ونظرا لما تتطلبه عملية السياقة من تركيز وانتباه كبيرين حتى يتمكن مستعمل العربة من السيطرة عليها والتفطن إلى مفاجآت الطريق في الوقت المناسب... فقد اهتم المرصد الوطني للإعلام والتكوين والتوثيق والدراسات حول سلامة المرور بهذا الموضوع وأعد ملفا تحسيسيا تحت عنوان "استعمال الهاتف الجوال أثناء السياقة... خطر" أبرز فيه مخاطر التحدث عبر الهاتف أثناء السياقة مستندا إلى بحوث وإحصائيات تؤكد إسهام المكالمات الهاتفية خلال القيادة في حصول المخالفات المرورية سهو... تشوّش في التركيز فحادث يصنف استعمال الهاتف الجوال أثناء السياقة من ضمن أهم الأسباب المؤدية إلى سهو السائق وافتقاده للتركيز والانتباه على الطريق وهو ما قد يسهم في إعطاء الحادث طابعا فجئيا لعدم قدرة السائق على الاستجابة للمواقف المرورية الطارئة. وحسب الإحصائيات التي يستدل بها المرصد فقد ثبت أن حوادث المرور الناجمة عن السهو أثناء القيادة بلغت 14,20% سنة 2007 خلفت 5,41% من مجموع القتلى و12,83% من مجموع الجرحى ومما جاء في دراسة المرصد أن لنوعية المكالمة المجراة دورا في ارتكاب المخالفات ووقوع الحوادث تبعا لما تحدثه من انفعالات غضب أو فرح من شأنها أن تفضي إلى تشتت الانتباه وضعف في التركيز وهذان العاملان يؤثران في زمن ردة الفعل حيث أظهرت البحوث أن الوقت الذي يستغرقه رد فعل السائق يزداد بمقدار يتراوح بين 0,5 ثانية و1,5 ثانية إذا كان الشخص يتحدث عبر الهاتف أثناء القيادة كما بينت البحوث أيضا أن درجة انتباه سائق في العشرين من عمره بصدد استعمال الهاتف الجوال تساوي درجة انتباه شيخ في السبعين من عمره. تأثير سلبي على مؤهلات السائق يستشهد الملف الذي أعده المرصد الوطني للمرور بالفصل السابع من مجلة الطرقات الذي يشترط أن تكون للسائق المؤهلات البدنية والنفسية اللازمة التي تخوّل له إحكام السيطرة على عربته خلال السير على الطرقات مبرزا في ذات الوقت أن قيادة وسيلة النقل أثناء إجراء مكالمة هاتفية تؤثر سلبا على المؤهلات المشترطة في السائق وقد أثبتت إحدى الدراسات أن مؤهلات من يقود سيارته وهو منشغل بإجراء مكالمة هاتفية تعادل مؤهلات سائق تحت تأثير حالة كحولية ب0,5غ من الكحول في اللتر الواحد من دمه فيما اعتبرت دراسة مماثلة أن السائق الذي يتكلم عبر الهاتف الجوال معرّض لخطر الوقوع في حادث أو مخالفة 4 مرات أكثر من السائق الذي يركز على السياقة وتدعيما لما سبق يبرز المرصد أنه في سرعة 90 كلم-س إذا ما سها السائق لثانية واحدة فإنه يقطع مسافة 25 مترا دون أن يعي بذلك كما وأنه خلال استعمال الهاتف الجوال يعسر على صاحب العربة المحافظة على مسافة الأمان التي تفصل بينه وبين وسيلة النقل التي أمامه بسبب عدم تركيزه. وفي ختام الدراسة يؤكد المرصد على وجوب التوقف على جانب الطريق في مكان مناسب وآمن عند تقبل المكالمات والامتناع كليا على استعمال الجوال أثناء القيادة لأن استخدام السماعات - وبعكس ما يعتقد الكثيرون - لا يقي من المخاطر إذ أظهرت الدراسات أن إجراء المكالمات باستخدام سماعات الهاتف يضاعف هو الآخر من احتمال وقوع الحوادث.