهلات البدنية والنفسية اللازمة حتى يمكنه التحكم في عربته الا ان قيادة العربة أثناء اجراء المكالمة من شأنها ان تؤثر سلبا في تلك المؤهلات.
وأثبتت احدى الدراسات ان درجة انتباه السائق الذي يجري مكالمة هاتفية تتقلص بنسبة 50٪ كما ان مؤهلات من يقود سيارته وهو منشغل باجراء مكالمة هاتفية تعادل مؤهلات الشخص الذي هو تحت تأثير حالة كحولية ب 0.5غ من الكحول في اللتر الواحد من دمه.
وأكدت دراسة أخرى أن السائق الذي يتكلّم بالهاتف الجوّال أثناء السياقة معرض لخطر الوقوع في حادث او مخالفة مرورية 4 مرات أكثر من السائق الذي يركّز فقط على القيادة. ويقول المختصون ان السائق الذي يقود عربة في سرعة 90 كيلومترا في الساعة إذا ما سها لثانية واحدة يقطع مسافة 25 مترا دون ان يعي بذلك.
هاتف وقانون
أشارت مصادرنا من المرصد الوطني لسلامة المرور الى الأحكام القانونية المتعلقة بمخالفة استعمال الهاتف الجوّال أثناء السياقة. حيث نصّت أحكام الأمر عدد 2281 لسنة 2001 المؤرخ في 25 سبتمبر 2001 والمتعلق باتمام الأمر عدد 151 لسنة 2000 المؤرخ في 24 جانفي 2000 والمتضمن للقواعد العامة للجولان على منع استعمال الهاتف الجوّال أثناء سياقة العربات إلا اذا كان التخاطب به ممكنا دون استعمال اليدين او إحداهما. وبيّن المشرع ان ارتكاب هذه المخالفة يترتب عنه خطية مالية قدرها 60 دينارا.
من جهة أخرى بيّنت بعض الدراسات ان استعمال الهاتف الجوّال باستعمال السماعات «كيت» لا يقل خطورة عن استعماله عند حمل الجهاز باليد وتذكر هذه الدراسة ان الخطر يتمثل في غياب وتقلص التركيز أكثر مما يتعلق باستعمال الايادي.